رئيس السلطة القضائية في إيران يتوعد بمعاقبة النساء غير المحجبات “بلا رأفة”

رئيس السلطة القضائية في إيران يتوعد بمعاقبة النساء غير المحجبات “بلا رأفة”

طهران – في ظل تزايد عدد النساء المتحديات لقواعد الملبس الإلزامية، هدد رئيس السلطة القضائية الإيرانية السبت بملاحقة من يظهرن في الأماكن العامة غير محجبات “دون رأفة”.

ويأتي تحذير رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي في أعقاب بيان لوزارة الداخلية الخميس دعم قانون الحجاب الإلزامي للحكومة.

ونقلت عدة مواقع إخبارية عن إجئي القول “عدم ارتداء الحجاب يصل إلى حد العداء لقيمنا”. وأضاف أن من “ترتكبن مثل هذه الأفعال المخلة سيعاقبن (…) وسيحاكمن بلا رأفة”، دون أن يحدد العقوبة.

وقال إجئي إن رجال إنفاذ القانون “ملزمون بإحالة الجرائم الواضحة وأي نوع من الإخلال بالقانون الديني في الأماكن العامة إلى السلطات القضائية”.

وأغلقت السلطات في إيران منتصف مارس الماضي سوقا شهيرا للذهب لأنه استخدم شريط فيديو للدعاية تظهر فيه امرأة لا ترتدي الحجاب.

وقالت صحيفة “همشهري” الإيرانية إنه تم إغلاق منطقة بيع الذهب والمجوهرات بمركز كريم خان الشهير للتسوق في العاصمة طهران.

وفي المقطع الدعائي للسوق تابعت الكاميرا امرأة لا ترتدي الحجاب الإلزامي الذي يتفق مع قواعد اللباس الصارمة للنساء في أماكن التسوق في إيران.

وبعد الاحتجاجات التي اندلعت في فصل الخريف ضد نظام الحكم الإسلامي، بات المزيد من النساء يتجاهلن قواعد اللباس.

وأصبحت السلطات في العديد من المدن تتغاضى الآن عن تلك المخالفات ولكن في الوقت ذاته، تتم مقاضاة من يخالفن شرط ارتداء الحجاب عبر وسائل المراقبة بالفيديو. ورغم ذلك، فإن مخالفات القانون في مقاطع الفيديو الترويجية تعد شيئا جديدا.

وفي وقت سابق أثارت مجموعة من الشابات الإيرانيات أزمة على المواقع الإلكترونية بعد نشر مقطع مصور راقص. وظهرت الشابات الخمس في المقطع وهن يرتدين ملابس فضفاضة، وبدون حجاب، أمام تجمع سكني في حي معروف بالعاصمة طهران. وتم نشر مقطع الفيديو المصور بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في الثامن مارس الماضي.

وأفادت تقارير غير مؤكدة على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه تم إجبار الفتيات لاحقا على تقديم اعتذار علني.

وخلع عدد متزايد من الإيرانيات الحجاب منذ وفاة كردية عمرها 22 عاما في حجز شرطة الأخلاق في سبتمبر الماضي. وتم احتجاز مهسا أميني بتهمة انتهاك قواعد الحجاب.

واتخذت قوات الأمن تدابير عنيفة لإخماد احتجاجات استمرت لشهور في عموم البلاد بعد وفاة الشابة الكردية.

ومع ذلك تظهر نساء بشكل متزايد بدون حجاب في مراكز التسوق والمطاعم والمتاجر والشوارع في أنحاء البلاد بالرغم من أن هذا يعرضهن للاحتجاز بتهمة مخالفة قواعد الملبس الإلزامية. وانتشرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لنساء غير محجبات يقاومن شرطة الأخلاق.

ومع انتشار هذه الاحتجاجات، انتشرت مقاطع فيديو لنساء يقصصن شعورهن ويحرقن الحجاب تعبيرا عن احتجاجهن على ما حدث لأميني، واعتراضا على ممارسات شرطة الأخلاق التي تفرض ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. لكن حرق الحجاب وقص الشعر لم يتوقف عند كونه رفضا لإجبار النساء على ارتداء ما تراه السلطات مناسبا أو غير مناسب، بل تحول إلى رمز يطالب النظام الإيراني بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.

وبموجب تفسير الشريعة الإسلامية في القانون الإيراني الذي وضع بعد ثورة 1979، فإن النساء ملزمات بتغطية شعورهن وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة. وتواجه المخالفات التوبيخ العلني أو الغرامة أو الاحتجاز.

السلطات في إيران أغلقت منتصف مارس الماضي سوقا شهيرا للذهب لأنه استخدم شريط فيديو للدعاية تظهر فيه امرأة لا ترتدي الحجاب

وقال بيان وزارة الداخلية الذي وصف الحجاب بأنه “من ركائز حضارة الشعب الإيراني” و”أحد المبادئ العملية لجمهورية إيران الإسلامية”، إنه لن يكون هناك “تراجع أو تسامح” في هذا الشأن.

وحث البيان المواطنين على مجابهة النساء غير المحجبات. وشجعت توجيهات مماثلة في عقود ماضية متشددين على مهاجمة النساء دون خوف من العقاب.

وتقول الباحثة في معهد الدراسات العالمية الألماني سارة بازوباندي إن نضال النساء من أجل حرية الاختيار قد بدأ قبل عشرات السنوات من الاحتجاجات الأخيرة التي سببتها وفاة مهسا أميني.

وتضيف بازوباندي أنه عقب إعلان آية الله الخميني في العام 1979 أنه لن يُسمَح للنساء بالدخول إلى أماكن العمل إلا إذا التزمن بارتداء الحجاب، خرجت الإيرانيات إلى الشارع احتجاجًا على انتهاك حريتهن في الخيار.

وقد تعرضت المتظاهرات لهجمات عنيفة من القوات الموالية للثورة الإسلامية التي تحوّلت لاحقًا إلى شرطة الأخلاق، وهو الجهاز الذي اعتقل مهسا أميني مؤخرا.

غير أن الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلسي نيما خورامي تجادل بأن هذه الاحتجاجات الجارية في المدن الإيرانية حاليا تختلف عن مثيلاتها في ثلاثة أمور، الأول يتمثل في الدور البارز الذي تؤدّيه المرأة في قيادة المعركة من أجل التغيير. وأما الثاني فهو اتساع رقعة انتشار الاحتجاجات الحالية التي لم تقتصر على الطبقة الوسطى أو خرّيجي الجامعات. فبعدما كانت الطبقة العاملة ناشطة في تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة في الأعوام الأخيرة، تحظى الاحتجاجات الحالية بدعم المشاهير من الرياضيين والفنانين، ومن تجّار أثرياء.

وأما الاختلاف الثالث فهو أن الاحتجاجات لا تقتصر على المدن الكبرى، بل إن المدن الصغيرة تحوّلت إلى مراكز رئيسة للاحتجاجات.

وتقول خورامي إن تحقيق أي تغيير في إيران يتطلب تقديم مساعدات مباشرة وغير مباشرة إلى الإيرانيين في نضالهم ضد النظام.

العرب