اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: مستقبل قاتم بانتظار الحلول والمعالجات الدولية

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: مستقبل قاتم بانتظار الحلول والمعالجات الدولية

تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين، هي الأطول والأكثر تعقيدا بين قضايا اللاجئين في العالم، وتؤكد وكالة «الأونروا» في تقاريرها التي صدرت منذ تأسيسها عام 1949 وحتى الآن، أن قضية اللاجئين الفلسطينيين خاصة في لبنان، هي أيضا الأكثر مأساوية في العصر الحديث، ليس فقط بسبب أزمة اللجوء والتشرد فحسب، بل أيضا بسبب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والطائفية التي يمر بها لبنان ما جعل اللاجئ الفلسطيني يعيش في مركب دائما آيل للغرق.

ويعيش اللاجئون الفلسطينيون داخل وخارج مخيماتهم وتجمعاتهم في لبنان في ظروف إنسانية سيئة، ويتعرضون لحالات تمييز عنصري، وفقر وحرمان، تصعّب من تأقلمهم مع الواقع المرّ الذي فرضته عليهم الظروف السياسية بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية والمالية والسياسية التي تعيشها البلاد، ليشاركوا اللبنانيين همومهم وأوجاعهم.
واللاجئون الفلسطينيون من الشرائح الأضعف والأكثر هشاشة في المجتمع اللبناني، ومع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية تفاقمت بشكل غير مسبوق، أوضاعهم العامة في المخيمات الموزعة على مختلف المناطق في البلاد.
ولابد من الإشارة إلى تقرير أصدرته المفوضيّة السامية للأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين نهاية عام 2022 كشف أن لبنان يحتل المرتبة الثانية عالميًّا في عدد اللاجئين نسبة إلى عدد سكانه بمعدّل لاجئ لكل 7 مواطنين.
وبيّنت إحصائية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أن 93 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، باتوا يقبعون تحت خط الفقر وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية ويقدر عددهم بأكثر من 200 ألف لاجئ يتوزع معظمهم على 12 مخيماً ومناطق سكنية أخرى في البلاد.
وتفاقمت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بسبب تراجع خدمات وكالة «الأونروا» ومحاولاتها التهرب من مواكبة تزايد احتياجات اللاجئين، بسبب أزمتها المالية، أغرق حياتهم بالمآسي والفقر والعوز.
وأمام هذا الواقع المأساوي، يتمسك اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بدور وكالة «الأونروا» مطالبين بضرورة استمرار مساعداتها وخدماتها لحين معالجات وحلول دولية تضمن حقهم بالعودة إلى وطنهم.
وعلى وقع التحديات التي تواجهها الوكالة لجهة تأمين التمويل اللازم لاستمرار تقديم خدماتها دون تقليص أو تخفيض مستواها، ومع العجز المالي المتراكم من العام 2022 من جهة، وازدياد أعداد واحتياجات اللاجئين من جهة أخرى، جاء تقرير المكتب التنفيذي المالي للوكالة 3 أيار/مايو الماضي، ليدق ناقوس الخطر من استمرار تدني تبرعات الدول المانحة لأن الوضع يتجه نحو كارثة.

تبرعات الدول المانحة

ويكشف تقرير مالي أصدرته «الأونروا» أن أقل من 20 في المئة مجموع التبرعات التي قدمتها الدول المانحة للوكالة خلال الثلث الأول من سنة 2023 والمخصص لميزانيتي «البرامج والطوارئ» في مناطق عملياتها الخمس، مشيراً إلى أنه من أصل مبلغ 932 مليون دولار هي الميزانية البرامجية التي تحتاجها لسنة 2023 وتشمل سداد 75 مليون دولار ديْن من سنة 2022 قد وصل الوكالة فقط 277.9 مليون دولار، ما يعني أن الباقي 646 مليون دولار.
وأشار التقرير، بأن ميزانية الطوارئ للوكالة بحاجة إلى 344.9 مليون دولار موزعة على 311.4 مليون دولار لقطاع غزة و32.9 مليون دولار للضفة الغربية و0.6 مليون دولار للرئاسة، ولكن ما تم استلامه هو فقط 16.5 مليون دولار والباقي 328.4 مليون دولار.
وأوضح التقرير، أن نداءات الطوارئ لأقاليم سوريا ولبنان والأردن، تؤكّد حاجة الوكالة إلى 436.7 مليون دولار موزعة على 247.2 مليون دولار لسوريا و 160 مليون دولار لبنان و28.9 مليون دولار الأردن و0.6 مليون دولار للرئاسة/المنطقة، بينما المبالغ التي تم استلامها 35.5 مليون دولار، وبأن المبالغ التي لا يزال يتعين استلامها 401.2 مليون دولار.
ويوضح التقرير بأن حاجة الوكالة لنداء الطوارئ الخاص لدعم اللاجئين الفلسطينيين المتضررين من الزلزال في سوريا ولبنان، هي 16 مليون دولار، بينما المبالغ التي تم استلامها قد وصلت إلى 5 ملايين دولار، وبأنّ المبالغ التي لا يزال يتعيّن استلامها، 11 مليون دولار. قبل أن يخلص إلى أنّ ما تبقى من حاجة «الأونروا» للميزانية البرامجية والطوارئ خلال سنة 2023 يصل إلى 1.4 مليار دولار وهو ما يمثل تحدياً جدياً وكبيراً للوكالة لما تبقى من هذا العام.
والتقرير الذي أثار ضجة في الأوساط الفلسطينية السياسية والشعبية والحقوقية سبقه تحذير للمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني وأكثر من مرة، بأن معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان وغزة وصلت إلى مستويات غير معهودة نحو 90 في المئة، وان وضع اللاجئين في لبنان وصل إلى الحضيض، ويعيش معظمهم تحت خط الفقر، وهناك اعتماد كلي على «الأونروا» ما يعني تلقائيا ضرورة زيادة تقديماتها ورفع مستوى الخدمات لا بقائها على حالها أو تقليصها في هذه الأوقات العصيبة.
بدورها، دعت منظمة «ثابت» لحق العودة إلى ضرورة تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين لهم الحق بالعيش في وطنهم كسائر شعوب العالم، وجدّدت المنظمة الحقوقية، دعوتها الدولة اللبنانية إلى عدم ربط مسألة إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين بقضية التوطين، بل إن إقرار الحقوق يُساهم في دعم صمود اللاجئين الفلسطينيين وتمسكهم بحق العودة.

التقاعس العالمي في حل قضية اللاجئين

وقالت المنظمة، مأساة التشرد والمعاناة لا يزال يتجرّع مرارتها ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وفي بقاع الأرض.
وأشارت في بيانها، يُعاني 7 مليون لاجئ فلسطيني منذ 75عاماً على مرأى ومسمع العالم أجمع، من ظروف معيشية صعبة، وتتزايد حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشونها نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تحيط بهم في أماكن تواجدهم في الدول المضيفة، وخصوصا في مخيمات لبنان.
وذكّرت منظمة «ثابت» العالم بالمأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء التشرد، وتُنبّه إلى العجز والتقاعس العالمي في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين التي لا تزال عالقة في أروقة الأمم المتحدة تنتظر الحل منذ 75 عاماً.
وطالبت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بتكثيف الجهود لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وحقه بالعودة إلى دياره بوصفه حقاً أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأن حق العودة هو حق فردي وجماعي، لا تجوز الإنابة فيه، ولا يحق لأحد التنازل عنه ولا يسقط بتقادم الزمن وغير قابل للتصرف.
وفي السياق، طالبت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» المجتمع الدولي توفير المزيد من التمويل المالي لوكالة «الأونروا» كي تتمكن من الاستمرار بعملها والوفاء بالتزاماتها الإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
كما طالبت، بالوقوف الجاد إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه في تقرير مصيره وعودته إلى دياره وممتلكاته التي هجر منها وفق القوانين الدولية ذات الصلة.
ودعت الدول العربية المضيفة للعمل من أجل تحسين ظروف اللاجئين الفلسطينيين، وإصدار القوانين التي تضمن كرامتهم الإنسانية لحين العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم.
وأكد ناشطون فلسطينيون، من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تمسكهم بحق العودة إلى كامل التراب الوطني الفلسطيني، ورفض كافة مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل.
وقال عضو «الحراك الشبابي الفلسطيني الموحد المستقل» في لبنان، محمد حسون، إن «حلم العودة إلى كامل مدننا وقرانا وبلداتنا المحتلة لا يزال حاضراً ومقدساً، لا يمكن التفريط فيه، ولا يمكن نسيانه مهما طالت سنوات اللجوء والبعد عن الوطن».
وأكد تمسك اللاجئين الفلسطينيين بوكالة «الأونروا» كونها الشاهد الحي على الجرح الفلسطيني، ومعاناة الشعب الفلسطيني وتهجيره.
ودعا حسون إلى «ضرورة مواصلة دعم وكالة الأونروا كي تواصل تقديم الخدمات إلى جموع اللاجئين الفلسطينيين، وتحفظ كرامتهم إلى حين العودة إلى فلسطين».
وطالب المجتمع الدولي والدولة المضيفة بـ»تقديم كل أشكال الدعم والاهتمام بشؤون اللاجئين الفلسطينيين؛ من أجل تعزيز صمودهم، وحفظ كرامتهم، وتأمين متطلبات العيش الإنساني الكريم».
وقالت الناشطة الاجتماعية، سناء قاسم، إن «اللاجئين الفلسطينيين يجددون في هذه المناسبة تأكيدهم على أن قضية اللجوء هي قضية مؤقتة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال التخلي عن حق العودة المقدس».
ودعت جميع الدول إلى «تحمّل المسؤولية في دعم القضية الفلسطينية وشعبها حتى العودة والحرية والاستقلال».
الجدير بالذكر، أن هناك أكثر من 470.000 لاجئ فلسطيني مسجلون لدى «الأونروا» في لبنان، حوالي 45 في المئة منهم يعيشون في المخيمات الـ12 المنتشرة في البلاد. وتعاني تلك المخيمات من ظروف مزرية وتتسم بأنها سيئة المساكن والبطالة والفقر.
والفلسطينيون في لبنان لا يتمتعون بالعديد من الحقوق الهامة، وغير قادرين على الحصول على نفس الحقوق التي يحصل عليها الأجانب الذين يعيشون ويعملون في لبنان.

القدس العربي