شتات الموالاة يبحث عن مكان تحت عباءة السلطة الجزائرية

شتات الموالاة يبحث عن مكان تحت عباءة السلطة الجزائرية

شرع عدد من الأحزاب ومكونات المجتمع المدني بالجزائر في تأسيس مبادرة سياسية من أجل تشكيل جبهة داخلية في مواجهة التحديات الخارجية، استعدادا للمحطات الانتخابية المقبلة، في ظل عدم اهتمام القيادة الجديدة للبلاد بالطبقة السياسية الموالية لها.

الجزائر – أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في الجزائر عن إطلاق “المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل”، في خطوة لإحياء مشروع الجبهة الداخلية في مواجهة الأخطار الخارجية.

ويأتي ذلك في ظل سعي الموالاة إلى جعل السلطة تهتم بكونها قادرة على تعبئة المجتمع للاستحقاقات القادمة، لكن الأغراض المتباينة وهاجس الريادة يجعلان الخطوة مناورة سياسية أكثر منها إستراتيجية.

وأطلق عدد من الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الجزائرية هذه المبادرة، وهي مبادرة سياسية تستهدف تشكيل جبهة داخلية لمواجهة التحديات الخارجية، بما يتواءم مع خطاب السلطة الذي يروج كثيرا لنظرية “المؤامرة” التي تستهدف أمن ووحدة واستقرار البلاد.

الهدف من الإعلان عن التكتل السياسي أن يخلف التحالف الحزبي الذي كان يدعم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة

ونجح مرشح الانتخابات الرئاسية السابقة ورئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة في إقناع أحزاب سياسية وهيئات اقتصادية واجتماعية ونقابية ومجتمعية ومرجعيات روحية ونخب وطنية بمشروع “المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل”، لتعلن بذلك الموالاة السياسية في البلاد عن نفسها في تكتل سياسي لأول مرة منذ قدوم الرئيس عبدالمجيد تبون في مطلع عام 2020.

وذكر بيان المبادرة أن “العالم يشهد تحولات جوهرية متسارعة أفرزت وضعا متأزما وتوترات متعددة وتناقضات للمصالح، وكانت لها انعكاسات سلبية على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لمختلف الدول، والجزائر ليست بمنأى عن تداعيات وانعكاسات هذه الأوضاع، مما يفرض علينا تفعيل الإرادة الوطنية وفاء بما يقتضيه واجب تعزيز التلاحم الوطني وتمتين الجبهة الداخلية، من خلال الرفع من التأهب لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تستهدف الجزائر في أمنها ومؤسساتها ووحدة شعبها وترابها”.

ودعا الموقعون على البيان إلى “ضرورة التعبئة العامة من أجل النهوض بوطننا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتأمين مستقبل أجيالنا وتحقيق تطلعات شعبنا في كنف الوحدة والانسجام والاستقرار والتطور، مع تزايد حجم المخاطر التي تحيط بالجزائر في فضائها الإقليمي والدولي، والتحديات التي تمس أمنها واستقرارها وسيادتها وتماسك نسيجها المجتمعي، والحملات الرامية لتشويه مؤسساتها، وإيمانا منا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا لتقاسم أعباء هذه المرحلة كما تقاسمها الشهداء الأبرار والمجاهدون الأخيار وأبناء الوطن المخلصون في كل المحطات، واضطلاعا بواجباتنا الوطنية نحو تعزيز التلاحم الوطني وتمتين الجبهة الداخلية والدفاع عن المصالح العليا للأمة الجزائرية، والتأهب الجماعي لمواجهة هذه التهديدات”.

وأضاف البيان “تأتي هذه المبادرة للالتقاء ضمن إطار جامع للتشاور والحوار والتنسيق والتعاون، وتدعو شركاء الساحة الوطنية بدون استثناء من الأحزاب السياسية، والمنظمات، والنقابات ومكونات المجتمع المدني والنخب والمرجعيات المجتمعية، للالتفاف حول المبادرة والعمل معا على تجسيد مقاصدها وبناء خطواتها ومساراتها وإثراء أرضيتها بالمقترحات والأفكار الكفيلة بتحقيق أهدافها”.

وجاء الإعلان عن التكتل السياسي المذكور ليخلف بشكل غير مباشر التحالف الحزبي الذي كان يدعم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، منذ العام 2000 إلى غاية 2011، لما تفكك تحت ضغط موجة ثورات الربيع العربي وخروج حركة مجتمع السلم منه. ولئن لم يظهر التكتل الجديد موقفا إلى حد الآن بشأن السلطة والقيادة السياسية للبلاد، فإن تأييد نخبه القيادية لكل الخيارات والقرارات المعلنة من طرف الرئيس تبون يوحي بأنه سيكون الدعامة السياسية له في قادم الاستحقاقات.

القيادة السياسية الجزائرية الجديدة تبدي منذ قدومها في 2020 عدم اهتمام بالطبقة السياسية الموالية، رغم فتح جولات حوار سياسي شكلي مع الأحزاب السياسية

وتبدي القيادة السياسية الجزائرية الجديدة منذ قدومها في 2020 عدم اهتمام بالطبقة السياسية الموالية، رغم فتح جولات حوار سياسي شكلي مع الأحزاب السياسية على مرتين منذ مجيء الرئيس تبون، في حين اهتمت بالمجتمع المدني ليكون شريكها السياسي والاجتماعي، ودعمت ظهور نخبه في المجالس المنتخبة وطنيا ومحليا، الأمر الذي أغاض الأحزاب التقليدية لاسيما وأنها لا تملك خندقا آخر غير السلطة.

وينتظر أن تعقد أطراف المبادرة المذكورة ندوة بمناسبة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية واحتفالات عيدي الاستقلال والشباب، في الخامس من يوليو القادم، للكشف عن خارطة طريق “المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل”.

ولفت أصحاب المبادرة في تصريحات متطابقة إلى أن “المبادرة تستهدف تعبئة الطاقات الوطنية والنخب المسؤولة وقوى المجتمع الحية، والتكامل مع مؤسسات دولتنا في المحافظة على وديعة الشهداء وتحصين الوطن وتمتين الجبهة الداخلية وتأمين مستقبل الأجيال، واستكمال مسار التجديد وتحقيق تطلعات الشعب الجزائري ورفاه المجتمع وإسعاد المواطن”.

وإذا كانت الموالاة قد ارتبطت في وقت سابق بأحزاب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، وبعض الأحزاب الصغيرة فإن المبادرة المعلن عنها عرفت التحاق أحزاب جبهة المستقبل، وصوت الشعب، وحزب الكرامة، وتجمع أمل الجزائر، واتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، وهي قوى سياسية كانت في مسار السلطة منذ تنحي بوتفليقة إلى غاية انتخاب تبون، مرورا بفترة المؤسسات السياسية في المرحلة الانتقالية.

كما انضمت إلى المبادرة المنظمة الوطنية للمجاهدين (قدماء المحاربين) واتحادات العمال والمزارعين الجزائريين، إلى جانب المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، والكشافة الإسلامية، ومنظمة حماية المستهلك، والكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، والكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل والمواطنة، والنادي الاقتصادي، والنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، والاتحاد العام للتجار والحرفيين، فضلا عن التنسيقية العامة للزوايا وللطريقة القادرية الكنتية بالجزائر، والخلافة العامة للزوايا التيجانية، وغيرها.

العرب