على أسوار المنطقة الخضراء، تجمع المحتجون من كافة المحافظات العراقية لمطالبة مجلس النواب بالعدول عن التصويت على القانون الخاص بالتعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018 والمعروف بقانون “سانت ليغو“.
الحراك الشعبي الذي اتسع مداه مع جلسة مجلس النواب طالب فيه المحتجون “برفض القوانين غير المنصفة وغير العادلة التي تقف ضد توصيات المرجعية”. ودعوا في بيان “سكان العاصمة بغداد للالتحاق بركب المعتصمين”، وطالبوا مجلس النواب برفع فقرة تعديل قانون مجالس المحافظات مهددين بخطوات تصعيدية في حال إقرار القانون.
أصوات المحتجين والمعتصمين بالقرب من بوابة المنطقة الخضراء لم تجد صدى لها داخل قبة البرلمانالذي شهد في جلسة الأحد 26 مارس (آذار) حراكاً من نوع آخر بين المستقلين الرافضين للتصويت على القانون والمؤيدين له، وشهدت الجلسة مشادات كلامية واعتداء بالضرب على النواب المستقلين، بحسب ما أظهرت مقاطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي.
صافرة للرفض
عقدت الجلسة مساء الأحد الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي وقد دون في جدول أعمالها التصويت على القانون الخاص بالتعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، ولم يكتمل النصاب لتمتد الجلسة وتعقد في الساعة 23:00، وما إن بدأت المناقشات حول تفاصيل القانون حتى بدأ النواب المستقلون برفض مناقشة القانون، وقد احتج النائب فلاح الهلالي عن حركة امتداد من محافظة ذي قار عن طريق إطلاق صافرة للتشويش على سير أعمال جلسة مجلس النواب.
طرد المستقلين
مع كثرة الخلافات والفوضى وهتافات المستقلين بعبارة (كلا كلا سانت ليغو) طالب رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، بحفظ النظام الداخلي ومع استمرار الاحتجاج طالب الحلبوسي حرس مجلس النواب من قوات البشمركة بالتدخل لإخراج المستقلين.
وطالب رئيس كتلة الفتح النيابية، عباس الزاملي، وبحسب النائب عامر عبد الجبار، بإنهاء عضوية كل الأعضاء الذين اعترضوا على القانون فيما تعرض النائب محمد نوري إلى اعتداء بالضرب من قبل قوات البشمركة المكلفة بحماية مجلس النواب ما تسبب له بجروج طفيفة.
التصديق على القانون
رغم الحراك الشعبي خارج البرلمان واحتجاجات المستقلين داخله، إلا أن القانون تم تمريره والتصويت عليه بحضور 189 نائباً وتم التصويت على اعتماد القاسم الانتخابي (1.7) من نظام “سانت ليغو” المعدل، فيما لوحت حركة “امتداد” بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بالقرارات التي صدرت عن جلسة يوم الاحد.
يعيد هيمنة القوى الكبرى
يكرس اعتماد نظام سانت ليغو بالاعتماد على القاسم الانتخابي 1.7 هيمنة زعامات السلطة التقليدية ويجعلها متحكمة أكثر بالقوائم، وهو يعتمد على توزيع الأصوات داخل القائمة الانتخابية وليس على الفائز الأعلى كما يعتمد القانون بأن المحافظة هي دائرة انتخابية واحدة ويلغي عدالة المنافسة في الانتخابات، وستبقى الكتل التقليدية هي المهيمنة وهي صاحبة الحظ الأوفر للدخول مجدداً إلى قبة البرلمان.
حراك أكتوبر يخسر منجزاته
مع اندلاع حراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019 واستقالة حكومة عادل عبد المهدي أقر البرلمان قانون الانتخاب رقم 9 لسنة 2020 تم فيه تبني نظام الأغلبية بدلاً من نظام النسبية الذي كان قائماً في كل الانتخابات التي سبقت انتخابات العام 2021 كما أقر القانون رقم 9 لسنة 2020 الترشح الفردي حصراً بعد أن كان ترشيح القوائم الانتخابية الحزبية هو السائد سابقاً، مع تقليل عمر المرشح المسموح به من 30 إلى 28 عاماً لإتاحة فرصة أكبر للشباب في الانتخابات.
ومن التغييرات المهمة في القانون إجازته آلية جديدة في تقسيم الدوائر تتمثل في تقسيم المحافظة الواحدة إلى عدة دوائر انتخابية بدلاً من أن تكون المحافظة دائرة واحدة. وعالج نظام توزيع المقاعد إذ قضى بتخصيص مقاعد كل دائرة للفائزين بأعلى الأصوات وعلى التوالي، بغض النظر عن جنس المرشح، بعد أن يتم احتساب عدد الأصوات المُدلى بها لكل واحد ضمن الدائرة في جولة واحدة.
اعتبر القانون الذي جاء بعد حراك أكتوبر نصراً للقوى الصغيرة التي تحاول المنافسة والدخول للبرلمان، وبالفعل تمكنت القوى المستقلة في انتخابات 10 أكتوبر2021 من دخول البرلمان إذ تمكنت القوى الصغيرة التي أفرزها الحراك من الظفر بمقاعد في البرلمان فحركة “امتداد” حصلت على 9 مقاعد كما حصلت حركة “إشراقة كانون” على 6 مقاعد.
ولكن وبعد اقرار مجلس النواب قانون “سانت ليغو” لن تبقى الخارطة السياسية للمجلس كما هي، فالانتخابات القادمة ووفقاً للقانون الجديد لن تفسح المجال للقوى المستقلة والصغيرة برجحان كفتها في البرلمان، بل سيعاد سيناريو انتخابات ما قبل 2021 والمتمثل بعودة القوى التقليدية وإدارتها وفقاً لمصالحها.
اندبندت عربي