بعد الاتفاق بين السعودية وإيران على تهدئة التوترات واختيار مسار الدبلوماسية لحل الخلافات، كانت إسرائيل إحدى الدول المعنية بالاتفاق لما له من تداعيات ترتبط ليس فقط بموقفها من السياسة الإقليمية لإيران، بل بدور الصين في الشرق الأوسط في مقابل دور الحليف الأميركي.
تزايدت المخاوف في إسرائيل حول محور صيني – إيراني – سعودي جديد يمكن أن يشمل العراق أيضاً، فتتوقع تل أبيب أن يعزلها التحالف إقليمياً ويهدد التوسع المرغوب لـ”اتفاقات أبراهام”، ومن ثم جهودها لتعزيز تحالف إقليمي مناهض لطهران.
تعددت ردود الفعل المنتقدة للاتفاق واعتباره تقويضاً لجهود إسرائيل في مواجهة إيران، فأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت أن الاتفاق ضربة مروعة للجهود المبذولة لبناء تحالف إقليمي ضد إيران، كما أنه هزيمة كاملة لحكومة نتنياهو، سببها مزيج من الإهمال السياسي والضعف الاقتصادي والصراعات الداخلية في إسرائيل، كما يعكس أن دول العالم والمنطقة ترى أن إسرائيل منقسمة.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن ما وصفه بالضعف الأميركي والإسرائيلي هو ما أسهم في دفع الاتفاق قدماً. والاتفاق وإن كان يعني محاولات خليجية- إيرانية لتهدئة التوترات الإقليمية، لكنه من جهة أخرى لا يعني تهدئة حرب الظل بين إيران وإسرائيل، فلا يفوت هنا الوجود الإسرائيلي المتزايد في أذربيجان والعراق والاستعداد المتزايد من قبل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة للتفكير في الحرب من أجل وقف برنامج إيران النووي.
أما عن دور الصين المتزايد في الشرق الأوسط، فيبدو أنه غير مريح بالنسبة إلى إسرائيل، فبالنسبة إلى إسرائيل عكست الخطوة الصينية انتظاماً صينياً متزايداً في الخليج واهتماماً بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي مع تعزيز مكانة بكين في مواجهة واشنطن. كما أتاحت زيارة رئيسي غير المسبوقة إلى الصين لإيران تقديم إنجاز سياسي يحتمل أن يخفف من التحديات الاقتصادية التي تواجهها، في ظل تزايد الضغوط السياسية الدولية والتوتر الموقت بين طهران وبكين بعد زيارة الرئيس الصيني للخليج.
العلاقات الإيرانية – الصينية أخيراً تظهر قدرة إيران على الاعتماد على الصين في مواجهة العقوبات الغربية، لا سيما مع تلاشي الاحتجاجات ضد النظام واستمرار التقدم في البرنامج النووي ووصول طهران إلى ذروتها بتخصيب اليورانيوم بنسبة 84 في المئة.
لكن لا يزال من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الصين ستفي بالتزاماتها والاتفاقات الإضافية الموقعة خلال زيارة رئيسي وتعزيز علاقاتها مع إيران بطريقة جوهرية عبر التعاون العسكري والاقتصادي بما يتجاوز المستوى التصريحي.
الصين ترى في علاقاتها مع إيران ورقة مساومة مقابل الولايات المتحدة كجزء من المنافسة الدولية بين الدولتين. ويمكن لبكين أن تدعم النظام اقتصادياً وعسكرياً لمناوأة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط، لكن هذا لا يعني أن الصين حليف دائم لإيران، فقد سبق وانسحبت شركة الغاز الصينية المملوكة للدولة من صفقات تطوير حقل غاز إيراني بقيمة 4.8 مليار دولار بعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات.
في النهاية يمكن القول إن الاتفاق بين السعودية وإيران أفسد على نتنياهو ورقة التصعيد ضد طهران للخروج من أزمة بلاده الداخلية المستمرة في مواجهته منذ شهر، لكن ما زالت ساحات المواجهة بين الجانبين مستمرة سواء في الشرق الأوسط أو على حدود إيران من خلال أذربيجان.
اندبندت عربي