من السابق لأوانه القول على وجه اليقين من سيفوز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، بعد أن تمت الجولة الأولى أول من أمس الأحد ولم يفز أي مرشح بأغلبية الأصوات، هذا يعني أن المرشحين الرئيسين رجب طيب أردوغان وكمال كليتشدار أوغلو، سيخوضان مواجهة في جولة الإعادة في الـ28 من مايو (أيار) 2023 الجاري.
- أردوغان هو الرئيس الحالي وهو في السلطة منذ 19 عاماً، إنه شخصية مشهورة بين مؤيديه، لكنه تعرض أيضاً لانتقادات بسبب حكمه الاستبدادي وتعامله مع الاقتصاد، فيما كليتشدار هو زعيم حزب الشعب الجمهوري وينظر إليه على أنه مرشح المعارضة الرئيس، إنه شخصية أكثر اعتدالاً من أردوغان ووعد بإحداث التغيير إذا تم انتخابه.
ستعتمد نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات على عدد من العوامل، بما في ذلك نسبة التصويت وحملات المرشحين وحال الاقتصاد التركي، فإذا كان الناخبون غير راضين عن الوضع الحالي للاقتصاد فقد يكونون أكثر عرضة للتصويت للتغيير.
نعم يلعب الاقتصاد دوراً كبيراً، وهو لعبه فعلياً في الجولة الأولى، فالبلاد تكافح مع ارتفاع التضخم وضعف العملة لسنوات عدة، وأدى ذلك إلى انخفاض مستويات المعيشة لعديد من الأتراك وجعل من الصعب على الشركات العمل، نتيجة لذلك فإن عديداً من الناخبين سيبحثون عن تغيير في القيادة لهذا السبب.
أيضاً من المرجح أن يكون للزلزال الذي ضرب تركيا في يناير (كانون الثاني) الماضي تأثير كبير في الانتخابات، فقد تسبب في مقتل أكثر من 40 ألف شخص وتشريد ملايين آخرين، وتسببت الكارثة في أضرار واسعة النطاق للبنية التحتية والشركات، وانتقد بعض منهم استجابة الحكومة للزلزال كونها بطيئة وغير كافية.
فالزلزال يتوقع أن يؤدي إلى حشد الدعم لأحزاب المعارضة مجدداً التي تتهم الحكومة بالفساد وسوء الإدارة، هذا يعني تركيز المعارضة في حملتها على تعامل الحكومة مع الزلزال والاقتصاد، في المقابل تحاول الحكومة تصوير نفسها على أنها حزب الاستقرار والأمن. غير أنه لا يزال من السابق لأوانه القول كيف سيؤثر الزلزال في نتيجة الانتخابات النهائية، مع ذلك فمن الواضح أن الكارثة قضية رئيسة في المشهد الانتخابي.
باختصار فإن تأثير الزلزال في الانتخابات ينعكس على إقبال الناخبين، فقد يكون الأشخاص الذين تضرروا من الزلزال أكثر احتمالاً للتصويت من أجل التعبير عن آرائهم حول استجابة الحكومة، وعموماً يمكن أن يؤدي الزلزال إلى تغيير في الحكومة، إذا كانت المعارضة قادرة على الاستفادة من غضب وإحباط الناخبين بما يقود إلى هزيمة أردوغان في جولة ثانية.
يقول رجب طيب أردوغان إنه يريد إحداث تغيير في تركيا، ويقول أيضاً إن لديه علاقة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، ومثل هذه التصريحات لها تأثير مختلط في الانتخابات، إذ يعتقد بعضهم أن رغبة أردوغان في التغيير أمر جيد وأنه قادر على تحسين الاقتصاد وجعل تركيا دولة أكثر ديمقراطية، لكن في المقابل يعتقد آخرون أن التغيير الذي يتكلم عنه أردوغان أمر سيئ، إنهم يعتقدون أنه يحاول أن يصبح أكثر استبداداً.
لا يزال من السابق لأوانه تحديد تأثير تصريحات أردوغان في الانتخابات سواء في الجولة المنتهية أم المقبلة، مع ذلك فمن الواضح أنها قضية رئيسة في الحملة، يبقى السؤال حول مستقبل الرجل السياسي.
إذا خسر رجب طيب أردوغان الانتخابات في جولتها الثانية فمن غير الواضح ما سيكون عليه مستقبله السياسي، إذ بنى خلال فترته في السلطة قاعدة قوية داخل حزب العدالة والتنمية في وقت طاردته قضايا الاقتصاد والإخفاقات السياسية.
فهو قد يتنحى عن منصب الرئيس ويترك السياسة تماماً، لكن يمكنه أيضاً البقاء في السياسة ومحاولة استعادة السلطة في المستقبل، كما من الممكن أيضاً أن تتم مقاضاته بتهمة الفساد أو جرائم أخرى.
سيعتمد مستقبل أردوغان السياسي على عدد من العوامل، بما في ذلك نتيجة الانتخابات ورد فعل مؤيديه وإجراءات الحكومة الجديدة، ولا يزال من السابق لأوانه قول ما سيحدث، لكن من الواضح أن مسيرة أردوغان السياسية على مفترق طرق.
اندبندت عربي