نظرًا للتحديات والأزمات التي يعاني منها العراق منذ اكثر من عقدين، ولعل أعظم تحدي وأزمة يمر بها العراق منذ عام 2003م وإلى يومنا هذا، هي إعادة إعمار الهوية الوطنية العراقية، فالإعمار المعنوي “الهوية الوطنية” هي المدخل الحقيقي لأي إعمار مادي. لذلك ليس سهلاً أن تصبح رئيسًا لوزراء العراق وفق هذا الوصف، فالمهمة شاقة جدا.
وهذا ما يدركه محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق الحالي بأن المهمة شاقة لكن العراق من وجهة نظر عراقي وطني كالسوداني يستحق أن يبذل من أجله الكثير من أجل إخراجه من أزماته وذلك بما يمتلكه من حس أخلاقي ووطني، ويعلم السوداني بأن المناصب السياسية – التي ليست غاية من غاياته- في العراق ليست دائمة ولا خالدة وإنما الإنجاز والأثر الايجابي الذي يتركه هذا الرئيس أو ذاك هو الدائم والخالد في ذاكرة الوطن والشعب.
فالسوداني من خلال الخبرة التي اكتسبها في العمل الإداري والنيابي، فهو سياسي عملي وما أدل على ذلك فلأول مرة ينجح رئيس الوزراء المكلّف في إنجاز تشكيل حكومته خلال أسبوعين فقط، أي أقل من نصف المدة الدستورية المحدَّدة بـ 30 يوماً من تأريخ التكليف. وربما لأول مرة أيضاً، ينجح رئيس الوزراء المكلف في تقديم “كابينة وزارية” أشبه ما تكون بالمتكاملة، إذ إنه جاء بـ 21 مرشحاً لشغل 21 حقيبة وزارية. فقد اتسم برنامجه الوزاري بالواقعية والعملية، وتضمّن خمس أولويات، هي:- مكافحة الفساد، إدارياً ومالياً.- معالجة ظاهرة البطالة وخلق فرص العمل للشباب من الجنسين.- دعم الفئات الفقيرة والهشّة ومحدودي الدخل من المواطنين.- إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية، وخصوصاً قطاعي الزراعة والصناعة، والقطاع المصرفي، ودعم القطاع الخاص.- العمل بصورة عاجلة على التحسين والتطوير للخدمات التي تمس حياة المواطنين. وعلى مستوى السياسة الخارجية اتسمت سياسته بالانفتاح على البيئة العربية والإقليمية والدولية، لذلك عرف عنه الصدق في التعامل.
وبعد أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة السوداني أجرى مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية استطلاعًا للرأي لمعرفة مدى رضا الشعب العراقي عن الحكومة العراقية، فهو كما متعارف عليه، يعد الاستطلاع وسيلة مهمة لصانعى القرار فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، الأمر الذى من شأنه أن يزيد مصداقية المؤسسة أو المسؤول أمام الجمهور. وقد أظهرت نتائج الاستطلاع العام بأن أكثر من 60 في المئة من الشعب العراقي راضون عن أداء حكومة محمد شياع السوداني، وتعد هذه النسبة الأولى من نوعها الذي يحظى بها رئيس وزراء العراق، فلم يسبق لرئيس وزراء عراقي أن حظي بهذه النسبة.
أما عن نتائج استطلاعات الرأي الفرعية التي أجريت في محافظات العراق وخاصة في محافظاته الرئيسة فقد جاءت على النحو الآتي: بغداد 64% والبصرة 61% وأربيل 69% والموصل 58%وهذه النسب تعد نسب كبيرة لمحمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق إذا ما قورنت بعمر الحكومة التي لم تتجاوز السنة الأولى من عمرها الدستوري، وهذا دليل بأن الخبرة التي اكتسبها محمد شياع السوداني في مجال الإدارة والتشريع وكوزير وظفها جميعها في إدارة الدولة العراقية، فهو ابن الجهاز الحكومي العراقي، ويعد أول رئيس وزراء عراقي يتسلم منصبه عبر التدرج الوظيفي خطوة خطوة “بايه بايه” في الدولة العراقية.
هذا الرضا الداخلي من أداء حكومة محمد شياع السوداني انعكس بشكل جلي من خلال كلمته التي ألقاها في القمة العربية التي عقدت في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية في أيار/ مايو الماضي.
وبلغة “اليوتوب” أحد مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسة، شوهدت كلمة السوداني من قبل مليوني متابع وتم مشاركتها من قبل 1700 شخص، وحصلت على 153 اعجاب، و5500 تعليق، واتسمت هذه التعليقات بالإيجابية والتفاؤل، وهنا نرصد بعض هذه التعليقات:
إن نتائج استطلاع الرأي تؤكد بما لا يقطع مجالا للشك بأن محمد شياع السوداني هو رجل المرحلة نظرًا لما في رصيده من سيرة مهنية وشخصية خالية من شبهات الفساد وسوء استغلال السلطة، وعدم التورط في أي مشاريع تنطوي على طابع سلبي، إلى جانب علاقاته الجيدة بمختلف القوى والاطراف.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية