عدن- وصف مراقبون يمنيون توجه وفد قبلي من محافظة أبين (شرق عدن) إلى صنعاء بأنه مؤشر على بداية تملق قبلي للحوثيين الذين تشير الدلائل إلى أنهم أكبر المستفيدين من مسار التهدئة الحالي، خاصة أنه قد يتحول إلى تسوية دائمة تحافظ على مكاسبهم الحالية كأمر واقع.
ولم يستبعد المراقبون أن تعمد بعض القبائل إلى استباق التسوية النهائية وفتح قنوات التواصل مع الحوثيين باعتبارهم الطرف القوي في المرحلة القادمة على عكس قوى الشرعية التي تشقها الخلافات حول مستقبلها وعلاقاتها البينية بعد التسوية.
واختار الوفد القبلي الذي توجه إلى صنعاء البعد الإنساني مدخلا لزيارته من خلال بحث موضوع إطلاق سراح أحد أبرز الأسرى الذين مازالوا لدى الحوثيين، خاصة أنه لم يكن أولوية في القوائم التي تم الإفراج عنها إلى حد الآن ضمن صفقة تبادل الأسرى.
◙ المحافظات الجنوبية قد تتحول إلى ساحة صراع واستقطابات متزايدة لتغيير خارطة النفوذ في جنوب اليمن
لكن مصادر يمنية مطلعة تحذر من مخطط حوثي لنقل الصراع إلى المحافظات الجنوبية المحررة خلال الفترة المقبلة، مستغلا التوقف في جبهات القتال نتيجة الهدنة المتوقع الإعلان عنها في الأيام القادمة، بالتوازي مع تجدد النشاط الإخواني الممول من الدوحة ومسقط لإرباك الأوضاع في جنوب اليمن عبر شخصيات جنوبية تم استقطابها من مختلف التيارات السياسية للقيام بهذا الدور.
واعتبرت المصادر أن الإعلان عن توجه وفد قبلي إلى صنعاء للقاء الحوثيين، تحت عنوان المطالبة بإطلاق سراح الضابط العسكري فيصل رجب ضمن مبادرة قبلية، هو محاولة لخلط الأوراق وفتح الساحة الجنوبية أمام التدخلات الحوثية، وتحسين صورة ميليشيات “أنصارالله”.
وكشفت هذه المصادر أن رئيس الوفد القبلي الذي يزور صنعاء، سالم الجنيدي، على علاقة وثيقة بالحوثيين وتربطه صلة قرابة بمحافظ محافظة أبين المعين من قبل الحوثيين، صالح الجنيدي، إلى جانب اتهامه بالتورط في حماية خلايا حوثية في أبين، كشفت عنها إدارة أمن محافظة أبين في بيان لها بتاريخ مايو 2022 واتهمتها بتنفيذ عمليات ضد قوات العمالقة الجنوبية في مديريتي المحفد ولودر.
وأشارت المصادر إلى قيام الحوثيين بتعيين قيادات إدارية وأمنية وعسكرية على مستوى المحافظات والمديريات في محافظة أبين وبعض المحافظات الجنوبية، مستغلة وجود بعض المتعاطفين معها لدواع سلالية، وتحريك تلك الخلايا على عدة مستويات لخدمة أجندة الحوثيين التي تستهدف زعزعة الأمن في جنوب اليمن وتهيئة الساحة للتدخل العسكري الحوثي المباشر في مرحلة لاحقة.
وكانت القوات الأمنية في محافظة أبين قد كشفت في أكتوبر 2012 عن ضبط وتفكيك خلية حوثية في مديرية الوضيع، كانت تعمل لصالح الميليشيات الحوثية في مجال التجنيد والتخريب وتخزين الأسلحة والعمل الاستخباري.
ويرجح مراقبون وخبراء أن تتحول المحافظات الجنوبية خلال الفترة القادمة إلى ساحة صراع واستقطابات متزايدة بالتوازي مع نشاط استخباري وعسكري متعدد الأشكال يهدف إلى تغيير خارطة النفوذ في جنوب اليمن وفرض واقع جديد.
وتزامنت زيارة الوفد القبلي إلى صنعاء مع حملة إعلامية وسياسية متصاعدة تستهدف محافظ أبين وقوات العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة على خلفية مقتل مدير مكتب الصحة في مديرية بيحان، نتيجة خلاف حول خطبة صلاة العيد.
وحذرت مصادر مطلعة من تحول الصراع في مديرية بيحان، وخصوصا بعد قيام الإخوان بإنشاء مخيم قبلي تحت عنوان المطالبة بدم قتلة خطيب العيد، إلى فرصة لعودة الحوثيين إلى مهاجمة المديرية التي يقفون على تخومها في محاولة لتهديد محافظة شبوة مرة أخرى.
وحول أهداف زيارة الوفد القبلي من محافظة أبين إلى صنعاء، والتي تشير المعلومات إلى أنها جاءت بتنسيق حوثي، قال يعقوب السفياني مدير مركز ساوث 24 للدراسات “يحاول الحوثيون إحداث اختراق مجتمعي في الجنوب بعد فشلهم في تحقيق الاختراق العسكري منذ طردهم في 2015”.
وأضاف السفياني في تصريح لـ”العرب” أن “الأسير اللواء فيصل رجب هو أسير حرب وقضيته سياسية تخص الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وهي ليست قضية قبلية، والقوات الجنوبية تسعى جاهدة لإطلاق سراحه مقابل عشرات الأسرى من الحوثيين، تماما كما حدث عند إطلاق سراح اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي”.
ولفت السفياني إلى أن زيارة الوفد القبلي من أبين إلى صنعاء تتزامن مع حالة تحشيد ينفذها حزب الإصلاح في شبوة.
وقال “هناك مخيمات اعتصام مسلحة بذريعة الانتصار للشيخ الباني الذي قتل في مديرية بيحان، لكن من الواضح أن هذه المخيمات تتجاوز هذه القضية إلى ما هو أبعد من ذلك”.
وحول توقعاته لنتائج هذه الزيارة المشبوهة أضاف “سيحاول الحوثيون بناء تفاهمات مع الوفد القبلي الأبيني في صنعاء، وهذا شيء مؤكد. ولن تقتصر النقاشات هناك على إطلاق سراح فيصل رجب؛ فالحوثيون سيعملون على استغلال حالة خروج قيادات أبين من المشهد مثل هادي والميسري، ويبقى السؤال: ما هو الثمن الذي ستطلبه الجماعة مقابل الرجل من الوفد القبلي؟”.
وعن دلالات هذا الحراك في هذا التوقيت تابع قائلا “يبدو أن مخيمات الاعتصام هذه هدفها الأول هو إرباك المشهد العام في محافظة شبوة ذات الأهمية الإستراتيجية وتحويل انتباه المجلس الانتقالي الجنوبي باتجاه هذه المحافظة لتخفيف الضغط عن قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، كما أن نصبها في مناطق شبوة الحدودية تزامنًا مع توتر عسكري منذ أسابيع في جبهات حريب بين قوات العمالقة الجنوبية والحوثيين قد يفسر بأنه ضوء أخضر من حزب الإصلاح للحوثيين بعد إرباك الجبهة الداخلية لشبوة”.
العرب