الحكومة المغربية تتحرك لإيجاد مقاربة شاملة للتصدي للمضاربين

الحكومة المغربية تتحرك لإيجاد مقاربة شاملة للتصدي للمضاربين

الرباط – تتحرك الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي في المغرب لإيجاد مقاربة شاملة وتشاركية من أجل وضع حد لغلاء الأسعار الذي يُتهم مضاربون ووسطاء بالوقوف خلف تغذيته. وقرر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة، دعوة الأغلبية الحكومية إلى عقد اجتماع طارئ للتداول حول مستجدات تفاقم الغلاء، داعيا الحكومة إلى مواجهة تصرفات المضاربين التي تصل حد الخيانة الوطنية، وكذلك مقاربة تقارير بعض المؤسسات الدستورية والإستراتيجية التي تعنى بالشأن المالي والاقتصادي.

وطالب الحزب “الحكومة بالحزم وتشديد المراقبة أكثر، والمواجهة الصارمة لجشع المضاربين وتصرفاتهم التي تصل إلى درجة الخيانة الوطنية في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، حيث حرمان المواطنات والمواطنين من خيرات بلادهم بجشع وسلوكيات مختلفة”. وفي المقابل وجه حزب التقدم والاشتراكية رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش للتحرك العاجل والفعال من خلال الإعلان عن مخطط دقيق وشامل يحمي القدرة الشرائية للمغاربة.

وحذر الحزب المعارض ضمن الرسالة التي تلاها أمينه العام محمد بن عبدالله الخميس خلال ندوة صحافية بمقر الحزب بالرباط من “تواتر خيبات المغربيات والمغاربة تُجاه التطمينات الشفوية وتعبيرات الارتياح التي تُطلقها الحكومة ويُفَنِّدها الواقع المعاش وكذلك إصدارات بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط، والتي تنبه إلى دقة الأوضاع واتساع رقعة الفقر”.

ويشهد المغرب ارتفاعا لافتا في أسعار المواد الأساسية، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة للسيطرة على الوضع. ويعزو خبراء هذا الارتفاع إلى جملة من العوامل يغذّيها جشع البعض، في غياب تشريعات فاعلة لمواجهة الظاهرة.

وحذرت المنظمة الديمقراطية للشغل من أن ارتفاع كلفة المعيشة ينعكس سلبا على الأسر المغربية الفقيرة والطبقة المتوسطة. وأكدت المنظمة الديمقراطية للشغل الخميس، أن الحكومة المغربية ملزمة اليوم باتخاذ إجراءات وتدابير حقيقية ملموسة وفق مخطط وبرنامج مندمج يحدّ من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات، وفي أسرع وقت تفاديا لتفاقم الأزمة المهددة للاستقرار والسلم الاجتماعي.

من جهته اعتبر الأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب ورئيس مجلس المستشارين النعم ميارة أن مكان المضاربين الذين يتسببون في ارتفاع أسعار المواد الأساسية بالمغرب هو السجن، موردا في آخر تجمع نقابي له أن “الحكومة لم تنَل شيكا على بياض بعد توقيع الاتفاق الاجتماعي في أبريل من العام الماضي، ولا نريد ضبط الأسعار عبر التلفزيون بل على أرض الواقع وأن يشعر المغاربة بذلك”.

وأكد رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية في تصريحات لـ”العرب” أن ما تعرفه أسعار المواد الاستهلاكية من ارتفاع غير مسبوق أثر سلبيا على المستوى المعيشي للمواطن خاصة في ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد، وباتت حماية المواطن من تقلبات الأسعار والمحتكرين والمضاربين أمرا ضروريا وملحا، ولا يجب أن ينظر إليها على أنها منة تجاه الشعب بل هي جزء من حقوقه على الحكومة التي جاءت تدافع عن الدولة الاجتماعية.

وفي تصريح صحافي الخميس أكد أخنوش على محافظة حكومته على مسار سياستها المالية، وأنها عازمة على تنفيذ البرنامج الذي منحها ثقة المواطنين. وتفاعلا مع التحديات المطروحة أمام الأغلبية الحكومية، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس خلال ندوة صحافية عقب اجتماع مجلس الوزراء إن “موضوع الأسعار شغل حيزا كبيرا من أشغال اجتماع مجلس الحكومة وناقشته بشكل موسع ومستفيض جدا”، مشددا على أن “الحكومة ستستمر في العمل بهذا النفس الجماعي وبهذه المتابعة الدقيقة، والهدف هو عودة أسعار هذه المواد إلى المستوى المعقول والطبيعي”.

السياسات الحكومية تحتاج إلى المراجعة حتى يلمسها المواطن والحكومة مدعوة لمكافحة الفساد تطوير المراقبة الاقتصادية والضرب بقوة على مكامن الفساد

وشدد ميارة القيادي كذلك في حزب الاستقلال المشارك في الحكومة، أنه على الجميع أن يساهموا من أجل ضمان سلم اجتماعي حقيقي لا أن يكون الضغط على طرف واحد. وأكد رئيس تكتل حزب الحركة الشعبية بمجلس النواب إدريس السنتيسي أنه “مع الأسف الشديد قدمنا نفس ملاحظاتنا حول القانون الأول في عمر الحكومة لسنة 2022 أثبت الواقع أننا كنا على حق وتوقعات الحكومة خارج السياق وانساقت باللعب على هوامش القانون والميزانية بضخ الاعتمادات الإضافية”.

ولفت لزرق إلى أن السياسات الحكومية تحتاج إلى المراجعة حتى يلمسها المواطن وأن الحكومة مدعوة لمكافحة الفساد ومراقبة مسالك توزيع المنتجات الزراعية والمواد الاستهلاكية، وتطوير المراقبة الاقتصادية لأنها تدخل في اختصاصاتها لاستكمال مشروع الإصلاحات والضرب بقوة على مكامن الفساد والإثراء غير المشروع.

ومن ناحية الإجراءات ولضمان كبح ارتفاع الأسعار، باعتبار ذلك أولوية في سياق عالمي يتسم بالتضخم المتزايد، تمت بلورة حزمة من التدابير الرامية إلى التحكم بشكل أكبر في ارتفاع الأسعار خلال اجتماع للجنة الوزارية المكلفة بتتبع وضعية التموين ومستوى الأسعار وعمليات المراقبة المنعقد الخميس.

ويتعلق الأمر بالخصوص بالحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك من خلال إجراءات التصدي لمختلف الممارسات غير القانونية من طرف المحتكرين والمضاربين، والتمكن من تلبية احتياجات السوق الوطنية، وضمان مخزون كاف ومنتظم من جميع المواد الأساسية، وضمان سلامة المستهلك.

العرب