يستذكر العراقيون هذه الأيام مرور 20 عاماً على الغزو الأمريكي للعراق، وإسقاط نظام صدام حسين.
غزّو العراق أو حرب “الخليج الثالثة”، التي بدأت أولى مراحلها في 19 آذار/ مارس 2003، وانتهت في 1 أيار/ مايو من العام ذاته، لم تحقّق جُلّ أحلام العراقيين بـ “عراقٍ ديمقراطي” جديد خالٍ من الممارسات “السلطوية”، ويتمتع مواطنوه بخيرات بلدهم الذي يتصدر قائمة الدول بالاحتياطي النفطي.
وعلى الرغم من سيطرة النظام السابق ومقرّبوه على مقدّرات البلاد في السنوات التي سبقت غزّو العراق (1979-2003)، غير أن الفساد بنوعيه المالي والإداري، استمر بعد ذلك ليُصبح السمّة الأبرز لعراق ما بعد الغزّو، وسط سيطرة قادة الأحزاب على مفاصل الدولة الجديدة ومؤسساتها، والاستحواذ على أموالها، كُلٌ من موقعه.
ويقدّر مسؤولون عراقيون حجم الأموال العراقية التي ذهبت لمصالح أفراد وكيانات سياسية وعسكرية بأكثر من 600 مليار دولار، خلال السنوات الـ 20 الأخيرة فقط.
وليس ببعيد عن الإجراءات التعسفية للسلطات العراقية قبل عام 2003، تقبع غالبية العراقيون اليوم، غير المنخرطين بعمل حزبي، تحت سطوة الأحزاب والفصائل المسلحة المسيطرة على عموم المشهد في العراق. وعلى الرغم من حظر القانون العراقي الأحزاب التي تمتلك “أجنحة مسلحة” من المشاركة في العملية السياسية أو الانتخابات، غير أن غالبية القوى السياسية، الشيعية على وجه التحديد، تمتلك أذرعاً مسلحة تنضوي أغلبها في “الحشد”، وهو ما يعزّز وجودها وحماية مكتسباتها.
في الموازاة، انتشار السلاح الذي يصفه مسؤولون محليون ودوليون عادة بـ “المنفلت” في العراق، إضافة إلى سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على ثلث مساحة العراق (2014 – 2017)، أسهم في تغييب نحو 11 ألف شخص، تلقت المؤسسات الرسمية بلاغات عنهم، حسب تقرير لمنظمة “مدافعون لحقوق الإنسان” العراقية أصدرته مطلع هذا العام.
إضافة إلى ذلك، تقول تقارير دولية إن الانتهاكات التي طالت المحتجين في تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أدت إلى مقتل أكثر من 600 شخص وإصابة نحو 25 ألفاً. سقط أغلبهم برصاص قوات الأمن.
قمّع السلطات العراقية لاحتجاجات تشرين يشبه كثيراً سياسة النظام السابق تجاه تعامله مع الاحتجاجات. ويقدّر الخبراء الدوليون أن 300 ألف ضحية يمكن أن يكونوا في “مقابر جماعية” شملت في الغالب رفات مسلمين شيعة وأكراد قتلوا بسبب معارضتهم للنظام بين عامي 1983 و1991.
القدس العربي