حرية الحركة في سوريا وراء رفض إسرائيل تسليح أوكرانيا

حرية الحركة في سوريا وراء رفض إسرائيل تسليح أوكرانيا

واشنطن – تُعد الذكرى الأولى لغزو روسيا أوكرانيا وقتا مناسبا لتقييم سياسات إسرائيل بشأنه، وأساسا رفضها بيع أسلحة لأوكرانيا. والحاجة إلى هذا التقييم ملحة خاصة بالنظر إلى العلاقات الإستراتيجية الوثيقة التي نشأت بين روسيا وإيران وتداعيات ذلك بالنسبة إلى العلاقات الأميركية – الإسرائيلية.

وقال المحللان الإسرائيليان تشاك فريليتش، وهو نائب سابق لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وداني أيالون، النائب السابق لوزير الخارجية، وسفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة، إن إسرائيل تبدي تعاطفا صريحا مع أوكرانيا، غير أن استجابتها حتى الآن تقتصر على المساعدات الإنسانية الكبيرة ولكنها ليست غزيرة، وتشمل مستشفى ميدانيا وسيارات إسعاف وسترات واقية وخوذا ومواد غذائية ومعدات لتنقية المياه وأشياء أخرى كثيرة.

وترددت تقارير تفيد بأن إسرائيل زودت أوكرانيا بمعلومات استخباراتية وصوتت لفائدتها في الأمم المتحدة، ولكن إسرائيل رفضت بشدة طلبات أوكرانيا بتزويدها بأسلحة من بينها أسلحة دفاعية مثل منظومة القبة الحديدية للدفاع الصاروخي.

يتعين على إسرائيل أن تتجنب اتخاذ إجراءات غير محسوبة ربما تؤدي حتى إلى تحالف إستراتيجي إيراني – روسي أوثق

ويقول المحللان إن الأسد الجريح يكون خطيرا جدا، ويمكن لروسيا أن تلحق ضررا جسيما بإسرائيل. وبالتالي فإنهما يعتقدان أن رفض إسرائيل بيع أسلحة لأوكرانيا يظل مناسبا، ولكنه ربما يتغير اعتمادا على تصرفات روسيا.

وأضافا أن هناك سبعة أسباب أساسية وراء توخيهما الحذر؛ أولها هو أن إيران زودت روسيا بـألف و700 طائرة مسيرة وتشيد فيما يبدو مصنعا في روسيا لإنتاج ما يصل إلى أكثر من ستة آلاف طائرة مسيرة أخرى وربما تزودها بصواريخ باليستية.

وفي المقابل وردت تقارير تفيد بأن روسيا وافقت على تزويد إيران بمقاتلات سوخوي – 35 ومروحيات ومن المحتمل أن تزودها بنظام أس – 400 للدفاع الجوي وسفن حربية وغواصات وأقمار اصطناعية.

ووقعت الدولتان مؤخرا أيضا اتفاقيتين تهدفان إلى تعزيز الروابط الاقتصادية الثنائية والتحايل على العقوبات الدولية، من خلال ممر للنقل من روسيا إلى إيران وإلى الشرق الأقصى، وصياغة آلية بديلة عن نظام جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت). ويتعين على إسرائيل أن تتجنب اتخاذ إجراءات ربما تؤدي حتى إلى تحالف إستراتيجي إيراني – روسي أوثق.

ثانيا: روسيا وإيران هما اللاعبان الرئيسيان في سوريا. وسعت روسيا في بعض الأوقات إلى التصدي لجهود إيران في توسيع نفوذها هناك، بما في ذلك تعزيز وجود عسكري كبير واستخدام سوريا لنقل أسلحة إلى حزب الله.

وأرغمت احتياجات وقت الحرب روسيا على سحب بعض القوات من سوريا، ولكنها لم تسحب منظومة أس – 400، وإذا تم استخدامها ضد الطائرات الإسرائيلية فإنه سوف يتم بشكل كبير تقييد قدرة إسرائيل على التصدي للتعزيز العسكري الإيراني.

وامتنعت روسيا حتى الآن عن القيام بذلك، ولكن هذا الوضع قد يتغير في أي وقت. وإسرائيل اليوم في الخطوط الأمامية مع روسيا بشكل ليس أقل من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويمكن أن تجد نفسها في حرب -في أي وقت- مع إيران وحزب الله وحماس وحركة الجهاد الإٍسلامي المدعومين من إيران. وليس بوسع إسرائيل أن تسمح بحدوث هذا.

ثالثا: روسيا طرف في الاتفاق النووي المبرم مع إيران وفي المفاوضات الدولية الجارية. ولعبت روسيا في بعض الأوقات دورا هاما في هذا الصدد ولكنها تدعم إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويمكن أن تكون عنصرا معرقلا. وربما تزود روسيا إيران حتى بمساعدة ملموسة لبرنامجها النووي الذي تعتبره إسرائيل خطرا على وجودها. وليس بوسع إسرائيل أن تغضب روسيا كثيرا.

رابعا: إسرائيل ليست قوة عالمية لديها مخزون من الأسلحة الرئيسية ولا يمكنها نقل أنظمة حساسة إلى أوكرانيا من دون أن تعرّض أمنها للخطر.

خامسا: حوالي 15 في المئة من سكان إسرائيل لهم جذور في الاتحاد السوفييتي السابق ومازال 600 ألف يهودي يعيشون في روسيا، التي اتخذت بالفعل إجراءات تهدف إلى إظهار قدرتها على وقف الهجرة إلى الخارج. ويعد تجميع من يعيشون في المنفى سبب وجود إسرائيل.

سادسا: إذا لم تغير الولايات المتحدة سياسة فك الارتباط الجزئي مع الشرق الأوسط التي انتهجها أربعة رؤساء متتاليين ، فإن روسيا سوف تظل لاعبا حاسما في المنطقة.

وبالإضافة إلى دعم إيران تزود روسيا تركيا ومصر بأسلحة متقدمة ومفاعلات للطاقة النووية يمكن أن تتحول إلى برامج نووية عسكرية، واقترحت اتفاقيات مماثلة مع السعوديين ودول أخرى، وتُعد لاعبا مهما في مجموعة أوبك+ وليبيا ودول أخرى.

سابعا وأخيرا: قدمت فرنسا وألمانيا واليابان ودول رئيسية أخرى مساعدات محدودة فقط لأوكرانيا بشكل متأخر وعلى نحو اتسم بالتردد. وحتى الولايات المتحدة فرضت قيودا صارمة على أنواع الأسلحة التي تقدمها، على سبيل المثال الطائرات والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي والدبابات. ولا يتعين على إسرائيل أن تكون في طليعة هذه القضية.

وحدوث تغييرات في رفض إسرائيل تزويد أوكرانيا بأسلحة ربما يكون مبررا إذا قررت روسيا -على سبيل المثال- الحد من حرية حركة إسرائيل في المناورة الجوية في سوريا، وقدمت نظم أسلحة معينة لإيران، مثل منظومة أس – 400، وتبنت موقفا معرقلا بوضوح في المحادثات النووية أو قدمت مساعدات مباشرة للبرنامج النووي الإيراني.

ويجب جعل روسيا تفهم أن إسرائيل لديها القدرة على إلحاق ضرر كبير بمصالحها إذا تم الضغط عليها بشدة.

واختتم المحللان تقريرهما بالقول إن “ما يتعين على إسرائيل عمله هو تزويد أوكرانيا بمساعدات إنسانية ضخمة . وسوف تكون مساعدات موسعة من هذا القبيل ذات فائدة كبيرة بالنسبة إلى أوكرانيا، ولكن من غير المحتمل أن تؤدي إلى رد فعل روسي شديد، ويتعين على كل الأطراف أن تفهم أن هناك قواعد محددة للعبة”.

العرب