مصر تتغلب على شُح الدولار بفتح خط ائتمان مع الهند

مصر تتغلب على شُح الدولار بفتح خط ائتمان مع الهند

القاهرة- تحاول مصر الاستفادة من نمو علاقاتها مع قوى كبرى في سعيها لتخفيف الضغوط الاقتصادية الحادة التي تواجهها بسبب شُح الدولار والعقبات التي تعترض طريق بعض عمليات الاستيراد وتزايد احتمالات تعثرها في سداد ديونها، من خلال التحول إلى التعامل بالعملات المحلية في عمليات التبادل التجاري مع دول مثل روسيا والصين والهند.

ونقلت وكالة “بلومبرغ نيوز” الاثنين عن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي قوله “إن الهند ستقدم إلى مصر خط ائتمان بقيمة غير محددة”.

ومن المقرر أن يقوم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى مصر خلال الأيام المقبلة، بعد أن توطدت العلاقات بينهما مؤخرا.

وعقب زيارة قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الهند في يناير الماضي ارتقت العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية التي تغطي المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية وقطاع الطاقة، علاوة على توسيع الاستثمارات الهندية بمصر والتعاون في مجال تجارة السلع الحيوية وتعزيز سلسلة توريد المواد الغذائية.

وينطلق رهان القاهرة على فتح خط ائتمان مع الهند من الاعتماد على الزيارة المنتظرة التي يُتوقع أن يقوم بها رئيس وزرائها إلى مصر، لأن زيارة الرئيس السيسي لم تشهد توقيع اتفاقيات اقتصادية واستثمارية، لكنها كانت ضرورية لتعزيز التعاون.

وأشار خبير الاستثمار وعضو جمعية مستثمري الإسكندرية عبدالمجيد حسن لـ”العرب” إلى أن “سعي مصر للحصول على حد ائتماني أو تمويل بموجبه يمكنها شراء بعض السلع الأساسية من الهند، مثل القمح، أو استخدامه في أغراض أخرى، يؤكد أن مصر في حاجة ماسة إلى السيولة الأجنبية، وتطرق كل الأبواب لتعويض تأخرها في تلقي الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار”.

وشدد على صعوبة إنكار أن مصر تعاني من صعوبات في الحصول على السيولة، لذلك تبحث عن خط الائتمان من بعض الدول، باعتبار أن ذلك أداة أفضل من القروض والمساعدات، لأنها تعتمد على آلية تتسم بالمرونة ولا تشترط صرف كامل المبلغ ومن الممكن أن تصل مدته إلى أكثر من عام.

وتحاول مصر تحقيق الاستقرار في اقتصادها بعد تداعيات انتشار فايروس كورونا على اقتصادها، ثم اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وتأثيراتها السلبية على إمدادات الغذاء وقطاع السياحة وارتفاع أسعار الكثير من السلع الأساسية.

وارتفع التضخم بشدة خلال العام الماضي في مصر بعد سلسلة من عمليات تخفيض قيمة العملة ونقص طويل الأمد في العملات الأجنبية والتأخر المستمر في إدخال الواردات إلى البلاد.

ودفعت ارتدادات الأزمة الأوكرانية في وقت سابق البعض من المستثمرين الأجانب إلى سحب نحو 20 مليار دولار من الأسواق المصرية، فيما يسمى بـ”الأموال الساخنة”، وهو ما تسبب في زيادة حدة أزمة سيولة العملات الأجنبية.

وسجل التضخم ارتفاعا حادا في مصر بعد سلسلة تخفيضات لقيمة الجنيه، فضلا عن النقص الكبير الذي عرفته العملات الصعبة والتأخير الذي شهدته عملية الإفراج عن الواردات، ما أرخى بظلال سلبية على سلع حيوية ومعدات مستوردة ومن ثم على أسعارها والصناعات القائمة عليها.

وقال رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية خالد الشافعي إن “الاتفاق مع الهند يتضمن دلالات على إمكانية الوصول إلى مستوى مرتفع من التعاون والتنسيق الإستراتيجي، والذي يشي بأن القاهرة تطرق أبوابا عديدة لتخفّف عن الدولار حدة الضغط المتصاعد، في ظل حاجتها إلى توفير سيولة تمكنها من تحقيق استقرار الأوضاع الاقتصادية، خاصة أن الهند تعد ثالث أكبر شريك تجاري للقاهرة اليوم”.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “فتح الهند خط ائتمان لمصر لن يقتصر على التعاملات المرتبطة بالقمح، وسوف يطال سلعا أخرى ضمن مجالات التبادل التجاري بين البلدين، ما يعني أن البلدين قد يصلان إلى اتفاق على أن تكون عملية التبادل التجاري بالعملة المحلية أو بأي عملات أخرى خلاف الدولار”.

وتسير القاهرة على طريق تكرار إنشاء علاقات تجارية مماثلة مع دول عديدة، بما يخلق رئات جديدة تساعد الحكومة على تجاوز صعوبات توفير الدولار، حيث يتوقف حجم التأثير الإيجابي على الاقتصاد من عدمه على حجم تعاملات الدولة تجاريًا واستثماريًا مع الدول الأخرى، مقارنة بالناتج الإجمالي المحلي.

وأوضح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري خلال مشاركته في المؤتمر السنوي الثاني لغرفة الصناعات الغذائية تحت عنوان “الاستدامة وزيادة الاستثمار في التصنيع الزراعي” الاثنين أنه لم يُفتح خط ائتمان مع الهند حتى الآن، لكن المناقشات جارية فيما يتعلق بسداد أموال واردات القمح باستخدام عملات أخرى غير الدولار.

ولفت إلى وجود مناقشات مماثلة تجرى حاليا مع كل من روسيا والصين للتوصل إلى صيغة للتبادل بالعملات المحلية بين مصر والدول الثلاث (روسيا والصين والهند).

وذكر المصيلحي في مايو الماضي أن الحكومة أرجأت فتح خطابات ائتمان لسداد قيمة واردات القمح بهدف تخفيف الضغوط المالية الناجمة عن نقص العملات الأجنبية.

العرب