الجيش الليبي ينفي مساندة أي طرف في الصراع السوداني

الجيش الليبي ينفي مساندة أي طرف في الصراع السوداني

الخرطوم – نفت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، التي يقودها المشير خليفة حفتر، اليوم الخميس، تقديم الدعم لطرف ضد الآخر من طرفي الصراع الدائر في السودان، وذلك ردا على تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” اتهمه بمساندته قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وقال أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، في بيان “تنفي القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية نفيا قاطعا تقديم الدعم لطرف ضد الطرف الآخر في السودان”.

وأضاف أن القوات المسلحة الليبية “تقوم حاليا بإجراء الاتصالات العاجلة مع الأطراف المعنية، وبأننا مستعدون للقيام بدور الوساطة بين الأشقاء في السودان لوقف القتال”.

وأفادت الصحيفة الأميركية نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، مساء الأربعاء بأن قائد الفصيل الذي يسيطر على شرق ليبيا، خليفة حفتر، أرسل طائرة واحدة على الأقل لنقل الإمدادات العسكرية لقوات الدعم السريع، كما أرسلت مصر في الوقت نفسه طائرات حربية وطيارين لدعم الجيش السوداني.

وأوضحت الصحيفة أن إرسال كل من حفتر والجيش المصري دعما عسكرياً للجنرالين المتنافسين اللذان يتحاربان من أجل السيطرة على السودان، كما يقول أشخاص مطلعون على الأمر للصحيفة، يعتبر مثالا يوضح كيف يهدد هذا القتال باستقطاب قوى إقليمية.

وذكرت الصحيفة الأميركية أنه لطالما كان موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر ونهر النيل، فضلا عن احتياطياته الهائلة من الذهب، مطمعاً لقوى خارجية منذ فترة طويلة.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” أنه منذ الإطاحة بالرئيس السوداني، عمر البشير، في عام 2019، استخدم الجنرالان المتحاربان هذه الأصول لبناء تحالفات مع القوى الإقليمية والعالمية من أجل التفوق العسكري والسياسي.

ووفقا لـ”وول ستريت جورنال”، يزيد تورط قوى خارجية من خطر حدوث تصعيد خطير في القتال يمكن أن يوسع الصراع ويقوض جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرهما للتوسط في وقف إطلاق النار.

وكان يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو “حميدتي” قد نفى في تصريحات لموقع “آي – 24” الإسرائيلي، الأربعاء أن تكون هناك أي عمليات دعم خارجية من أي دولة، مؤكدا أن قوات الدعم السريع تعتمد على قدراتها الذاتية التي أعدتها منذ فترة لأنها كانت تعلم أن الطرف الآخر يعد لانقلاب يستهدف العملية السياسية كلها.

ونشرت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا، السبت، قالت إنه لقوات مصرية “تسلم نفسها” لها في قاعدة مروي التي تقع في منتصف الطريق تقريبا بين العاصمة الخرطوم وحدود المدينة مع مصر.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان اليوم الخميس “تقديرًا للعلاقات التاريخية والأخوية المتميزة التي تربط شعبي السودان ومصر ووفاءا بالتزامها المعلن بالمحافظة على رعايا الشقيقة مصر وامتثالًا للقوانين والأعراف الدولية قامت قوات الدعم السريع صباح اليوم الخميس بتسليم (27) عسكريًا من رعايا جمهورية مصر العربية الشقيقة إلى الصليب الاحمر الدولي.

ولفتت إلى أن “الجنود المصريين الذين جرى تسليمهم اليوم كانوا متواجدين في قاعدة مروي العسكرية وتحفظت عليهم قوات الدعم السريع في الفترة من 15 إلى 20 أبريل وهم في حالة صحية ممتازة حتى لحظة تسليمهم بكافة متعلقاتهم للجنة الدولية للصليب الأحمر”.

وشكرت الدعم السريع لحكومة المصرية وأشادت بجهود دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تواصلت مع قيادة الدعم السريع في هذا الشأن، كما قدمت شكرها خاصة للجنة الدولية للصليب الأحمر على التعاون والتنسيق.

أعلنت مصر نجاح جهود تأمين سلامة باقى الجنود المصريين في السودان، واللذين كانت تحتجزهم قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على قاعدة مروي الجوية بشمال السودان حيث كانوا يشاركون في تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين.

وقالت الخارجية المصرية في بيان إنها “قامت بالتنسيق والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لتأمين سلامة باقى الجنود المصريين المتواجدين في جمهورية السودان لدى قوات الدعم السريع وتسليمهم إلى سفارة جمهورية مصر العربية في الخرطوم”.

وأعربت مصر والإمارات عن تقديرهما للصليب الأحمر الدولي لما بذله من جهود في دعم عملية تأمين سلامة الجنود المصريين.

وذكرت وزارتا خارجية البلدين أن هذه الخطوة تأتي في إطار موقف الدولتين الداعم للتهدئة عبر التواصل المستمر مع الأطراف السودانية لضمان ضبط النفس ووقف التصعيد والعودة للمسار السياسي.

وأكدت الوزارتان التزام بلديهما بمواصلة جهودهما الرامية إلى وقف الاقتتال وحماية المدنيين والمنشآت المدنية، مشددتان على أهمية تكثيف الجهود الهادفة للعودة للإطار السياسي والحوار لحل جميع الخلافات والمضي قدماً في المرحلة الانتقالية وصولاً إلى الاستقرار السياسي والأمني المنشود في السودان.

وأفادت تقارير بإطلاق النار بكثافة من جديد اليوم الخميس في وسط العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى مع محاولة الكثيرين الفرار من المدينة مع اقتراب عيد الفطر.

وشهدت الخرطوم وأم درمان وبحري، التي تشكل معا ولاية الخرطوم، معارك ضارية هذا الأسبوع بين الجيش وقوات الدعم السريع مما أدى لإغلاق المدينة ونقص الإمدادات الغذائية.

وأظهر بث قنوات تلفزيونية من الخرطوم انحسار الدخان والحرائق التي شهدتها المدينة في الأيام القليلة الماضية قبل أن يندلع القتال من جديد.

وسُمع إطلاق نار في بحري وتحدث سكان عن اشتباكات عنيفة غربي أم درمان التي قالوا إن الجيش تحرك إليها لمنع وصول تعزيزات لقوات الدعم السريع.

وقال الجانبان في وقت سابق إنهما سيلتزمان بوقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة وكان من المقرر أن يبدأ في السادسة من مساء أمس الأربعاء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش) لكن سرعان ما انتُهك وقف إطلاق النار بتجدد القتال.

وأصدرت قوات الدعم السريع بيانا عن خرق الهدنة وقالت إنها تعرضت للهجوم في أم درمان وكبدت الجيش خسائر ردا على ذلك بما في ذلك إسقاط طائرتي هليكوبتر.

وتركز بعض من أعنف القتال حول المجمع الذي يضم مقر القيادة العامة للجيش ومقر إقامة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

ويتحكم الجيش في مداخل الخرطوم ويحاول فيما يبدو قطع طرق الإمدادات لقوات الدعم السريع حسبما قال سكان وشهود.

وتضغط قوى دولية مرارا في سبيل وقف إطلاق النار لكن دون جدوى تذكر، وتكابد لإجلاء رعاياها بعد أن وصل العنف إلى المطار وعدة مناطق تضم سفارات.

وقال سكان ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إن المزيد من الناس يغادرون العاصمة وإن معظمهم يستطيعون العبور لكن بعضهم يجري توقيفهم في نقاط التفتيش.

وقال ساكن في الخرطوم يدعى عبد الملك “لا يوجد غذاء والمتاجر الكبيرة خاوية والوضع ليس آمنا لذلك يرحل الناس بصراحة”.

وأدت هذه الاشتباكات المتواصلة لليوم السادس على التوالي إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 198. وفق نقابة أطباء السودان.

وأفادت النقابة في بيان “الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة لليوم الخامس على التوالي، أسفرت عن مزيد من الضحايا يجري حصرهم حتى لحظة إصدار التقرير في العاصمة والولايات”.

وأضافت “ارتفع عدد الوفيات منذ بداية الاشتباكات إلى 198 حالة وفاة بين المدنيين، و1207 حالة إصابة”.

وأشارت إلى أنه “يوجد عدد من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر لم تتمكن من الوصول للمستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد”.

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانية إن تسعة مستشفيات تضررت بنيران المدفعية وجرى إخلاء 16 مستشفى، كما لا توجد مستشفيات تعمل بشكل كامل في العاصمة.

ويقول سكان إن أسعار البنزين ارتفعت ورفع بعض الباعة أسعار الأطعمة الطازجة كثيرا.

ويتقاتل الفصيلان العسكريان في أنحاء أخرى من السودان أيضا بما في ذلك منطقة دارفور التي تقع بغرب البلاد وشهدت صراعا وحشيا احتدم بعد عام 2003 وأدى إلى تشريد ما يربو على مليوني شخص.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحافيين إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيبحث الموقف اليوم الخميس مع رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للجامعة العربية ومنظمات أخرى معنية.

وأضاف “الناس في السودان يواجهون نفاد الغذاء والوقود والإمدادات الأخرى الحيوية. والكثيرون بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية”.

وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد حتى قبل اندلاع الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان يوم السبت بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.

العرب