أردوغان يسوّق إنجازات مثار خلاف لكسب ثقة الناخبين الأتراك

أردوغان يسوّق إنجازات مثار خلاف لكسب ثقة الناخبين الأتراك

الانتخابات التركية ستشهد تنافسا كبيرا بين رجب طيب أردوغان الذي يسعى لاستعادة ماضيه وذكر مشاريعه لكسب ودّ الناس، فيما تستثمر المعارضة أخطاءه الكثيرة وتحاول تصويبها عبر خطط وأفكار جديدة.

إسطنبول – يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتذكير الناخبين الأتراك بالمشاريع التي أنجزها في السنوات الماضية، أو هي بصدد الإنجاز لكسب ثقتهم، في وقت بدت فيه المعارضة تتحرك من موقع قوة مستفيدة من أخطاء أردوغان وعرض أفكار وبرامج لتصويب تلك الأخطاء، وهو ما قد يحد من ثقة الناخبين الذين يريدون بدائل واضحة وفعالة بقطع النظر عن تقاطعها أو اختلافها مع أفكار الرئيس المنتهية ولايته.

وقال أردوغان إن بلاده باتت صاحبة كلمة في العالم عبر التكنولوجيات المتقدمة في صناعاتها الدفاعية، والتي تغير قواعد اللعبة. وجاء ذلك في رسالة تُليت في افتتاح أعمال الدورة الخامسة للجمعية العامة لتكتل “ساها إسطنبول” الذي يعد أكبر تكتل لصناعات الدفاع والطيران والفضاء في أوروبا.

لكن محللين ومراقبين سياسيين يقولون إن تذكير الأتراك بالنجاحات الدفاعية قد يحقق مكاسب عكسية، لأنه يحيل إلى تورط تركيا في نزاعات إقليمية لم تكن لها فيها فائدة مثل التدخل في سوريا وليبيا، وهو تدخل يعود في جانبه الأكبر إلى شخصية أردوغان الصدامية، حتى لو أن العنوان الذي انطلق منه هو حماية الأمن القومي التركي.

ويرى هؤلاء أن حماية الأمن التركي كان يمكن أن تبدأ من خلال بناء علاقات ثقة متينة مع سوريا، والتي كانت العلاقات معها جيدة قبل الحرب، لكن أجندة أردوغان في ركوب موجة “الربيع العربي” قادت إلى تورط أنقرة في الحرب وحولت الثقة مع دمشق إلى عداوة ليس من الصعب تجاوز مخلفاتها على المدى المتوسط.

ولفت أردوغان إلى تزويد الجيش التركي بأنظمة محلية ذات تكنولوجيا عالية، وتصديرها للدولة الصديقة والحليفة أيضا، بفضل التحول الذي حققته حكومات “العدالة والتنمية” في الصناعات الدفاعية خلال الأعوام العشرين الأخيرة. وأشار إلى أن “تركيا باتت دولة صاحبة كلمة في العالم عبر التكنولوجيات التي تغير قواعد اللعبة”.

صحيح أن تركيا نجحت في تحقيق اختراق واضح خاصة على مستوى المسيرات، وهو ما بدا بشكل واضح في سوريا وليبيا وحرب أوكرانيا، لكن رهان التسليح لم يكن ضمن مقاربة شاملة تعزز مصالح تركيا العسكرية والاقتصادية، وعلى العكس، فقد قاد إلى المس من صورة تركيا.

وضمن المشاريع التسويقية لتجربة حكمه لأكثر من عقدين، يشارك الرئيس التركي الأحد، في مراسم افتتاح المرحلة الأولى من “حديقة الشعب” التي تقام بموقع مطار أتاتورك بمدينة إسطنبول.

لكن متابعين للشأن التركي يشيرون إلى أن مثل هذه المشاريع على أهميتها لا يمكن أن تنسي الأتراك أخطاء أردوغان الجسيمة في الداخل، متذكرين أحداث حديقة جيزي ورمزيتها، فهي تشير إلى عداء الرئيس المنتهية ولايته للشباب وأفكارهم المتفتحة ومحاولة إسكات صوتهم بالقوة من خلال الخيار الأمني أو سن قوانين زجرية لمن ينتقد سياساته.

وفي مقابل اهتزاز صورة أردوغان بفعل أخطاء سنوات الحكم الطويلة، يتساءل المتابعون عما ستقدمه المعارضة التركية لكسب ثقة الناخبين بقطع النظر عن أخطاء أردوغان التي يعرفها الأتراك جيدا.

وتعهد تحالف المعارضة التركي بإلغاء العديد من سياسات الرئيس أردوغان إذا فاز في انتخابات 14 مايو/أيار، بما في ذلك العودة إلى الديمقراطية البرلمانية والتشديد النقدي وإحداث تحول كبير في السياسة الخارجية للبلاد.

وفي الشهر الماضي، كشف كمال كليجدار أوغلو المرشح الرئاسي لتحالف الأمة المكون من ستة أحزاب، عن برنامج المعارضة لأول 100 يوم في السلطة. وتراوحت التعهدات بين العودة إلى تطبيق التوقيت الصيفي وتخفيضات الضرائب والتأمين ونظام التوظيف القائم على الجدارة لجميع الوظائف العمومية.

لكن الوعد الرئيسي للمعارضة هو العودة إلى النظام البرلماني الذي يقول التحالف إنه سيكون “أقوى” من النظام المعمول به قبل التحول في 2018 إلى النظام الرئاسي.

وسيتم إعادة منصب رئيس الوزراء، الذي ألغاه أردوغان من خلال استفتاء عام 2017، وسيكون دور الرئاسة “محايدا” بلا مسؤولية سياسية. كما سيتم إلغاء حق الرئيس في نقض التشريعات وإصدار المراسيم.

وسيقطع الرئيس علاقاته مع أي حزب سياسي وسيخدم لفترة ولاية واحدة فقط مدتها سبع سنوات وبعد ذلك سيُمنع من النشاط السياسي. وسينص الدستور على منح البرلمان سلطة التراجع عن الاتفاقات الدولية كما سيتمتع بسلطة أكبر في التخطيط لميزانية الحكومة.

◙ تذكير الأتراك بالنجاحات الدفاعية قد يحقق مكاسب عكسية لأنه يحيل إلى تورط تركيا في نزاعات إقليمية

وفي مجال الإدارة العامة، ستُلغى المجالس والمكاتب التابعة للرئاسة وستُحول مهامها إلى الوزارات ذات الصلة. ووعد تحالف الأمة بخفض التضخم الذي بلغ 44 في المئة إلى خانة الآحاد في غضون عامين واستعادة استقرار الليرة التي فقدت 80 في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السنوات الماضية.

وسيضمن التحالف استقلالية البنك المركزي وسيتراجع عن إجراءات مثل السماح لمجلس الوزراء باختيار محافظه. وستنتهي السياسات التي تتدخل في سعر الصرف المتغير بما في ذلك مخطط حكومي يحمي الودائع بالليرة من انخفاض قيمة العملة.

وتعهد التحالف بخفض الإنفاق الحكومي عن طريق تقليص عدد الطائرات التي تستخدمها الرئاسة وعدد السيارات التي يستخدمها الموظفون وبيع بعض المباني الحكومية. وتعهدت أحزاب المعارضة الستة بضمان استقلال القضاء الذي يقول منتقدون إن أردوغان وحلفاءه يستخدمونه لقمع المعارضة وهو اتهام نفته الحكومة.

وسيؤخذ في الاعتبار استعداد القضاة للالتزام بأحكام المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عند تقييم الترقيات. وسيتم إلزام القضاة وممثلي الادعاء العام الذين يتسببون في انتهاكات حقوقية تؤدي إلى تغريم تركيا في المحكمتين بدفع الغرامة.

وستتخذ تدابير لضمان سرعة تنفيذ المحاكم للأحكام الصادرة عن المحكمتين. وسيتم إصلاح مجلس القضاة وممثلي الادعاء العام وتقسيمه إلى كيانين لمزيد من المحاسبة والشفافية. كما سيتم إصلاح البنية والعمليات الانتخابية في المحاكم العليا مثل المحكمة الدستورية ومحكمة النقض ومجلس الدولة.

وسيضمن التحالف أن يكون الاحتجاز إلى حين المحاكمة هو الاستثناء. ويقول منتقدون إن السلطات تسيء استخدام هذا الإجراء في عهد أردوغان. وتعهد التحالف بترسيخ حرية التعبير والحق في تنظيم المظاهرات.

العرب