المئات من التونسيين في ذكرى الاستقلال: لا للتدخل الخارجي، نعم للمحاسبة

المئات من التونسيين في ذكرى الاستقلال: لا للتدخل الخارجي، نعم للمحاسبة

شكلت المسيرة الاحتجاجية التي شارك فيها المئات من التونسيين رسالة دعم للرئيس قيس سعيّد في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها، وهي محاولة لإيصال صوت الكتلة الصامتة.

تونس – شهدت العاصمة التونسية الاثنين مسيرة احتجاجية كبرى طالبت بوقف التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد، وشددت على ضرورة محاسبة كل المسؤولين الذين تورطوا في قضايا فساد أو تآمروا على الدولة.

وجاءت المسيرة بمناسبة احتفال تونس بذكرى الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي (1881 – 1956)، والذي يتوافق مع يوم العشرين من مارس من كل سنة، وبدت هذه المسيرة رسالة دعم للرئيس قيس سعيّد للمضي قدما في مسار تصحيح ثورة السابع عشر من ديسمبر 2010، وعدم الخضوع للضغوط الخارجية التي تمارسها بعض القوى الغربية.

ورفع المتظاهرون شعارات من قبيل “نريد المحاسبة”، و”لا رجوع للوراء” و”نعم لمحاكمة الخونة ومحاسبتهم” و”لا للتدخل الأجنبي في القرار التّونسي”.

المحتجون الذين تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، رددوا شعارات تندد بقيادة اتحاد الشغل

كما ردد المحتجون الذين تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، شعارات تندد بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، وطالبوا “بتطهير وتحرير الاتحاد”.

وتعكس الشعارات التي رفعت حالة من الاستياء والاحتقان من القيادة الحالية للمنظمة الشغيلة، في ظل اتهامات تواجهها بأنها حادت بالاتحاد عن دوره الأساسي وهو الدفاع عن العمال، خدمة لأجندات سياسية.

وقال محمود بن مبروك، أحد المشاركين في المسيرة الاحتجاجية، إن “مسيرتنا تأتي احتفالا بذكرى الاستقلال السنوية الـ67، ولنبين للعالم أن لتونس سيادتها الوطنية التي دائما ستبقى خطا أحمر لا يجب تجاوزه”.

وأضاف بن مبروك أن “المشاركين في التظاهرة عبروا صراحة عن رفضهم وتنديدهم بأي تدخل أجنبي في الشأن التونسي”، وتابع “اليوم بلدنا بصدد محاسبة الخونة ولا يجب التّراجع عن ذلك”.

وشنت السلطات التونسية في الفترة الأخيرة حملة إيقافات شملت عددا من المسؤولين والقيادات السياسية التي شاركت في الحكم في البلاد، عقب الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.

وكشفت وسائل إعلام محلية الاثنين أن النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت بإدراج 12 شخصا في التفتيش، جلّهم من قيادات بحركة النهضة الإسلامية، وذلك على ذمة الأبحاث المتعلقة بشبهات التآمر على أمن الدولة، الموقوف بشأنها عبدالفتاح الطاغوتي مدير مكتب الإعلام الخاص براشد الغنوشي والعضو بالمكتب التنفيذي لحركة النهضة.

وتتعلق التهم الموجهة للموقوفين بالتآمر على أمن البلاد، وأخرى في علاقة بفساد وغسيل أموال، وقد حاولت القوى التي ينتمي إليها الموقوفون توجيه الرأي العام الداخلي والدولي بشأن تلك الإيقافات، بزعم أن الغرض من الحملة هو إسكات أصوات المعارضة، في مواجهة “دكتاتورية ناشئة”.

ويرى متابعون أن قوى المعارضة نجحت نسبيا في الترويج لهذه الذرائع، وهو ما يظهر في ردود فعل بعض القوى الدولية، ومنها الموقف الأخير الصادر عن البرلمان الأوروبي والذي بدا متأثرا على نحو بعيد برواية المعارضة.

ويقول المتابعون إن مسيرة الاثنين كانت بالأساس رد فعل على الموقف الغربي والأوروبي خصوصا، مشيرين إلى أن المطالبة بالمحاسبة لم تكن وليدة مسار الخامس والعشرين من يوليو، بل إن المسار الحالي تشكل بالأساس للاستجابة لهذه الدعوة.

وقالت لبنى السويسي، إحدى المشاركات في المظاهرة، “ندعم سعيّد في حملته ضد الخونة والفاسدين ومن خربوا البلاد خلال العقد الماضي وضد التدخل الخارجي”. وأضافت “نريد أن يواصل الرئيس سعيّد حربه بلا هوادة”.

وشدد الرئيس سعيّد في خطاباته الأخيرة على أنه ماض قدما في مسار محاسبة كل من أجرم بحق الشعب التونسي، وأنه لا رجوع إلى الوراء كما يأمل البعض، معتبرا أن البلاد تخوض حاليا “معركة تحرير وطني”.

وكان من ضمن اللافتات التي رفعها المحتجون الاثنين “اليوم نحتفل بالاستقلال الحقيقي وليس بروتوكول” و”انتهى عهد الوصاية والاستعمار”.

ويرى مراقبون للشأن التونسي أن مسيرة الاستقلال الاثنين، والتي شارك فيها عدد كبير من المواطنين، من شأنها أن تشكل حافزا للرئيس سعيّد، كما أنها رسالة للخارج بضرورة عدم التركيز على رواية واحدة والانجرار خلف ما تردده قوى المعارضة، والكف عن التدخل في شؤون البلاد.

العرب