هل تقف فلول البشير وراء اقتحام مبنى الملحقية الثقافية السعودية بالخرطوم

هل تقف فلول البشير وراء اقتحام مبنى الملحقية الثقافية السعودية بالخرطوم

الرياض/الخرطوم – تعرضت الملحقية الثقافية السعودية في السودان للاقتحام والتخريب من مجموعات مسلحة، يرجح أنها من فلول نظام عمر البشير التي سبق أن اتهمتها قوات الدعم السريع باستغلال فوضى الحرب الدائرة في البلاد بالقيام بعمليات نهب لمنازل ومصانع وقطع الخدمات لإثارة مزيد التوتر في وقت تبذل الرياض منذ بدء الاشتباكات في منتصف أبريل الماضي إلى احتواء الأزمة، بالدعوة إلى بدء مفاوضات بين الجانبين المتقاتلين.

وأعلنت السعودية اليوم الأربعاء “اقتحام مجموعة مسلحة مقر ملحقيتها الثقافية في العاصمة السودانية الخرطوم وتخريبها، والاستيلاء على بعض الممتلكات”، وذلك بحسب بيان وزارة الخارجية السعودية، لم يوجه اتهاما لأحد، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الواقعة.

ومنذ منتصف أبريل الماضي، تندلع مواجهات مسلحة بين الجيش السوداني، بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” خلفت أعمال فوضى ومئات القتلى وآلاف المصابين.

وقالت وزارة الخارجية في البيان، إن “مبنى الملحقية الثقافية السعودية في الخرطوم، تعرض صباح الثلاثاء إلى اقتحام من قبل مجموعة مسلحة قامت بتخريب الأجهزة والكاميرات والاستيلاء على بعض ممتلكاتها، وعطّلت أنظمة وخوادم الملحقية”.

وأعربت الخارجية السعودية عن “استنكار المملكة بأشد العبارات اقتحام مبنى الملحقية الثقافية في الخرطوم”.

ودعت السعودية، وفق البيان، إلى “احترام حرمة البعثات الدبلوماسية ومعاقبة الجناة”.

وجددت الخارجية، “دعوة المملكة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين والمقيمين وللمدنيين السودانيين”.

وتسعى الرياض منذ بدء الاشتباكات في منتصف أبريل الماضي إلى احتواء الأزمة، بالدعوة إلى بدء مفاوضات بين الجانبين المتقاتلين.

وكانت تقارير تشير إلى أن مدينة جدة السعودية مكان محتمل لاستضافة المفاوضات بين وفدي الجيش والدعم السريع.

وهذه ليست الأمرة الأولى التي تتعرض بعثات دبلوماسية في السودان لاعتداءات، وصلت إلى حد مقتل موظف مصري ضمن طاقم سفارتها في الخرطوم.

وخلال الأيام الماضية أغلقت بعثات دبلوماسية أبوابها وأجلي رعايا في ظل تدهور الوضع الأمني في البلاد.

وكانت السعودية قد نفذت عبر بارجتها الحربية “جلالة الملك الدرعية” التي يبلغ طولها 102 متر عمليات إجلاء واسعة لمدنيين من المعارك الدائرة في السودان.

وحتى ظهر الاثنين الماضي استقبلت السعودية أكثر من 5400 مدني تمّ إجلاؤهم، الغالبية العظمى منهم أجانب من 102 دولة في ستّ قارات.

وأشادت الولايات المتحدة الاثنين بالدور الذي لعبته السعودية في إجلاء المدنيين الأجانب من السودان، حيث قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل في إفادة صحافية إن “السعودية لعبت دورا هاما في إجلاء المدنيين من السودان وفي التواصل مع القيادات العسكرية للتوصل إلى اتفاق الهدنة”.

وأدانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، عملية الااقتحام وشدّدت في بيان صحفي أوردته وكالة الأنباء السعودية ” واس” اليوم الأربعاء ، على ضرورة إنهاء العنف واحترام حرمة المباني الدبلوماسية وتوفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين.

قال شاهد إن دوي ضربات جوية تردد في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الأربعاء رغم موافقة طرفي الصراع على وقف جديد لإطلاق النار لمدة سبعة أيام اعتبارا من غد الخميس، مما قوض فرص تثبيت هدنة طويلة قد تخفف من حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.

ووصل مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ إلى بورتسودان “لإعادة التأكيد” على التزامه بمساعدة الشعب السوداني. وقال متحدث باسمه إن تحسين ظروف توصيل المساعدات عبر ضمانات بتوفير العبور الآمن ستكون أولوية بالنسبة له.

وقالت الأمم المتحدة إن الصراع تسبب في أزمة إنسانية إذ أجبر نحو مئة ألف على الفرار لدول مجاورة دون غذاء أو مياه.

وتعطلت عمليات توزيع المساعدات الإنسانية في دولة كان نحو ثلث سكانها بالفعل يعتمدون على المساعدات. وقد يتسع نطاق الكارثة مع معاناة دول جوار فقيرة من تبعات تدفق اللاجئين الفارين من الصراع.

وتراوحت مدة اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع بين 24 و72 ساعة لكن لم يتم الالتزام بأي منها التزاما كاملا. واندلع الصراع على السلطة بين الطرفين منذ منتصف أبري .

وتوجه للجيش تهم بخرق الاتفاقيات السابقة والمماطلة في تنفيذها بالرغم من إعلان الموافقة عليها بشكل رسمي، والمضي في تنفيذ هجمات جوية بشكل مستمر على مواقع قوات الدعم السريع ما يضطرها إلى الرد.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر مساء الثلاثاء “تصدت قواتنا في عدد من المواقع بالعاصمة الخرطوم لاعتداءات الطيران والمدافع على المدنيين وتمكنت من إسقاط طائرة من طراز (ميغ)”.

وذكرت القوات أن “سلاح الجو السوداني شن غارة على المعمل القومي “استاك” الذي يقع في محيط سيطرة قواتنا ضاربين بتحذيرات الجهات الصحية من احتواء المعمل على مواد خطرة، في مسعى لإلصاق التهمة بقواتنا التي تصدت للهجوم منعاً لاستهداف المنشآت المدنية والإنسانية”.

وأدانت بأشد العبارات هذا المسلك الجبان والفعل الإجرامي الذي يشبه قيادة القوات الانقلابية التي استمرأت قتل الأبرياء.

وأفادت الدعم السريع بأن قواتها استمرت في إجلاء البعثات الدبلوماسية ورعايا الدول الشقيقة والصديقة وفتح الممرات الإنسانية لتسهيل حركة المواطنين للحصول على احتياجاتهم الضرورية.

وذكرت أن قواتها “ضبطت اليوم مجموعة من مجرمي الفلول المتسببين في فصل خطوط المياه وقفل ‘البلوفة’ الرئيسية للاتجار بأزمة ومعاناة شعبنا، كما بذلنا جهوداً في معالجة المشاكل الخدمية في المياه والكهرباء، ولا يزال العمل متواصلاً في معالجة مياه وكهرباء الصالحة بأم درمان”.

وكانت وزارة خارجية جنوب السودان قد أعلنت في بيان مساء الثلاثاء أن رئيس جنوب السودان سلفا كير شدد على أهمية وقف إطلاق النار لفترة أطول وتعيين ممثلين في محادثات سلام، وهو ما وافق عليه الطرفان. وسبق أن عرض جنوب السودان التوسط لإيجاد حل لهذا الصراع.

وأضاف البيان أنه يتعين على الطرفين المتصارعين في السودان “اختيار المكان الذي يريدان أن يشهد انعقاد مباحثات السلام بينهما”.

وتقصف طائرات الجيش وحدات الدعم السريع داخل الأحياء السكنية بمنطقة العاصمة. وامتد الصراع أيضا إلى منطقة دارفور بغرب السودان حيث تمتلك قوات الدعم السريع حاضنة اجتماعية وعسكرية مهمة.

ولا يُظهر قائدا الجيش وقوات الدعم السريع أي مؤشر على التراجع، ومع ذلك فإنهما ليسا قادرين على تحقيق نصر سريع فيما يبدو. وأثار ذلك مخاوف من نشوب صراع طويل الأمد قد يجتذب قوى خارجية.

وأفادت وزارة الصحة السودانية الثلاثاء بوفاة 550 شخصا وإصابة 4926.

وتعمل الحكومات الأجنبية على إنهاء عمليات الإجلاء التي أعادت من خلالها الآلاف من رعاياها. وقالت بريطانيا إن رحلتها الأخيرة ستغادر بورتسودان على البحر الأحمر اليوم الأربعاء وحثت من تبقى من البريطانيين الراغبين في المغادرة على التوجه إلى هناك.

وقالت الأمم المتحدة إن الصراع تسبب في أزمة إنسانية وأجبر نحو 100 ألف إلى الفرار عبر الحدود إلى دول مجاورة في ظل شح الطعام والمياه.

وتوقفت شحنات المساعدات في بلد كان يعتمد نحو ثلث سكانه بالفعل على المساعدات الخارجية. وينذر الصراع كذلك بكارثة أوسع نطاقا في وقت تتعامل فيه دول الجوار الفقيرة مع أزمة تدفق لاجئين.

وحذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مقابلة مع صحيفة يابانية الثلاثاء من أن المنطقة بأسرها قد تتأثر. جاء ذلك في وقت التقى فيه مبعوث قائد الجيش السوداني مع مسؤولين مصريين في القاهرة.

وذكر برنامج الأغذية العالمي الاثنين أنه سيستأنف العمل في المناطق الأكثر أمانا في السودان بعد تعليق العمليات مؤقتا في وقت سابق من الصراع الذي قُتل فيه بعض موظفيه.

وما زالت إمدادات المساعدات التابعة لوكالات إغاثة أخرى والتي وصلت إلى بورتسودان تنتظر فتح ممر آمن إلى الخرطوم، وهي رحلة تمتد برا لمسافة 800 كيلومتر تقريبا. ومع هذا، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها أوصلت بعض المساعدات إلى الخرطوم.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 330 ألف سوداني نزحوا داخليا بسبب الحرب.

وتحاول الأسر السودانية النازحة الخروج من البلاد، وشق البعض طريقهم سيرا على الأقدام تحت لهيب الشمس الحارقة عبر مناطق صحراوية، وقطعوا مئات الكيلومترات للوصول إلى حدود تشاد أو جنوب السودان.

وحذرت الأمم المتحدة من أن 800 ألف قد يغادرون في نهاية المطاف. وعبر أكثر من 40 ألفا الحدود إلى مصر خلال الأسبوعين الماضيين، لكن بعد انتظار لأيام في الحر الشديد ودفع مئات الدولارات لخوض رحلة طولها ألف كيلومتر شمالا من الخرطوم.

العرب