أشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس بالجهود الجارية لإنجاح مشروع بناء خط أنبوب غاز يربط بين المملكة ونيجريا، منوها بأن هذا المشروع الريادي خطوة في مسار يستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي في القارة السمراء.
الرباط – يحرص المغرب على ربط شراكات اقتصادية واعدة على قاعدة رابح – رابح، وتبني سياسة قائمة على تحقيق التكامل الاقتصادي، لاسيما مع محيطه الأفريقي، على غرار مشروع أنبوب الغاز مع نيجريا. ويأتي هذا الحرص من منطلق إيمان العاهل المغربي الملك محمد السادس بأن السلام لا يمكن أن يتحقق على الصعيد القاري أو الدولي دون مقاربة شاملة، تكون التنمية الاقتصادية إحدى ركائزها.
وقال الملك محمد السادس “إن المملكة المغربية انخرطت في عدة مشاريع مشتركة تروم تقوية التكامل الاقتصادي العربي والأفريقي، على غرار مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يعد مشروعا إستراتيجيا من أجل السلام والتنمية المشتركة، والذي يهدف إلى تعزيز الأمن في مجال الطاقة، على المستوى القاري والدولي”.
ونوه العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى المشاركين في أشغال الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، التي انطلقت أشغالها، السبت في الرباط، بـ”دعم المؤسسات المالية، الإقليمية والدولية، التي واكبت تمويل الدراسات الخاصة بهذا المشروع الواعد، وعبرت عن ترحيبها واستعدادها لدعم إخراج هذا المشروع القاري المهيكل إلى حيز الوجود”.
ويرى متابعون أن أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب سيكون له أثر كبير على اقتصاد أفريقيا، لاسيما الدول الواقعة غربي القارة السمراء، في ظل ارتباك إمدادات الطاقة في العالم. ونقلت وكالة أنباء المغرب في وقت سابق أن استثمارات مشروع خط أنابيب الغاز المزمع إنشاؤه بين نيجيريا والمغرب، تبلغ نحو 25 مليار دولار، سيتم تمويلها مناصفة بين البلدين.
وقال خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن المغرب ربط تنفيذ هذا الأنبوب بالسلام والاستقرار بين الدول والتكامل الإقليمي على المستوى الاقتصادي وانسيابية السلع والموارد في مجال الطاقة منها الغاز، ودعم الأمن الإقليمي في شكل اتحادات اقتصادية ومنظمات جهوية، ما يقلص من التوتر والحساسيات السياسية.
ولفت شيات في تصريحات لـ”العرب” إلى أن مع فشل مشروع بناء فضاء مغاربي موحد، فإن المغرب يركز على المسار الأفريقي كفضاء جيد لبناء الاندماج الاقتصادي، مشيرا إلى أن الغاز النيجيري الذي سيمر من دول أفريقية سيكون له أثر إيجابي على مستوى الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتقارب تلك الدول.
وكان المغرب وصندوق “أوبك” للتنمية الدولية أعلنا بداية مايو الماضي، توقيع اتفاق قيمته 14.3 مليون دولار، لتمويل جزء من الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب. كما أعلنت شركة البترول الوطنية النيجيرية، قبل نحو ثلاثة أسابيع، أنها ستستثمر 12.5 ملايير دولار لتأمين حصة 50 في المئة في مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري – المغربي، وأن المشروع الذي سيربط نيجيريا بالمغرب في المرحلة الثانية من الدراسات الهندسية يخضع لتقييم الأثر البيئي ومسوح الطريق.
ووصلت الدراسات المتعلقة بهذا المشروع الضخم إلى مرحلة متقدمة وتم التوقيع على مذكرات تفاهم في الأشهر الأخيرة، كانت الأولى بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وجمهورية نيجيريا الاتحادية والمملكة المغربية، كما تم توقيع مذكرتين أخريين بين المغرب ونيجيريا وموريتانيا من جهة، والمغرب ونيجيريا والسنغال من جهة أخرى، إلى جانب خمس مذكرات تفاهم ثلاثية على التوالي بين المغرب ونيجيريا من جهة، وغامبيا وغينيا بيساو وغينيا وسيراليون وغانا من جهة أخرى.
وأشاد الملك محمد السادس في الرسالة للمشاركين في أشغال الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، التي تلاها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بالجهود التي تقوم بها الهيئات المالية العربية ودعمها لمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة، من خلال المساهمة المتواصلة في تمويل مشاريعها الإنمائية والاستثمارية، وتقديم الدعم الفني والتقني في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن المغرب، الذي يتشرف باحتضان الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية للمرة السادسة، يؤكد الاهتمام الكبير الذي يوليه للعمل العربي المشترك.
وأبرز العاهل المغربي أن هذا اللقاء السنوي “يعتبر محطة هامة لتقييم المنجزات، وتثمين الجهود التنموية المشرفة التي تبذلها هذه الهيئات، ويعد فرصة لاستشراف الرهانات التنموية المستقبلية المطروحة في عالم سريع التحول، ومناسبة لتبادل الآراء بخصوص السبل الكفيلة بدعم جهود الدول العربية لكسب تلك الرهانات”.
واعتبر شيات أن الرهانات التي يريد المغرب من خلالها فضاء أفريقيا متكاملا مندمجا ومستقرا تتماشى مع طرحه الإستراتيجي على المستوى الأفريقي بتنمية التجارة والاستثمار وعلاقات اقتصادية وتجارية، عكس دول أخرى لها رهانات سياسية بدون أي مجهود اقتصادي أو اندماجي وتعمل على أن تبقى أفريقيا مرتعا للحروب والخلافات السياسية ودعم الانقلابات العسكرية لأنه يناسب أجنداتها.
العرب