البرلمان العراقي يصوت على قانون الانتخابات الجديد وسط رفض سياسي وشعبي

البرلمان العراقي يصوت على قانون الانتخابات الجديد وسط رفض سياسي وشعبي

بغداد – يعقد مجلس النواب العراقي اليوم الأحد جلسة للتصويت على قانون الانتخابات الجديد المثير للجدل، وسط رفض سياسي وشعبي للقانون، فيما يصر “الإطار التنسيقي” الذي يجمع الكتل والأحزاب الموالية لإيران على إقراره، وفق نظام “سانت ليغو” مستغلا بذلك غياب التيار الصدري، عن الساحة البرلمانية والسياسية.

ويواصل النواب المستقلون في البرلمان والقوى والأحزاب الناشئة، رفض صيغة قانون الانتخابات الجديد، الذي يُوصف بأنه “فُصّل على مقاس الأحزاب الرئيسة والنافذة”، وسط تهديدات بالعودة إلى الاحتجاجات الشعبية.

وأعلن تحالف “قوى التغيير الديمقراطية”، الذي يجمع عددا من القوى المدنية العراقية، السبت، رفضه مساعي تسريع تمرير قانون الانتخابات الجديد من قبل مجلس النواب، معتبرا أن ذلك يؤكد “المنهج المقيت” للقوى السياسية المتنفذة.

ويضم تحالف “قوى التغيير الديمقراطية” كلا من الحزب الشيوعي العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحزب البيت الوطني، والتيار الديمقراطي العراقي، وحركة تشرين الديمقراطي، وحزب الاجتماعي الديمقراطي وحراك البيت العراقي، وعددا من الشخصيات المستقلة والناشطين.

وقال تحالف “قوى التغيير الديمقراطية”، في مؤتمر صحافي عقدته بالعاصمة بغداد، بحضور جمع من قياداته في بيان إنّ “تمرير القانون بتلك السرعة ومن دون الأخذ بملاحظات قوى المعارضة لمنظومة الحكم، يُعَدُّ تجاوزاً لقيم الديمقراطية والتعددية السياسية وتأكيداً لمنهج الإقصاء والتهميش الذي طالما مارسته قوى السلطة في السنوات الماضية”.

وأضاف أن ذلك “يؤكد المنهج المقيت، هو الدفع بمشاريع قوانين تتعلق بالحريات والحقوق المدنية، داخل مجلس النواب، تتضمن فقرات تخالف الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان”.

ودعا التحالف “جميع القوى المدنية والناشئة والديمقراطية والوطنية التي تؤمن بمشروع التغيير الديمقراطي، إلى توحيد جهودها، داخل مجلس النواب وخارجه، لضمان تحقيق انتخابات حرّة ونزيهة وعادلة”.

وشدد “على ضرورة عدم الدمج بين قانوني الانتخابات (مجلس النواب ومجالس المحافظات)، لأنّ في ذلك مخالفة للدستور، وعدم رفع سن الترشح من 28 إلى 30، لأنّ ذلك تهميشاً لدور الشباب، إنّما خفضه إلى 25، بما يتناسب وقانون الأحزاب”.

وطالب بـ”ضرورة اعتماد العد والفرز الإلكتروني وتحديد نسبة 5 بالمئة؜ للتطابق مع العد والفرز اليدوي، وسرعة إعلان النتائج بما لا يتجاوز 48 ساعة”.

وشدد التحالف خلال مؤتمره الصحافي على “ضرورة تحديد سقف أعلى للإنفاق الانتخابي، وفرض إجازة إجبارية على أصحاب الدرجات الخاصّة عند الترشّح، كما أنه في حال عزمت القوى المهيمنة على إقرار (سانت ليغو) فإنّنا نؤكد على ضرورة أن يكون النظام الانتخابي الأصلي لسانت ليغو دون أيّ رفع لمعامل القسمة”.

ودعا إلى “تطبيق قانون الأحزاب العراقية رقم ( 36 ) لسنة 2015 ، مع ضرورة اعتماد البطاقة البايومترية حصرا للمشاركة في الانتخابات وبشكل خاص للمواليد الجدد”.

وشهدت مدن عراقية، خلال الأيام الماضية، تظاهرات جديدة هي الأوسع منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، نهاية أكتوبر العام الماضي، تخللتها عمليات قطع طرق رئيسية وحرق إطارات في العاصمة بغداد ووسط وجنوب البلاد، نظمتها قوى مدنية مختلفة، ضد قانون الانتخابات المطروح حاليا في البرلمان.

وكان التيار الصدري الذي يستعد للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية، التي تعد ثاني أهم انتخابات عامة في العراق بعد الانتخابات البرلمانية قد عبر الشهر الماضي عن رفضه لتعديل القانون القائم، وقال إن موقفه يحظى بدعم المرجعية العليا في النجف.

ونشر الزاملي على حسابه الرسمي في فيسبوك مقطعا مصورا لممثل المرجعية الدينية عبدالمهدي الكربلائي وهو يقول إن “رأي المرجعية الدينية هو لا للقائمة المغلقة ولا للدائرة الانتخابية الواحدة”، وإن “القائمة المغلقة تغلق الطريق أمام الناخبين لاختيار من يمثلهم في البرلمان”.

ومن جانبه، وصف النائب عن الكتلة الصدرية المستقيلة حيدر المنصوري، الأحزاب السياسية الماضية في تشريع القانون، بأنها “أحزاب سانت ليغو…”، متسائلا “هل تتوقعون من أحزاب السلطة الخاسرة أن تسن قانون انتخابات يسمح للمواطنين بإخضاع الفائزين للمساءلة عن طريق صناديق الاقتراع”.

وأضاف “هل سيعودون إلى استجداء التحالفات من مجموع القوى الناشئة التي لن تثق بهم مستقبلاً، خاصةً بعد خيانتهم والتنكر لهم، رغم وقوفهم بقوة بجانب الثلث المعطل، وأن اصطفافهم سابقاً كان بسبب وجود الصدر، أما الآن فالصدر غير موجود. كيف ستتم تسوية الأمور لصالح أحزاب سانت ليغو!”.

وتوفر آلية “سانت ليغو” فرصة أكبر للأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الأصغر منها، وذلك عندما تعود إلى اقتسام حصص الأحزاب الصغيرة إذا لم تنجح في الحصول على نسبة تتجاوز “القاسم الانتخابي” في توزيع أصوات الناخبين. وبحسب هذه الآلية فإنه كلما كان القسم الانتخابي أعلى زادت فرص الأحزاب أو التحالفات الكبرى.

وكانت الجماعات الموالية لإيران فرضت في السابق قاسما انتخابيا يبلغ 1.9 في المئة، ما أدى إلى حرمان الكتل والأحزاب الصغيرة من الفوز بمقاعد في المجالس المحلية، لأنها كلما حصلت على نسبة أقل من هذا القاسم، ذهبت الأصوات التي فازت بها إلى أطراف أخرى لم ينتخبها الناخبون.

وحتى بحسب هذا النظام فإن الفرص تكون أوفر للأحزاب الصغيرة عندما ينخفض القاسم الانتخابي إلى 1.4 في المئة أو أقل. بينما نظام التصويت الفردي يعني “صوتا لكل ناخب، وعدد أصوات لكل مقعد”. ففي دائرة انتخابية تتألف من مليون ناخب، ولها عشرة مقاعد، تعني أن القائمة الانتخابية تحظى بمقعد إذا حصلت على 100 ألف صوت، ومقعدين إذا حصلت على أكثر من 200 ألف صوت، وهكذا.

وفي حال تم فرض العودة إلى آلية “سانت ليغو” فإن اندلاع احتجاجات شعبية سيكون متوقعا إلى أبعد الحدود، مما يُعيد أجواء الإضرابات التي أدت إلى سقوط حكومة عادل عبدالمهدي، لتُسقط حكومة محمد شياع السوداني، لاسيما وأنها هي نفسها غير مستقرة، بسبب النزاعات التي تثيرها جماعات الإطار التنسيقي مع التحالف السني والأحزاب الكردية.

العرب