صراع المواقع داخل الاتحاد الكردستاني على أعتاب مواجهة مسلحة

صراع المواقع داخل الاتحاد الكردستاني على أعتاب مواجهة مسلحة

السليمانية (العراق)- لم تنجح مساعي التقريب بين الشقين الرئيسيين في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الوصول إلى تفاهمات واضحة في ظل تمسك ورثة الرئيس الراحل جلال طالباني باستبعاد ابن عمهم لاهور شيخ جنكي من الرئاسة المشتركة، وهو ما بات يهدد بمواجهات مسلحة بين الطرفين، وذلك بعد اعتقال عدد من أنصار لاهور مساء الأربعاء وإصداره بيانا يتوعد فيه بالانتقام.

وفي أحدث حلقة من سلسلة الخلافات داهمت قوات الأمن مساء الأربعاء بستانا تابعا للاهور بمنطقة “كيله سبي” في جهة سرجنار بمحافظة السليمانية.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن القوات دخلت البستان بأمر من القاضي لوجود عدد من المسلحين من غير المنتمين إلى أيّ من القوات العسكرية في داخل البستان، مشيرة إلى اعتقال عدد من المسلحين في العملية.

كما أكدت قوات “الآسايش” في المحافظة عملية المداهمة، وذكرت في بيان أصدرته مساء الأربعاء أن “القوة الأمنية قامت بضبط أسلحة كاتمة للصوت ومخدرات، وأدلة على إنشاء ميليشيات”.

ويحذر مراقبون محليون من أن توظيف القوات المحلية المحسوبة تاريخيا على أنها قوات الحزب في الخلاف السياسي قد يقود إلى انشقاقات داخلها، والدفع نحو تشكيل مجموعات مسلحة تابعة للاهور، ما يحوّل مناطق نفوذ الحزب إلى مسرح لحرب ميليشيات.

وكان معروفا عن لاهور أنّ له نفوذا داخل الأجهزة الأمنية في السليمانية لكنّ مصادر تقول إنّ ورثة جلال طالباني عملوا خلال السنوات الماضية على تحجيم ذلك النفوذ استعدادا للانقلاب عليه، وهو ما تمّ أخيرا.

ويرى المراقبون أن هذا الصراع سيضعف قوة الاتحاد الوطني ونفوذه أمام خصمه الحزب الديمقراطي الكردستاني، خاصة أن الاتحاد يشكو من تهميشه حاليا ويطالب بالمزيد من المكاسب أمام خصم قويّ يضع يده على أغلب عناصر قوة إقليم كردستان.

وإثر التوقيفات التي استهدفت أنصار لاهور شهدت مدينة السليمانية انتشارا مكثفا لقوات “الآسايش” في الشوارع العامة والفرعية، كما نشرت المزيد من العناصر في الأسواق وقرب المراكز التجارية.

وتثير هذه التوترات بشكل دائم قلق المواطنين من تطورها وتأثيرها على الوضع في محافظة السليمانية شمال شرقي العراق خاصة وأن بافل طالباني رئيس الحزب يمتلك قوات رسمية، فيما تساند بعض العشائر ابن عمه لاهور الذي يطالب بحقه في الرئاسة المشتركة للحزب.

وعقب العملية الأمنية، أصدر مكتب لاهور بيانا حمّل فيه المسؤولية لابنيْ عمه بافل وقوباد طالباني.

وقال المكتب في بيان إن “مجموعة غير شرعية برفقة قوة أمنية ودون أمر من القاضي ودون أيّ عذر داهمت بستان لاهور في قرية كلاسبي في السليمانية”.

وأوضح أن “البستان لم يتم استخدامه من قبل أيّ قوة منذ عامين، ويوجد فيه عدد قليل من الناس من المنطقة يعملون كفلاحين”.

وأضاف “نلوم بافل طالباني وقوباد طالباني ونحملهما سلامة العاملين في البستان، وسنتّخذ جميع الإجراءات اللازمة ضد هذا الانتهاك للقانون”، مؤكداً أن “هذه المجموعة غير الشرعية ستدفع ثمن أفعالها غير اللائقة وغير المقبولة، وسيتم إحباط مؤامراتها في أقرب وقت ممكن”.

وبعد وفاة الرئيس العراقي جلال طالباني في العام 2017، انتخب حزب الاتحاد الوطني ابنه بافل طالباني، وابن أخيه لاهور شيخ جنكي، لرئاسة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل مشترك.

ويحظى لاهور بشعبية داخل الاتحاد الوطني، لكن بافل نجح في استثمار قيادته للحزب في إزاحة أنصار لاهور خاصة من القيادات التاريخية وتثبيت عناصر مقربة منه مكانهم.

وفي يوليو 2021، أطاح بافل بعدد من المسؤولين الرئيسيين في وحدات الاستخبارات ومكافحة الإرهاب داخل الحزب الذين كانوا مخلصين للاهور، كما أغلق منفذا إعلاميا مدعوما منه وأقصاه من الرئاسة المشتركة، ليُصبح بافل على رأس الاتحاد الوطني بمفرده، وتبدأ بعد ذلك سلسلة معارك إعلامية وقضائية.

وقضت محكمة في أربيل الشهر الماضي أن للاتحاد الوطني الكردستاني رئيسين مشتركين، بافل ولاهور، وذلك بعد صدور قرار قضائي من محكمة السليمانية، في وقت سابق، باعتبار فصل لاهور وعدد من القيادات من صفوف الحزب أمرا صحيحا.

ويسيطر حزب ورثة طالباني عمليا على محافظتي السليمانية وحلبجة من ضمن المحافظات الأربع لإقليم كردستان العراق الذي يتّخذ من أربيل مركزا له، وهي أيضا معقل حزب أسرة بارزاني الذي يشمل نفوذه أيضا محافظة دهوك.

العرب