عدن – اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا جماعة الحوثي بمواصلة فرض سياسة التجويع على كافة أفراد الشعب باحتجازها مئات ناقلات القمح في منفذ بري بتعز جنوب غرب البلاد، ومنعها من العبور إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، وهو ما يعطل الجهود الرامية لزيادة المساعدات الغذائية للملايين الذين يواجهون الجوع.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني، مساء الأربعاء، في تصريح نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” إن “جماعة الحوثي تواصل احتجاز مئات القواطر المحملة بمادة الدقيق القادمة من محافظة عدن (جنوب) في منفذ الراهدة (جنوب تعز) ومنعها من العبور إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها”.
وأضاف أن هذه الخطوة “تسببت بخسائر فادحة للتجار وارتفاع قيمة الدقيق في الأسواق المحلية”.
واعتبر الإرياني منع الجماعة تدفق الدقيق يأتي “امتدادا لسياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها بحق المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتأكيد على مسؤوليتها عن تردي الوضع الإنساني”.
وطالب “المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإدانة الممارسات الحوثية التي تنذر بتداعيات اقتصادية كارثية على القطاع الخاص، وتفاقم المعاناة الإنسانية”.
كما طالب أيضا “بممارسة ضغوط حقيقية على الجماعة لرفع كافة القيود التي تفرضها على تدفق السلع وحركة البضائع بين المحافظات”.
وضاعف الحوثيون من الحرب الاقتصادية ضد اليمنيين على نحو يهدد بتعميق حجم المأساة الإنسانية والضائقة المعيشية في هذا البلد المأزوم.
وبدأت الجماعة مؤخرا بخوض ما يشبه “معركة كسر عظم” لتدمير الاقتصاد الوطني وتجفيف الموارد الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، كان آخرها حظر غاز الطهي المحلي الناتج من حقول صافر شرقي اليمن واستبدلته بالغاز المستورد من إيران في خطوة اعتبرها مراقبون أنها تستهدف تجفيف موارد الحكومة اليمنية.
ويرى مراقبون أن تأثيرات ذلك ستمتد إلى حركة انسياب المعونات الإنسانية بين المحافظات وسيكون لها أثر على الجهود الدولية لتقديم الدعم والعون للمناطق المحررة وخاصة فئة النازحين.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن استخدام الحوثيين لقوت اليمنيين يندرج ضمن سياسية التجويع التي دأبوا عليها منذ اندلاع الحرب العبثية التي تقودها ذراع إيران قبل 9 سنوات، فيما ظلت شماعة “حصار العدوان” حاضرة بقوة لتبرير الفساد والأزمات المعيشية خصوصًا في الوقود والغذاء وتبرير ارتفاع أسعارها على المواطنين.
وتتزامن هذه الحرب الاقتصادية مع خطاب التصعيد المتبادل بين الحكومة وجماعة الحوثي وذلك بعد أيام قليلة من تحذير مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من هشاشة الوضع في البلد.
ويعكس خطاب التصعيد وجود صعوبات في المفاوضات غير المباشرة بين الفرقاء اليمنيين. وكان غروندبرغ حذر في إحاطته لمجلس الأمن الدولي يوم 18 مايو الماضي من عودة الحرب، وشدد على أن العملية السياسية الشاملة يجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن.
واتهم عضو مجلس الرئاسي اليمني عثمان مجلي في الثالث والعشرين من مايو الماضي جماعة الحوثي بتنفيذ تحركات عسكرية عدوانية استعدادا لشن هجمات في داخل وخارج البلاد.
وخلال لقاء مع السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن قال مجلي إن جماعة الحوثي تعمل على “نقل كميات كبيرة من السلاح الثقيل بين الجبهات، وتجند الأطفال في المراكز الصيفية”.
وتابع “كما تعمل بوتيرة عالية على حفر خنادق مموهة وتستحدث مواقع عسكرية ومنصات لإطلاق الصواريخ لشن هجماتها العدوانية في الداخل والخارج، بما في ذلك استهداف ممر الملاحة البحرية”.
واعتبر زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي أن “حالة العدوان (يقصد ممارسات الحكومة والتحالف) لا تزال مستمرة بكل أشكالها، وما تم هو تخفيف للتصعيد في بعض الجوانب لتستمر المؤامرات بأشكال متعددة”.
وهدد الحوثي بتصعيد عسكري ومنع الحكومة المعترف بها دوليا من استئناف تصدير النفط المتوقف منذ ثمانية أشهر، ولوَّح برفض استمرار الوساطة العمانية لإنهاء الحرب ورفض جهود السعودية في مساعيها لـ”لعب دور الوساطة”.
ووسط أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة، يشهد اليمن منذ أكثر 9 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.
وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألفا، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، وبات معظم سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.
العرب