المسيرات الإيرانية التي تسلم لروسيا باتت تثير قلق الغربيين، وبعد الولايات المتحدة التي أشارت الجمعة إلى بناء إيران مصنعا للمسيرات في روسيا، ظهر الرئيس الفرنسي ليحذر من عواقب استمرار إيران في تسليم المسيرات لروسيا في هجماتها على أوكرانيا.
باريس – انضمت فرنسا إلى الولايات المتحدة في تحذير إيران من استمرارها في تسليم المسيرات لروسيا لتضرب بها مواقع في أوكرانيا، وهو ما يزيد من الضغوط على طهران خاصة بعد التسريبات عن أن إيران بصدد مساعدة روسيا لبناء مصنع للطائرات المسيرة قرب العاصمة موسكو. وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت، إن ماكرون حذر نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي من عواقب تسليم طائرات مسيرة لروسيا.
وأضاف المكتب أن ماكرون “نبه إلى خطورة التداعيات الأمنية والإنسانية على السواء لتزويد إيران روسيا بطائرات مسيّرة، ودعا طهران إلى أن تنهي فورا الدعم الذي تقدمه بذلك للحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا”.
وجاء في البيان أن ماكرون عبر أيضا خلال اتصال هاتفي عن قلقه إزاء المسار الحالي للبرنامج النووي الإيراني. ونشرت وزارة الخزانة الأميركية على موقعها الإلكتروني الجمعة دليلا توجيهيا تحذر فيه الشركات والأفراد على مستوى العالم من اتخاذ أي خطوات من شأنها دعم برنامج إيران لتصنيع الطائرات المسيرة.
وقال البيت الأبيض إن روسيا تعمل، في ما يبدو، على تعزيز تعاونها الدفاعي مع إيران، وإنها تلقت المئات من الطائرات المسيرة الهجومية التي تستخدمها في مهاجمة أوكرانيا. ونقل البيت الأبيض عن معلومات جرى رفع السرية عنها في الآونة الأخيرة أن المسيرات صُنعت في إيران وشُحنت عبر بحر قزوين لتصل إلى القوات الروسية التي تستخدمها في أوكرانيا.
◙ روسيا تعمل باستمرار على تعزيز تعاونها الدفاعي مع إيران وقد تلقت المئات من الطائرات المسيرة الهجومية
وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان “استخدمت روسيا الطائرات المسيرة الإيرانية في الأسابيع الماضية لضرب كييف وإرهاب الشعب الأوكراني، ويبدو أن الشراكة العسكرية بين روسيا وإيران آخذة في الازدياد”. وأضاف “لدينا مخاوف أيضا من أن تكون روسيا تعمل مع إيران لإنتاج طائرات مسيرة إيرانية من داخل روسيا”.
وذكر كيربي أن الولايات المتحدة لديها معلومات تفيد بأن روسيا تتلقى من إيران المواد اللازمة لبناء مصنع للطائرات المسيرة يمكن أن يعمل بطاقته الكاملة في أوائل العام المقبل. وقال “سننشر صورا التقطتها الأقمار الصناعية للموقع المقرر لمصنع الطائرات المسيرة في منطقة ألابوجا الاقتصادية الخاصة في روسيا”.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على مسؤولين تنفيذيين إيرانيين في شركة للصناعات الدفاعية بسبب تزويد روسيا بالطائرات المسيرة. وأقرت إيران بإرسال طائرات مسيرة إلى روسيا لكنها قالت في وقت سابق إنها أرسلتها قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. وتنفي موسكو استخدام قواتها لمسيرات إيرانية في أوكرانيا.
وأضاف كيربي أن الدعم متبادل بين البلدين مع سعي إيران للحصول على عتاد عسكري بمليارات من الدولارات من روسيا ويشمل ذلك طائرات هليكوبتر وأجهزة الرادار. وقال “روسيا تعرض على إيران تعاونا دفاعيا غير مسبوق في عدة مجالات منها الصواريخ والإلكترونيات والدفاع الجوي”.
وتابع قائلا “هذه شراكة دفاعية شاملة تضر بأوكرانيا وجيران إيران والمجتمع الدولي. سنواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لدينا للكشف عن هذه الأنشطة وتعطيلها بأساليب منها إعلانها على الملأ، ونحن مستعدون لفعل المزيد”. وأشار كيربي إلى أن نقل الطائرات المسيرة إلى روسيا يشكل انتهاكا لقوانين الأمم المتحدة، مضيفا أن الولايات المتحدة ستسعى لمحاسبة البلدين.
وتقول بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وأوكرانيا إن تزويد روسيا بالطائرات المسيرة إيرانية الصنع يخالف قرارا أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2015 بخصوص اتفاق إيران النووي.
وبموجب قرار الأمم المتحدة في 2015 يسري حظر للأسلحة التقليدية على إيران حتى أكتوبر 2020. وتقول أوكرانيا وقوى غربية إن القرار يشمل تقييدات على الصواريخ والتقنيات ذات الصلة حتى أكتوبر 2023 ويمكنه أن يشمل تصدير الأنظمة العسكرية المتقدمة وشراءها مثل الطائرات المسيرة.
ولم ترد البعثتان الإيرانية والروسية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق على الاتهامات الأميركية. وقال كيربي “سنواصل فرض عقوبات على الأطراف المتورطة في نقل العتاد العسكري الإيراني إلى روسيا لاستخدامه في أوكرانيا”.
◙ الغرب يؤكد أن تزويد روسيا بطائرات مسيرة إيرانية يخالف قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص اتفاق إيران النووي
وأضاف أن إشعارا أميركيا جديدا صدر الجمعة يهدف إلى “مساعدة الشركات والحكومات الأخرى على فهم المخاطر التي يشكلها برنامج الطائرات المسيرة الإيراني والممارسات غير المشروعة التي تستخدمها إيران لشراء مكونات له”. وتضمن الإشعار الأصناف الرئيسية التي تسعى إيران لشرائها لتطوير الطائرات المسيرة، بما في ذلك إلكترونيات مثل المعالجات وأجهزة التحكم.
وزودت إيران روسيا بالمئات من الطائرات المسيرة بحسب البيت الأبيض، وبدأ استخدامها على نطاق واسع في الجبهة، في وقت يقول فيه مراقبون إن أسعار المسيرات الإيرانية رخيصة لكن فاعليتها كبيرة، قياسا بالمسيرات الروسية وغيرها من المسيرات الغربية.
وأوضح الباحث الفرنسي المشارك في مركز سيريس في باريس بيار غراسيه أن “شاهد – 136 مثلا هي مسيرة انتحارية كبيرة الحجم لكن صنعها منخفض الكلفة. وتبلغ هدفها بواسطة إحداثيات لنظام ‘جي.بي.إس’ يتم إدخالها قبل إقلاعها. وتحلق بعدها بشكل ذاتي على علو منخفض وتبلغ هدفها الثابت بالضرورة على بعد بضع المئات من الكيلومترات”.
وقال فيكرام ميتال البروفيسور في الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت “هناك أيضا مهاجر – 6 التي تشبه من حيث الوظيفة والحجم مسيرة بيرقدار تي.بي – 2 التركية”.
وذكّر جان كريستوف نويل الباحث الفرنسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بأن مسيرات مهاجر – 6 “هي الرد الروسي على مسيرات تي.بي – 2 التي تستخدمها أوكرانيا”، في إشارة إلى المسيرة التركية المسلحة المعروفة التي تحلق على علو متوسط وتمتاز بقدرة كبيرة على التحمل. ويشار إلى أن أذربيجان استخدمتها بدورها في حربها ضد أرمينيا العام 2020.
وأورد نويل أنه “على غرار كل المسيرات المسلحة، هي فاعلة جدا حين لا يملك الخصم وسائل لحماية نفسه منها أو الرد عليها”. وشرح ميتال أن “قسطا وافرا من نجاحها في البداية يعود إلى كونها سلاحا جديدا على مسرح العمليات”، ملاحظا أنها “ستظل فاعلة إلى أن يتمكن الأوكرانيون من التقاطها وكشف إمكاناتها وتطوير أنظمة مضادة لها”.
وبالنسبة إلى هذه المسيرات الانتحارية، ذكّر غراسيه بأن “استخدامها يوفر على روسيا اللجوء إلى الصواريخ العابرة للقارات والتي تتراوح كلفتها بين 1.5 ومليوني دولار أميركي”.
العرب