ترمب… هل يخوض مغامرته الكبرى ضد إيران؟

ترمب… هل يخوض مغامرته الكبرى ضد إيران؟

وأخيرًا، نجح بنيامين نتنياهو في إقحام الولايات المتحدة الأمريكية في حربه ضد إيران، فبمسمى ” مطرقة منتصف الليل” ومع فجر يوم الأحد والأسواق الدولية مغلقة كما أرادها ترامب، شنت إدارته هجوم على ثلاث مفاعل إيرانية وفي هذا السياق قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال دان كين للصحافيين،” إن سبع قاذفات من طراز بي-2 حلقت لمدة 18 ساعة من الولايات المتحدة إلى إيران لإسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات. وإن الولايات المتحدة أطلقت 75 قذيفة موجهة بدقة، بما في ذلك أكثر من 20 صاروخ توماهوك، إلى جانب مشاركة 125 طائرة عسكرية على الأقل في العملية التي استهدفت 3 مواقع نووية – فوردو وأصفهان ونطنز”.

 ولم يكتف ترامب بذلك، بل صرح بإحتمالية تغيير النظام السياسي في إيران، وهنا يطرح السؤال الآتي ما هو السيناريو أكثر احتمالية في تغيير النظام في الإيران؟ هناك ثلاث نماذج

أولا- النموذج العراقي: بمعنى أن تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على الغزو البري للإطاحة في النظام الإيراني، لكن هذا النموذج ليس من السهل تطبيقه على إيران كما طبقته على العراق، فالعراق في ذلك الوقت كان محاط بدول عربية تناصبه العداء، أضف إلى ذلك أن حصار العراق عسكريا واقتصاديا وسياسيًا لأكثر من عقد من الزمان، ساهم في إضعاف قدراته مما سهل على إدارة جورج دبليو بوش احتلاله في أقل من شهر. أما في الحالة الإيرانية فالوضع يكاد يكون مختلف بشكل كبير عن العراق، لا أظن أن الدول المجاورة لإيران من الناحية البرية سواء كانت دول عربية أو غير عربية قد تسمح لإدارة ترامب في استخدام أراضيها لإحتلال إيران، لأن سماحها يعني إعلان حالة حرب على إيران وهذا لا تحبذه أي من الدول المجاورة إبى إيران، ناهيك عن مساحة إيران الشاسعة وتضاريسها المتنوعة والصعبة التي من شأنها أن تعقد أي غزو بري لأراضيها.

ثانيًا: النموذج الليبي: اعتمد معمر القذافي على القوة المفرطة في مواجهة مظاهرات الشعب الليبي على خلفية تداعيات الربيع العربي،  الشعب الذي لم يتردد في استخدام السلاح من أجل حماية نفسه من بطش القذافي والعمل على سقوطه، ولأنها ثورة شعبية حظيت بقبول معظم الشعب الليبي أصدر مجلس الأمن قرار رقم 1973، بتاريخ 18 آذار / مارس عام 2011م، بنود هذا القرار كانت كفيلة باسقاط نظام القذافي، حيث فرضت عليه الحظر الجوي، كما فسرت إحدى فقراته بامانية التدخل الدولي العسكري لحماية المدنيين من بطش النظام الحاكم، وكانت هذه المهمة ملقاة على عاتق النينو في حماية المدنيين والمسلحين الليبيين على حد سواء، مما عجل في سقوط حكم القذافي.

هذا النموذج من الصعوبة بمكان تنفيذه ضد النظام الإيراني، ليس لعدم وجود معارضة قومية ضد بل موجودة لكن نسبتها تكاد تكاد محدودة جدا في المجتمع الإيراني، فعلى سبيل المثال القومية الكوردية لا تتجاوز نسبتها 2 في المئة من المجتمع الإيراني وكذلك الأمر بلوشسيتنان لا تتجاوز نسبتهم 5 في المئة، كي ينجح النموذج الليبي في إيران لابد من شبه إجماع من الشعب الإيراني مدعوم بإرادة عسكرية دولية على إسقاط النظام الإيراني.

ثالثًا: المعاناة الاقتصادية والقبضة الحديدية للدولة: وأقصد بهذه المعاناة أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وشركائها الدوليين المزيد من العقوبات الاقتصادية التي من شأنها أن تشل حركة الاقتصاد الإيراني وتمنعه من أي محاولة لاختراقها، أرر أن هذا الخيار، هو الخيار الأكثر واقعية وعقلانية في الإطاحة في النظام الإيراني، فالعقوبات عندما يعاني منها كافة أفراد المجتمع الإيراني ويعجز النظام عن توفير الخدمات والاحتياجات لشعبه ويتحول لعبء اقتصادي على شعبه، ويوسع النظام من قبضته الحديدية على الإرادة الشعب، في قمع الأصوات المعارضة له، وقتها يمكن أن يتحرك الشعب كله لاسقاط النظام، أو يقبل بسقوطه. كما حدث في فرنسا في عهد أسرة آل البوربون قبل الثورة الفرنسية، وكما حدث أيضَا وهذه إحدى المفارقات في إيران ذاتها في أثناء حكم أسرة بهلوي.

 إحدى هذه الاحتمالات الثلاث واردة في الحالة الايرانية ومع ذلك يمكن أن يفاجأنا النظام الايراني باستمراره في إدارة الدولة الإيرانية لعقود وعقود فالسياسة الدولية هي عبارة عن رمال متحركة.

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية