مسعود البارزاني … عنوان الوطنية الكوردية والعراقية

مسعود البارزاني … عنوان الوطنية الكوردية والعراقية

عندما تريد أن تكتب عن شخصية قيادية سياسية عليك أن تستحضر المواقف المبدئية والرؤية الفكرية والنبوغ السياسي والتلاحم الشعبي لتلك الشخصية ومدى تأثيرها وعلاقتها في الوسط الجماهيري وقناعة الشعب بها وبدورها الريادي في الدفاع عن حقوق وأهداف الأمة وتحقيق الآمال العريضة التي سعت إليها بكفاحها واستمرارها في العطاء والتضحية من أجل بلوغ أهدافها وتطلعاتها في الحياة وسعيها للوصول لمبتغاها وطموحاتها .وإذ نستعرض مواقف رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ونقرأ في طيات لقائه الاخير مع رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط السعودية غسان شربل في الثامن عشر من آذار 2023 ، نرى اننا أمام شخصية سياسية قيادية اختطت طريق النضال والكفاح لتكون الملهم الحقيقي لأبناء الشعب الكردي في تمسكه باهدافه وحقوقه والدفاع عن طموحاته في الحياة الحرة الكريمة.
اتسمت شخصية الرئيس بارزاني بصفات عدة أبرزها صلابة الموقف والإيمان الراسخ بقضيته وقدرة شعبه بالدفاع عن وجوده والحفاظ على مكتسباته ورفض التبعية السياسية والالتزام بالمصالح العليا للكرد في كافة المحافل الدولية والإقليمية.
عندما نقرأ في سطور اللقاء نقف أمام حالة من القيم الرجولية والأخلاق الاجتماعية، منها إشارته إلى أنهم لم يسقطوا النظام وليسوا من اعتقل الرئيس صدام وإنما تم ذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وصفة الوفاء التي يتحلى بها القائد الحقيقي أن يذكر ما حدث بمعانٍ من الشجاعة والأصالة وهذا ما وجدناه في الإشارة إلى تلبية الرئيس صدام حسين لطلب القيادة الكردية في الدفاع عن إقليم كردستان من التدخل الإيراني في شهر آب 1996. كما أكد حقيقة المواقف الإقليمية الإيرانية والتركية التي كانت داعمة لدخول القوات الأمريكية للعراق .
وعندما تقرأ المواقف وتذكر الوقائع فإن صدق المعاني تظل على مزايا القيادة ومدى حرصها على قول الحقائق وهذا ما لمسناه من قراءتنا لما جاء في العديد من الأحداث التي سلط الأضواء عليها الرئيس مسعود البارزاني.
للبارزاني أيضًا الكثير من المواقف الاخلاقية في العمل السياسي، فعلى الرغم من أنه كان مرتاحاً لسقوط نظام حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لكنه خشي أن يتعرض العسكريين العراقيين في المناطق الكردية لأعمال ثأر رداً على عمليات الأنفال وتدمير آلاف القرى. أصدر أوامره الصارمة وحققت أغراضها. استسلم نحو 15 ألف ضابط وجندي فتم جمعهم في معسكرات وتأمين الغذاء والعناية لهم قبل مغادرتهم عائدين إلى مناطقهم. لم تشهد مناطق كردستان العراق عمليات قتالية، ولم يكن الجيش قادراً على التصدي للغارات الجوية الأميركية.

كما عبر عن سمو أخلاقه حينما رفض الشماتة عندما اطيح بصدام حسين ورفض زيارته في سجنه أو حضور جلسات  محاكمته وقال عبارته الشهيرة: «الشماتة ليست من شيم الرجال». ورغم ما أصاب الكرد على يد صدّام حسين، يعترف  الزعيم البارزاني أن صدام حسين كان الأجرأ في البداية في مقاربة حق الكرد في الحكم الذاتي. أما على مستوى العلاقات الدولية، فقد نجح في ربط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق بالعالم، سياسياً واقتصادياً، وكان أكثر سياسي يشدد على وجوب «إعادة النظر في حدود اتفاقية سايكس بيكو”، لأنها حرمت القومية الكوردية  في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى من تقرير مصيرها في إقامة الدولة الكوردية المستقلة كغيرها من الأمم التي استقلت بعد تلك الحرب.

فالبارزاني رجل المواقف الصعبة وصاحب الخصال الحميدة والمناضل البيشمركة منذ عقود طوال وهو الحريص على عراقيته اولا ولكرديته ثانيا لا بالاقوال وانما بالافعال وهذا ليس بغريب عنه لانه كان ومازال تلميذ مدرسة نضالية مخلصة لشعبها ووطنها .. انها المدرسة البارزانية وهو تلميذها والسائر على هدى طريقها وخير دليل حبه لشعبه وتجربة الاقليم خير دليل على ذلك لانه جدير بالاهتمام والتوقف عندها عندما قاد في تلك السنين النضالية قوات البيشمركة واثبت للجميع انه لافرق بينه وبين شعبه لانه مايزال الاكثر اخلاصا ووفاء لقيادة شعبه. انه مناضل من مناضلي الامة الكردية وان المكتسبات التي تحققت في العراق عامة واقليم كردستان خاصة ومنها جعل العراق فدراليا ديمقراطيا وثبت تلك الفترات في دستور العراق الدائم والمصوت عليه من قبل العراقيين كافة. وخير دليل على ذلك تجربة اقليم كردستان من بناء بنية تحتية في كافة المجالات السياسية والعمرانية والاقتصادية جعلت من كردستان واحة بناء وسلام يعود الفضل في ذلك اولا الى الباري سبحانه وتعالى والى همة الرجال الشجعان من ذوي المهمات الصعبة المخلصين لشعبهم ووطنهم. وفي مقدمتهم الرئيس مسعود بارزاني رجل الصعاب والى اخوانه المناضلين ومنهم المناضل نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان الساهر على راحة وامان شعبه .
خلاصة القول، تمثّل شخصية مسعود بارزاني استثناءً في المشهد الكردي والعراقي وكيف لا يكون ذلك، وهو القائل :” أريد أن أموت تحت علم دولة كردستان المستقلة”.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية