من «القمة» إلى «المناخ»: موسم التطبيع مع الأسد؟

من «القمة» إلى «المناخ»: موسم التطبيع مع الأسد؟

بعد 12 عاما من تجميد عضويته، قررت الجامعة العربية إعادة النظام السوري وجميع المنظمات والأجهزة التابعة له إليها اعتبارا من 7 أيار/مايو الماضي، ووجه ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، دعوة لرئيس النظام بشار الأسد، لحضور القمة العربية التي ستعقد يوم الجمعة المقبل في جدة، وردّ النظام، على لسان وزير خارجيته فيصل المقداد (الذي حضر، أمس، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، اجتماعا تحضيريا للقمة في السعودية) بالإعلان عن قدوم الأسد لتلك القمة.
تزامنت الضجة التي رافقت إعادة النظام ودعوة رئيسه إلى السعودية، مع دعوة أخرى وجهتها الإمارات للأسد لحضور قمة المناخ للأمم المتحدة «كوب 28»، التي ستعقد في تشرين ثاني/نوفمبر في مدينة دبي. القمّة الأولى، ستكون، بهذا المعنى، تطبيعا للمنظومة العربية مع نظام الأسد، فيما ستكون الثانية محاولة من أبوظبي، للتطبيع العالمي معه.
ردود الفعل الغربية على موجة التطبيع العربية كانت واضحة، فقد أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في آذار/مارس الماضي بيانا أكدت فيه على عدم تطبيع العلاقات مع النظام قبل إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حلّ دبلوماسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254، ويستند إلى العدالة والمحاسبة، إضافة إلى عدم تمويل إعادة إعمار الأضرار التي تسبب بها النظام خلال النزاع، وعدم رفض العقوبات المفروضة عليه، وسبق ذلك إعلان الاتحاد الأوروبي رفضه للتطبيع، ولإعادة الإعمار، ولرفع العقوبات.
رغم إعلان قطر عدم رغبتها في «الخروج عن الإجماع العربي» في موضوع تسليم مقعد سوريا للنظام، فإن رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد أن «الحل الوحيد» للتطبيع مع النظام، هو «إيجاد حلّ عادل وشامل للمسألة في سوريا»، بما يضمن «عودة آمنة للاجئين، وإيجاد حل سياسي وفق قرار الأمم المتحدة 2254».
هل يمكن اعتبار عودة النظام إلى جامعة الدول العربية سببه أن «الأسد ربح المعركة في سوريا حين حسمها عسكريا»، كما قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، أم أنها «انتصار» دبلوماسي للسعودية، التي نجح وليّ عهدها، محمد بن سلمان، فيما لم يستطع فعله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالتنسيق مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، خلال القمة العربية السابقة (تشرين ثاني/نوفمبر الماضي)، وهل يمكن لهذين «الانتصارين» السياسيين أن يسمحا بتجاوز قرارات الأمم المتحدة، والقفز على حل عادل للقضية السورية، وجرّ المنظومة الدولية إلى التطبيع مع النظام؟
الحقيقة أن هناك قضايا كبيرة تهمّ الدول العربية فيما يخص الشأن السوري، وأغلب هذه القضايا لا تذكر في البيانات والتصريحات السياسية والمؤتمرات الصحافية، ومنها قضية صناعة المخدرات وتهريبها من سوريا ولبنان عبر الأردن والعراق نحو الخليج العربي والسعودية، وقضية الميليشيات الإيرانية العاملة على الأراضي السورية، ثم قضية عودة اللاجئين، ولعلّ القضايا الكبرى التي تهم السوريين أنفسهم، وأهمها العمل على إنجاز حل سياسي يؤمن العدالة للشعب السوري، ومحاسبة النظام على جرائمه المهولة التي لا تشغل المنظومة العربية (ما دام أمين الجامعة يتحدث عن «انتصار عسكري» على الشعب)، بل إن أغلبها يعتبر الأسد، ونظامه، أمثولة كبيرة على الشعوب العربية أن تفهمها كي لا تعاود الثورات من جديد!

القدس العربي