تخصيب اليورانيوم … عودة إيران لسياسة المواجهة

تخصيب اليورانيوم … عودة إيران لسياسة المواجهة

يأتي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي تشر يوم 31 أيار 2023 والمتعلق بتطورات البرنامج النووي الإيراني ليعطي مداولات عن استمرار النظام الإيراني في أبحاثه وفعالياته النووية والتي تجاوز فيها مخزون اليورانيوم المخصب وحسب تقرير الوكالة بأكثر من 23 مرة الحد المسموح به بموجب اتفاق 2015 ، بحسب المعلومات الواردة والتي أعلنتها الوكالة الدولية فإن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ يوم 13 أيار 2023 (4744,5) كغم وهي تشكل زيادة عن آخر تقرير فصلي في شهر شباط من هذا العام بواقع (983,5) كغم وهذا ما أثار حفيظة مفتشي الوكالة الدولية وأدى إلى تقديم هذا التقرير قبل انعقاد الاجتماع القادم لمحافظة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمؤلف من (35) دولة الأسبوع القادم .
رغم أن آخر زيارة لرئيس الوكالة(رافائيل غروسي) إلى العاصمة الإيرانية طهران كان يوم الثالث من آذار 2023 بعد ورود معلومات حول قيام قيام إيران لعملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 84% وهي ما كان يعني الوصول إلى درجة النقاء المطلوبة لصنع أسلحة نووية في منشأة فوردو ، وكانت فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالرقابة النووية قد اكتشفت بقايا يورانيوم مخصب بنسبة 84% في سلاسل أجهزة الطرد المركزي وعادة ما توصف المواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة النووية بانها يورانيوم مخصب بنسبة 90%، إلا أن إيران استمرت بسياستها المعتمدة في المواجهة وعدم الركون إلى الحوار مع الوكالة والتواصل مع حلفائها الأوربيين .
جاء تقرير الوكالةالاخير بعد عدة أحداث متواصلة ومتفاعلة للموقف الإيراني من الأحداث الدولية والإقليمية منها استمرار طهران بتزويد روسيا بالطائرات المسيرة التي استخدمت في ضرب أهداف عسكرية ومنشآت أمنية تابعة للجيش الأوكراني مما سبب في موقف مضاد لإيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، ثم تبعها قيام الجيش الأمريكي بنشر صور لقنبلة خارقة للحصون بعد عدة تقارير أشارت إلى زيادة فاعلية ونشاط البرنامج النووي الإيراني وإنشاء مخابئ سرية تحت الأرض وكذلك ما أشارت إليه مديرة الاستخبارات الأمريكية افريل هانبز في الثامن من آذار 2023 بأن(إيران اقتربت بشكل خطير من صنع قنبلة نووية وهي تواصل زيادة حجم ومستوى تخصيب مخزونها من اليورانيوم بما يتجاوز الاتفاق النووي والذي يقترب من إنتاج المواد الانشطارية) ، ولهذا سارعت وحدات من الجيش الأمريكي بنشر صورة للقنبلة الخارقة نوع (GBU_57) وهي ذات مواصفات عالية من حيث ضخامة الحجم وقدرتها على الدخول إلى عمق الأرض واختراق المنشآت الكبيرة تحت الأرض التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم لاحتوائها على إطار فولاذي سميك يسمح باختراق التربة والاسمنت قبل الانفجار وبعمق 60 م وبوزن 12 ألف كغم ويتم إلقائها من قبل طائرة(2 _B) ، وتزامن نشر الصورة مع معلومات استخبارية أمريكية أكدت قيام إيران ببناء منشأة نووية بعمق 100متر تحت الأرض لدرجة تجعلها خارج نطاق السلاح الأمريكي مع حفر خنادق بالقرب من مفاعل نطنز النووي ، بعدها قامت طهران باختيار صاروخ بالستي بمدى 2000 كم ضمن عملية التطوير الميداني لبرنامج الصواريخ بعيدة المدى وأطلق عليه اسم خيبر وبمقدوره حمل رأس حربي بزنة 1500 كغم والذي قال عنه وزير الدفاع الإيراني محمد رضا اشتياتي (انه رسالة إلى أعداء إيران أننا سندافع عن البلاد وإنجازاتها ورسالتنا لأصدقائنا هي اننا نريد المساعدة في الاستقرار الإقليمي ) وواضح انه يعني الإدارة الأمريكية والتي اعتبرت إطلاق الصاروخ يتعارض وما اتفق عليه في جولات الحوار التسعة التي أجريت في العاصمة النمساوية فيينا وتوقفت منذ أشهر عديدة ، وأنه يريد أن يؤكد المملكة العربية السعودية التزامه بالاتفاق الاخير الذي وقع في بكين باشارته بعبارة إلى أصدقائنا وانه حريص على العمل بالحفاظ على الأمن الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وآخرها البيان الختامي لإجتماع الدول السبع في مدينة هيروشيما اليابانية في 21 أيار 2023 الذي أكد على ضرورة نزع أسلحة إيران النووية.
ولكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورغم أنها أقدمت على غلق التحقيق عن وجود آثار يورانيوم عثر عليها في منطقة(ماريفان) بالقرب من مدينة آبادي التي تبعد 525 كيلومتر جنوب شرق طهران والتي احتوت على مكان لإجراء تجارب شديدة الانفجار في هذه المنطقة بعد أن توصلت إلى حقيقة وفعالية هذه التجارب إلا أنها طالبت إيران بتركيب معدات مراقبة في منشأتين معلنتين لتخصيب اليورانيوم ونصب كاميرات مراقبة في منشاتين بمدينة أصفهان تصنع فيها معدات تستعمل في أجهزة الطرد المركزي مع الوصول إلى سجلات البيانات والأجزاء المنقوصة من التسجيلات الفنية .
وتبقى تقارير الاستخبارات الأمريكية الوطنية التي ترى أن أيران يمكن لها أن تنتج (10) قنابل من المواد الانشطارية بنسبة تخصيب 60% بحلول نهاية عام 2023 هي من العوامل التي تجعل المراقبة الميدانية مستمرة والدعوة إلى سياسة خفض التصعيد واستخدام الدبلوماسية وانتظار التصرف الإيراني ومراعاة جميع صلاحياتها ومدى استعداد إيران واستمرارها في التعاون وتقديم المعلومات ومنح المزيد من الوصول إلى الأنشطة النووية والتحقق منها ومراقبتها عن قرب وعند الضرورة الميدانية وان يكون للوكالة دورا وموقفا حاسما في عمليات التفتيش التي تتم طوعيا.

وحدة الدراسات الايرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية