إيران تحمي وجودها في سوريا بصواريخ أرض جو

إيران تحمي وجودها في سوريا بصواريخ أرض جو

تسعى إيران لإنشاء شبكة دفاع جوي في سوريا تحد من وطأة الضربات الإسرائيلية التي تستهدف نفوذها في البلاد، والتي تستفيد من الحياد الروسي حيث لا تحرك موسكو ساكنا أمام الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقع إيران وحزب الله.

دمشق – أعلنت إيران أنها ستقوم بنقل صواريخ أرض جو جديدة الى سوريا، من طراز “خرداد 15″، في محاولة لمواجهة الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل ضد مواقع القوات والميليشيات التابعة لها في سوريا.

وتتولى إيران منذ يوليو العام 2020 قيادة الدفاع الجوي السوري، بموجب اتفاقية وقعها وزيرا دفاع البلدين. وكان ذلك في إطار شرخ نشأ عن شكوك أثيرت في ذلك الوقت تقول إن روسيا سمحت لإسرائيل بتوجيه ضربات الى مواقع القوات والميليشيات التابعة لإيران، لاسيما وأن القوات الروسية التي تقوم بالإشراف على تشغيل صواريخ أس 300، لم توجه ضربات للطائرات الإسرائيلية.

وحاولت موسكو نفي هذا الاتهام، ما سمح لدمشق بأن توكل إدارة دفاعاتها الجوية الى إيران. إلا أن هجمات الطائرات الإسرائيلية زادت منذ ذلك الوقت، ولم تنجح الدفاعات الإيرانية في التصدي للغارات الإسرائيلية.

وقالت هيئة الإذاعة الحكومية الإيرانية إن “سوريا بحاجة إلى إعادة بناء شبكة دفاعها الجوي وتطلب قنابل دقيقة لطائراتها المقاتلة”. وأضافت “من المرجح جدا أن نشهد إمدادات من إيران بالرادارات والصواريخ الدفاعية، مثل نظام 15 خرداد، لتعزيز دفاعات سوريا الجوية”.

وحتى يتم نصب منظومات الصواريخ الجديدة، فلن تتم معرفة مدى كفاءتها أو ما إذا كانت إسرائيل سوف تحد من سيطرتها على المجال الجوي السوري.

وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن تل أبيب لن تتوقف عن حملتها ضد الوجود الإيراني في سوريا، لاسيما وأن هذه الحملة “عطلت خطط إيران في المنطقة، وأن استهداف المزيد من الحرس الثوري الإيراني سيزيد الضغط على طهران”.

وذكرت الصحيفة أنه “يمكن زيادة الضغط على إيران في الشرق الأوسط بإلحاق الأذى بالناشطين وكبار أعضاء الحرس الثوري، الذين يلعبون أدوارا مختلفة في جهود إيران لترسيخ نفسها في المنطقة، وفي مشاريعها العسكرية أيضا في مناطق مختلفة”.

وأضافت معاريف أن “المؤسسة الأمنية تعتقد أن نشاط سلاح الجو (الإسرائيلي)، خاصة في سوريا، عطل خطط إيران لنشر قوات وقدرات أكبر بكثير في سوريا، في جزء من الاستعدادات للحرب ضد إسرائيل يوما ما، وأن هذا النشاط أضر بشكل كبير بوتيرة تقدم حزب الله في مشروع الصواريخ الدقيقة ووتيرة تجهيز أنظمة الأسلحة المتطورة الأخرى”.

ويقول خبراء عسكريون إن ما كان يبدو منافسة على قوة الحضور بين روسيا وإيران في العام 2020، لم يعد كذلك الآن. من ناحية، لأن روسيا لم تعد قادرة على تكريس إمكانيات عسكرية داخل سوريا، هي بحاجة لها في أوكرانيا. ومن ناحية ثانية، لأن الوجود الإيراني محصور في مناطق مستقلة، ما يوفر على القوات الروسية تكاليف الدفاع عنها أو أعباء الاتهامات بالفشل فيها. ومن ناحية ثالثة، لأن نفوذ الطرفين السياسي بات مستقرا وحدوده معروفة.

وسمح الفصل في مناطق الانتشار لإسرائيل بأن تستهدف القواعد الإيرانية وأماكن انتشارها على وجه حصري. وهو ما يوفر لطهران الآن تبريرا لدعم هذا الانتشار بصواريخ أرض جو.

وكانت مجلة “نيوزويك” الأميركية نقلت الأربعاء الماضي عن مصدر استخباراتي القول إن إيران سعت إلى إنشاء شبكة دفاع جوي شاملة في سوريا من خلال إرسال معدات وأفراد إلى سوريا، في مشروع سعت إسرائيل إلى إحباطه من خلال الغارات الجوية المتكررة.

وقال المصدر إن الأسلحة التي حاولت إيران تركيزها في سوريا تشمل صاروخ “صياد 4 بي” الذي يعمل بالوقود الصلب، وتم إقران القذيفة بنظام صواريخ أرض – جو “باور – 373” الذي يتجاوز مداه 186 ميلا مع مدى رادار يزيد على 280 ميلا.

وأضاف المصدر أن القوات الإسرائيلية نفذت 7 غارات ضد الشبكة الإيرانية النشطة خلال العامين الماضيين، بما في ذلك تدمر وطرطوس في أكتوبر2021 واللاذقية في ديسمبر2022، بالإضافة إلى غارتين في حمص خلال نوفمبر وديسمبر 2022.

وترى إسرائيل أن منظومة الصواريخ الإيرانية يمكن أن تشكل تهديدا لها، وأنها يمكن أن تغذي الدوافع الإيرانية للانتقام من إسرائيل في حال اندلعت مواجهة مباشرة إذا ما تعرضت مفاعلات إيران النووية لضربات إسرائيلية. وهو ما يبرر الاعتقاد لدى وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يوآف غالانت، ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي بأن استمرار إسرائيل في الإستراتيجية نفسها منذ عقد، يعد “قضية مركزية للأمن الإسرائيلي”.

ويعتقد المسؤولون السوريون، على غرار نظرائهم الروس، أنهم في منأى عن اللوم، لأن المسؤولية في الدفاع الجوي في سوريا منوطة بقيادة إيرانية، وأنهم يتلقون الأضرار من الهجمات الإسرائيلية التي لا تستطيع الدفاعات الإيرانية التصدي لها.

وتقول إيران إن منظومات الدفاع الجوي الخاصة بها، والتي بدأت نصبها في العام 2020، مثل “باور 373″، وخرداد 3 الذي أسقط طائرة أميركية دون طيار كانت تحلق فوق مضيق هرمز عام 2019، أكثر فاعلية من منظومة باتريوت الأميركية. إلا أنها لم تتمكن من إسقاط طائرة إسرائيلية واحدة حتى الآن. أما صواريخ أس 300 الروسية، فقد أدت الاتفاقية المتعلقة بتولي الدفاع الجوي من قبل إيران إلى ما يشبه إحالتها على التقاعد.

ويذكر أن الإعلان الإيراني جديد، جاء بعد أيام من هجوم صاروخي أصاب منشأة في دمشق كان يجتمع فيها مسؤولون إيرانيون لدفع برامج لتطوير قدرات الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الخاصة بحلفاء طهران في سوريا. وعكس هذا الهجوم مدى قدرة إسرائيل على مراقبة النشاطات الإيرانية، بما فيها تلك التي ما تزال قيد التخطيط.

العرب