تتواصل التطورات المتسارعة في سيناريو التصعيد العراقي للأزمة مع تركيا على خلفية دخول القوات التركية إلى شمال العراق مؤخرا.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، الخميس، انها باشرت بالاتصال بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى عدد من الدول، لاتخاذ موقف دولي تجاه تركيا، فيما أشارت إلى انها تقدمت بطلب للجامعة العربية من أجل عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الوزارة احمد جمال في بيان، أن «الخارجية العراقية شرعت بإجراء اتصالاتها مع المجتمع الدولي لتدارس اتخاذ موقف دولي تجاه الانتهاك التركي للسيادة العراقية، فضلا عن حشد الدعم الدولي لإستصدار قرار من مجلس الأمن يدين هذا الانتهاك».
ويأتي التحرك الدبلوماسي العراقي بعد يوم من تظاهرة شارك فيها مئات العراقيين، يعتقد أنهم من عناصر الميليشيات والأحزاب الشيعية، أمام مقر السفارة التركية في بغداد احتجاجا على دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية. وفي نفس الوقت بثت قنوات محلية تسجيلا لعدد من ميليشيات «فرق الموت» يهددون فيها باستهداف الرعايا الأتراك العاملين في العراق كما فعلوا سابقا عندما خطفوا مجموعة من العمال الأتراك العاملين في مشروع شرق بغداد.
وأعلن نوري المالكي رئيس تكتل دولة القانون، الخميس، أن التحالف الوطني يرفض التدخل التركي ويعتبره مخططا لتقسيم البلاد واستغلال انشغاله بالحرب مع تنظيم «الدولة».
وأكد المالكي الذي تلا البيان وسط مجموعة من قادة التحالف، وقوف التحالف مع الحكومة العراقية في تحركاتها لردع التجاوز التركي على الأراضي العراقية.
واقتصاديا، أعلنت وزارة التجارة العراقية، يوم الخميس، عن إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية في تركيا.
وقال بيان وزارة التجارة، إن «وزير التجارة وكالة محمد شياع السوداني (من التحالف الوطني) قرر إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية في تركيا».
واستقبل رئيس لجنة الأمن النيابية حاكم الزاملي (من التيار الصدري) السفير التركي في بغداد للاستفسار عن دوافع دخول القوة التركية إلى شمال العراق.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان، الخميس، ان «اللجنة استدعت السفير التركي في بغداد، وعقدت معه اجتماعا طارئا وابلغته برفض التوغل التركي في الأراضي العراقية من دون علم وموافقة الحكومة والذي يعد انتهاكا لسيادة العراق وخرق القوانين والأعراف الدولية وقواعد حسن الجوار».
وفي اطار ردود الأفعال التركية، دعت تركيا رعاياها الموجودين في العراق إلى مغادرته، باستثناء بعض المحافظات في إقليم كردستان، مشيرة إلى مخاطر أمنية، وذلك في بيان للخارجية التركية.
وقال بيان للخارجية التركية ان «تحذيرنا للمسافرين يمتد ليشمل كافة المحافظات (العراقية)، باستثناء محافظات دهوك واربيل والسليمانية الواقعة في إقليم كردستان «.
ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو، انه سيوفد الخميس رئيس الاستخبارات التركي هاكان فيدان، إلى العاصمة بغداد لبحث موضوع دخول القوات التركية في أطراف الموصل.
وقال خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، في انقرة أمس، انه سيرسل رئيس استخباراته هاكان فيدان، ومستشار وزارة الخارجية فريدون سينرلي أوغلو، الخميس، إلى بغداد، لبحث الجدل بين البلدين بشأن القوة التركية في الموصل». وأكد أوغلو» أن الوجود العسكري لبلاده في محافظة نينوى العراقية، هدفه ضمان استقرار المنطقة»، مضيفا «ولأننا لا نريد أن نصبح جيرانا لداعش، ونرغب في تحقيق ذلك سنقدم كل أنواع الدعم للعراق ولإقليم الشمال العراقي».
كما أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، أن هناك محاولات في الوقت الحالي لخلق أجواء أزمة بين بلاده والعراق، مؤكدا عدم وجود أية مشكلة في التواصل بين تركيا والعراق سواء على مستوى الرئاسة أو الحكومة في هذا الموضوع.
وضمن السياق، طالب نائب رئيس مجلس الوزراء المستقيل بهاء الأعرجي، أمس الخميس، حكومة إقليم كردستان ان يكون لها موقف مشابه لموقف الحكومة الاتحادية تجاه الأزمة مع تركيا، كونها جزءاً من العراق.
وذكر في بيان له، ان التدخُلات التركية الأخيرة لم تواجه رداً عراقياً رسمياً يتناسب مع حجم التعدي على السيادة، كما وإن الإجراءات والتصريحات التركية الأخيرة تُشير إلى عدم التراجع عما ذهبت إليه أنقرة منذ بداية توغلها العسكري، بل إننا بتنا نلمس تصعيداً في التصريحات لا سيما من الرئيس التركي أردوغان باتهامه للعراق وإيران بتبني الطائفية، وهذا ما يؤكد وقوع حرب المحاور التي حذرنا منها منذ مُدة». وأشار البيان ان «مناشدة تركيا لرعاياها مغادرة العراق باستثناء مناطق إقليم كردستان يحمل في طياته رسالتين، الأولى أن تركيا ستذهب باتجاه التصعيد في المستقبل، والثانية إدامة العلاقة الجيدة مع حكومة إقليم كُردستان ليس حباً بها وإنما لاحتمالية الاستفادة من موقعها الجغرافي، لهذا يجب أن يكون للحكومة العراقية رد رسمي واضح وإجراء اقتصادي سريع لمواكبة تطورات وانعكاسات هذا التصعيد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد أن القوات التركية موجودة في العراق بناء على طلب من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي.
وقال في حوار مع الجزيرة: إن أفراد الجيش التركي موجودون في مخيم بعشيقة قرب الموصل بناء على طلب حيدر العبادي عام 2014. وأعرب عن استغرابه قائلا: الآن أسأل الرجل، لماذا لم ينبس ببنت شفة منذ 2014؟
صحيفة القدس العربي