سوريا بعد إيران: السعودية تتبنى “تصفير قطع العلاقات”

سوريا بعد إيران: السعودية تتبنى “تصفير قطع العلاقات”

بعد التقارب مع إيران تحركت السعودية لـ”تصفير قطع العلاقات” مع سوريا، وهو مسار من شأنه أن يتيح للرياض التركيز على مشاريعها الإستراتيجية الكبرى، وذلك بإزالة عقبة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة إن سوريا والسعودية اتفقتا على معاودة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أكثر من عقد، في خطوة من شأنها أن تمثل دفعة كبيرة لمساعي عودة دمشق إلى الصف العربي.

ولا تعني إزالة عقبة الخلافات بالنسبة إلى السعودية الوصول إلى تطبيع العلاقات أو تطويرها، وإنما تترك ذلك لعوامل أخرى تفرض نفسها وفقا للمتغيرات السياسية العالمية والإقليمية، من ذلك أن التقارب مع إيران لم يمنع من استمرار التوتر في اليمن، حيث بادر الحوثيون إلى الهجوم على مأرب للإيحاء بأنهم بمنأى عن التهدئة السعودية – الإيرانية.

◙ الإمارات عاودت فتح سفارتها في دمشق عام 2018 قائلة إن الدول العربية بحاجة إلى المشاركة بشكل أكبر في إيجاد حل للصراع السوري

ورغم مسعى استئناف العلاقات مع دمشق يعتبر مراقبون أن ذلك لن يزيل نقاط الخلاف دفعة واحدة، وأن النموذج السعودي في تطور العلاقات مع تركيا ليس شرطا لأن يكون هو النموذج النهائي مع إيران أو سوريا.

وكانت السعودية قد بادرت بإرسال مساعدات إلى سوريا بعد الزلزال، وفهمت الخطوة على أنها رسالة تقارب خاصة في ظل دعوات على المستوى العربي إلى عودة العلاقة مع سوريا.

وقال مصدر إقليمي موال لدمشق إن الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخما بعد اتفاق على إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهي الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد.

وستكون عودة العلاقات بين الرياض ودمشق تطورا مهما حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد الذي قاطعته الكثير من الدول الغربية والعربية بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، قبل أن تتعالى أصوات عربية تطالب بعودة سوريا إلى الجامعة العربية واستئناف العلاقات الثنائية، وهو ما زاد بصفة خاصة إثر الزلزال الذي ضرب شمال غرب سوريا.

وقال مصدر إقليمي ثان متحالف مع دمشق لرويترز إن الحكومتين “تستعدان لإعادة فتح السفارتين بعد عيد الفطر”.

وجاء القرار نتيجة محادثات في السعودية مع مسؤول مخابرات سوري رفيع، بحسب أحد المصادر الإقليمية ودبلوماسي في الخليج.

وقد يشير هذا التطور المفاجئ إلى الدور الذي قد يلعبه الاتفاق بين طهران والرياض في أزمات أخرى في المنطقة، إذ أدى التنافس بينهما إلى تأجيج الصراعات بما في ذلك الحرب في سوريا.

ودعمت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها في المنطقة، بما في ذلك السعودية وقطر، بعض فصائل المعارضة السورية. وتمكن الأسد من إلحاق الهزيمة بفصائل المعارضة في معظم أنحاء سوريا بمساعدة إيران وروسيا.

وعارضت الولايات المتحدة تحركات دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى تعامل حكومته بوحشية خلال الصراع والحاجة إلى رؤية تقدم نحو حل سياسي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل الثلاثاء للصحافيين “لن نطبّع العلاقات مع نظام الأسد”، مشددا على أن الإدارة الأميركية لا تشجّع أحدا على هذا التطبيع بغياب أي تقدّم حقيقي نحو حل سياسي.

وتابع المتحدث “نحضّ جميع المنخرطين مع دمشق على التفكير بصدق وتمعّن في الكيفية التي يمكن أن يساعد بها انخراطهم في تلبية احتياجات السوريين أينما كانوا يعيشون”.

وحملت الإمارات، وهي شريك إستراتيجي آخر للولايات المتحدة، راية التقارب مع الأسد، واستقبلته مؤخرا في أبوظبي مع زوجته. لكن السعودية كانت تتحرك بحذر أكبر.

وقال الدبلوماسي الخليجي إن المسؤول السوري الرفيع “مكث أياما” في الرياض وجرى التوصل إلى اتفاق على إعادة فتح السفارات “قريبا جدا”.

◙ الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخما بعد اتفاق على إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهي الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد

وعرف أحد المصادر الإقليمية المسؤول السوري على أنه حسام لوقا، الذي يرأس لجنة المخابرات السورية. وقال إن المحادثات شملت الأمن على الحدود السورية مع الأردن وتهريب حبوب الكبتاغون المخدرة إلى الخليج من سوريا.

وعلقت الجامعة العربية عضوية سوريا في عام 2011 ردا على قمع الأسد للاحتجاجات على حكمه.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في وقت سابق من هذا الشهر إن التواصل مع الأسد قد يؤدي إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.

وقال الدبلوماسي إن المحادثات السورية – السعودية قد تمهد الطريق للتصويت على رفع تعليق عضوية سوريا خلال القمة العربية المقبلة المتوقع عقدها في السعودية في أبريل.

وعاودت الإمارات فتح سفارتها في دمشق عام 2018 قائلة إن الدول العربية بحاجة إلى المشاركة بشكل أكبر في إيجاد حل للصراع السوري.

وعلى الرغم من أن الأسد ينعم بتجدد الاتصالات مع الدول العربية التي قاطعته ذات يوم، تظل العقوبات الأميركية عقبة رئيسية أمام الدول التي تسعى لتوسيع العلاقات التجارية مع دمشق.

العرب