المقاربة الأممية لتفكيك عُقد انتخابات ليبيا: لا فيتو على مرشحي الرئاسة

المقاربة الأممية لتفكيك عُقد انتخابات ليبيا: لا فيتو على مرشحي الرئاسة

تتبنى البعثة الأممية في ليبيا موقفا مؤيدا لفسح المجال أمام الجميع للترشح للانتخابات الرئاسية، وترى البعثة التي يمثلها عبدالله باتيلي أن اعتراضات البعض وفي مقدمتهم المجلس الأعلى للدولة هي لدواع مرتبطة بحسابات سياسية.

طرابلس – يحاول مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا عبدالله باتيلي تفكيك عقد إجراء انتخابات تنهي المرحلة الانتقالية في ليبيا، لكنه لا يجد حتى الآن أي تفاعل حقيقي وجدي من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة.

ولا يزال المجلسان يماطلان بشأن استكمال وضع القواعد الدستورية التي ستجرى بموجبها الانتخابات التشريعية والرئاسية على الرغم من إقرارهما التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري، ويتحجج كلاهما بنقطة خلافية هي شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، ولاسيما في علاقة بمزدوجي الجنسية.

وقال المبعوث الأممي مؤخرا إنه “من غير المقبول استبعاد المرشحين من الانتخابات الرئاسية لأسباب سياسية”، ويعتبر هذا أول موقف صريح للبعثة الأممية من الخلاف الجوهري الذي يثيره الطرفان ويعطل منذ أشهر الاتفاق على قاعدة دستورية وعلى قوانين الانتخابات.

ويعتبر تصريح باتيلي، الذي أدلى به في الرابع والعشرين من مارس الجاري، في صالح قائد الجيش المشير خليفة حفتر وداعميه في مجلس النواب من أجل الترشح، فيما يتبني رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري موقفا رافضا يسانده في ذلك جزء كبير من أعضاء مجلس الدولة وكتائب الغرب الليبي، فضلا عن رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.

وأوضح باتيلي في مقابلة مع “فرانس 24″ و”إذاعة فرنسا الدولية” أن استبعاد المترشحين للانتخابات الرئاسية لأسباب سياسية “من شأنه أن يضر بشكل خطير بالوحدة الإقليمية للبلاد، وسوف يضر المجتمع الليبي بشكل خطير”. وقال “لن يقودنا مثل هذا الموقف إلى حالة من الجمود فحسب، بل إلى حالة من تفاقم الأزمة”.

ويرى المبعوث الأممي أن أسرع طريق نحو إجراء الانتخابات السماح لحفتر، الذي يمتلك الجنسية الأميركية، وغيره من المرشحين الجدليين مثل الدبيبة، وحتى سيف الإسلام القذافي، (دون تسمية أحد منهم) بالترشح لرئاسة البلاد، وإلا فلن تكون هناك انتخابات، بل وقد تتأزم الأوضاع وتذهب إلى صدام عسكري جديد.

وتم في انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، المعطلة، السماح لحفتر والدبيبة وسيف الإسلام بالترشح للرئاسة، لكن اعتراض مجلس النواب على ترشح الأخيرين، واعتراض كتائب في المنطقة الغربية على ترشح الأول أفشل الاستحقاق.

ولن يقتصر تفاقم الأزمة الليبية، وفق باتيلي، على الوضع الداخلي بل ستكون له “عواقب وخيمة على جميع البلدان المجاورة”. واعتبر أن بلدان الساحل أكثر من سيعاني من تداعيات هذه الأزمة الليبية والفراغ الأمني، مشيرا إلى أن “ليبيا سوق سلاح مفتوح في الهواء الطلق، بل هو نوع من السوبر ماركت”.

والوضع الليبي من شأنه أن يذهب إلى الأسوأ إذا انفرط عقد اتفاق وقف إطلاق النار، وانهار مشروع الانتخابات وتجديد شرعية المؤسسات المسيّرة للبلاد.

ويرى مراقبون أن إصرار المجلس الأعلى للدولة والقوى الأخرى على موقفيهما من شروط الترشح للانتخابات الليبية، من شأنه أن يضرب أيّ تفاهم مع مجلس النواب بشأن قوانين الانتخابات. وأعلن مجلس الدولة الأربعاء، تحديد أعضائه بشأن اللجنة 6+6 التي من المفترض أن تتولى تقريب المواقف بشأن النقاط الخلافية ومنها مسألة الترشح للرئاسة. جاء ذلك بعد إبداء باتيلي استياءه من عدم حسم الأسماء خلال لقاء جمعه الاثنين بالمشري.

وذكر بيان للمجلس أنه جرت تسمية أحمد جمعة الأوجلي، وحماد محمد بريكاو، وعمر محمد أبوليفة، وفتح الله محمد حسين، وفوزي رجب العقاب، وماما سليمان بلال للجنة. وأضاف البيان أن “رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، عقد اجتماعا مع لجنة إعداد مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات، في مقر المجلس بطرابلس”.

وأوضح أن “اللجنة 6+6 التابعة للمجلس الأعلى قد اختارت في اجتماعها الأول عمر أبوليفة رئيسا لها بإجماع أعضائها وتم توجيه دعوة إلى لجنة مجلس النواب للاجتماع في طرابلس الأسبوع المقبل”. وأشار إلى أن عمل اللجنة “يأتي في إطار السعي لإنجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية طبقا للتعديل الدستوري الثالث عشر قبل نهاية هذا العام”.

ويرى مراقبون أن تحديد أسماء اللجنة، خطوة مهمة لكنها تبقى منقوصة في ظل خلافات حول صلاحياتها ما قد يدفع بباتيلي إلى التعجيل في تشكيل لجنة تسييرية عليا تكون بديلا لمجلسي النواب والدولة.

وبعد أن تراجع خطوة إلى الوراء إثر الهجوم الحاد من مجلس النواب الرافض لخطته، عاد باتيلي للتلويح باللجوء إلى ما أسماه هذه المرة بـ”الإجراء البديل”، في حال فشلت السلطة التشريعية في التوصل إلى اتفاق حول قوانين الانتخابات.

◙ تحديد أسماء اللجنة خطوة مهمة لكنها تبقى منقوصة ما قد يدفع بباتيلي إلى التعجيل في تشكيل لجنة تسييرية عليا

وقال باتيلي، في حوار آخر أجراه مع “رويترز”، في الرابع والعشرين من مارس، “سننظر في الإجراء البديل الذي يمكن أن نسلكه”، إذا فشل مجلسا النواب والدولة في إصدار قوانين الانتخابات.

و”الإجراء البديل”، سبق وأن أعلن عن عناوينه الرئيسية، والذي يتمثل في تشكيل لجنة تسييرية عليا تشرف على تنظيم الانتخابات، بما فيها وضع قاعدة دستورية وقوانين الانتخابات متجاوزة مجلسي النواب والدولة.

والمبعوث الأممي، قالها بصريح العبارة “المجلسان لم ينجحا لمدة عام في الاتفاق على أسس دستورية وعلى أساس قوانين الانتخابات”، وما لم يقله أنه غير متفائل كثيرا بإمكانية الاتفاق خلال الأشهر أو الأسابيع المقبلة على قوانين الانتخابات.

ورغم إقراره بتمكن المجلسين من الاتفاق على التعديل الدستوري الـ13، وعدم الاعتراض عليه رغم إبدائه بعض التحفظات، إلا أنه شدد على ضرورة تسوية “مسألتي قوانين الانتخابات، وشروط الترشح للرئاسة”.

وتزداد الضغوط الأممية والدولية على المؤسسة التشريعية، وبالأخص على مجلس الدولة، الذي يرفض أغلبية أعضائه ترشح حفتر للرئاسة، لكنهم منقسمون بشأن الإعلان الدستوري بين من يرفضه شكلا ومضمونا، وبين من يؤيده رغم التحفظات التي عليه حتى لا يتم إخراجهم بالكامل من اللعبة السياسية، وجعل ملف حفتر بيد الأمم المتحدة والأعضاء الذين سيتم اختيارهم في اللجنة التسييرية العليا.

العرب