بعد نحو عام على ظهور التشكيلات المسلحة في شمال الضفة الغربية، وتصاعد المقاومة فيها، وصلت تلك التشكيلات أخيراً إلى مدينة طولكرم بشكل فاعل ونشط، إذ أعلنت “كتيبة طولكرم” عبر قناتها على “تلغرام” في بيان مصور تشكيل “مجموعات الرد السريع”، رداً على مجزرة الاحتلال الإسرائيلي بنابلس في 22 فبراير/ شباط الجاري، التي استشهد فيها 11 فلسطينياً، وقبلها مجزرتا أريحا وجنين.
“كتيبة طولكرم” أعلنت قبل يومين استهداف مستوطنة “آفني حيفتس” المقامة على أراضٍ في جنوب شرق طولكرم، وسبقتها بيومين عملية إطلاق نار على البوابة العسكرية “زيمر” الواصلة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مؤكدة تحقيق إصابات في صفوف جنود الاحتلال، ومهددةً “ببركانٍ من العمليات لن يخمد.
تعود تسمية الكتيبة بـ”الرد السريع”، تيمناً بالشهيد رائد الكرمي، قائد “كتائب شهداء الأقصى“، الذراع العسكرية لـ”حركة فتح” وأحد مؤسسيها في الضفة الغربية، مطلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (عام 2000)، الذي عُرف عنه سرعة الردّ بالعمليات المسلحة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، بعد اغتيال مسؤول “حركة فتح” الأول في طولكرم ثابت ثابت، والشابين معتز السروجي وطارق القطو نهاية عام 2000.
كان ظهور “كتيبة طولكرم” في وقت حساس، بعدما أعلنت مجموعات “عرين الأسود” في نابلس عقب استشهاد ستة من عناصرها في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، أن قطار المقاومة في الضفة الغربية قد انطلق، مؤكدة أنه “بعد انضمام طولكرم إلى المقاومة المسلحة واكتمال تشكيل خلاياها المقاومة، فإن الضفَّة الآن تملك درعاً وسيفاً”.
وكشف مصدر مقرب من “كتيبة طولكرم”، فضّل عدم ذكر اسمه في حديث لـ”العربي الجديد”، عن اكتمال تشكيل ما يعرف بـ”مثلث الرعب” (جنين، ونابلس، وطولكرم)، الذي نشط عام 2000 إبان انتفاضة الأقصى، وذلك بتنسيقٍ عالٍ على الصعد كافة، مع مجموعات “عرين الأسود” في نابلس، و”كتيبة مخيم جنين”.
ووفق المصدر، “فقد تمت إعادة هيكلية كتائب شهداء الأقصى في جميع محاور فلسطين، تحديداً في الضفة، حيث أعيد تشكيل هيكلية القيادة وإعادة النهج السابق للكتائب، ونحن لا نتبع لأجندة خارجية، وقرارنا واحد، هو مكافحة المحتل بشتى الطرق والسبل، وخيارنا هو الكفاح المسلح”.
ويأتي ما كشفه المصدر ذاته، مخالفاً لما أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس من مرسوم عام 2007، بحظر “المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية غير النظامية أياً كانت تبعيتها”، وهو ما رفضته “كتائب شهداء الأقصى”، ومعها الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية.
ما كان لافتاً، أن شعار “كتيبة طولكرم”، يحمل شعار “كتائب شهداء الأقصى”، ما أدّى إلى التساؤل عما إذا كانت تعبّر عن توجّه “حركة فتح” حالياً. وهنا، يجيب أمين سر الحركة في طولكرم إياد جراد في حديث لـ”العربي الجديد”، قائلاً إنها تعبّر عن الشعب الفلسطيني عموماً، وهي إفراز طبيعي لحالتي جنين ونابلس، التي جاءت انعكاساً لتصرفات الاحتلال.
ويؤكد جراد أن الكتائب المسلحة فرضت نفسها على الساحة، حيث ظهرت انعكاساً لانسداد الأفق السياسي، وتصاعد العدوان الإسرائيلي على نابلس وجنين والقدس، في ظل عدم قدرة السلطة الفلسطينية على الوصول إلى حل مع الإسرائيليين ينهي الصراع، والمشهد الوطني بات أكثر تضامناً مع الحالة النضالية والمقاومة في فلسطين.
وجاء انطلاق عمليات المقاومة لـ”كتيبة طولكرم” تزامناً مع انعقاد اجتماع العقبة الأردنية، الذي حضرته السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي. وترى “كتيبة طولكرم”، بحسب المصدر ذاته، أن ردع المقاومة غير مقبول، وعمليات الأخذ بالثأر مستمرة، وأن المفاجآت الكبيرة قادمة، فيما كشف المصدر عن أن ضغوطاً تمارس عليهم من جهات لم يذكرها، وذلك لإيقاف العمليات المسلحة ضد الاحتلال، إلا أن التعليمات لديهم واضحة بالاستمرار.
وكانت السلطة الفلسطينية قد مارست ضغوطاً متواصلة على عناصر مجموعات “عرين الأسود” في نابلس و”كتيبة مخيم جنين”، لتسليم أنفسهم مقابل عفوٍ من الاحتلال، إضافة إلى امتيازات وظيفية وأشياء أخرى شبيهة، إلا أن الضغوط لم تثمر شيئاً انعكس على نشاط المقاومين.
وبشأن إمكانية تكرار الضغوط على عناصر “كتيبة طولكرم”، وملاحقتهم أمنياً، يقول جراد: “لم يسبق أن حدثت ملاحقة بمعنى ملاحقة، وفي الإطار الوطني العام، لا أحد ضد أحد، لكن مخاوفنا دائماً من الفلتان والأمني والتسيب، وما يخلّ بقضايا الصراع، والمصلحة العامة”.
العربي الجديد