لندن- تعكس المؤشرات ارتفاع إنتاج إيران من النفط رغم العقوبات المفروضة عليها وهو ما يثير استغراب محللين بشأن تأثر أسعار النفط وانخفاضها في كل مرة يتم فيها نشر تسريبات عن قرب توقيع الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن، الأمر الذي سيتيح تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق من جديد.
وبحسب المحللين فإن الزيادات الإيرانية غير المعلنة في الإنتاج يجب أن تكون مصدر قلق أكبر بالنسبة إلى منظمة أوبك التي تنتهج منذ فترة سياسة التقليص في الإنتاج بهدف التحكم في الأسعار، خاصة وأن التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن لن يعيد الإنتاج الإيراني إلى معدله الطبيعي الذي يتجاوز 3 ملايين برميل مباشرة.
◙ بيانات الشحن التي توفّرها شركات تتبع السفن تشير إلى أن إيران كانت تصدّر نفطها الخام طوال الوقت رغم العقوبات
وتحدث التسريبات بشأن قرب التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران ضجة في الأسواق في كل مرة، وغالبا ما تؤدي إلى انخفاض الأسعار بسرعة وبشكل حاد بينما تجهّز السوق نفسها لتدفق النفط الإيراني المحتمل مرة أخرى.
لكن بيانات ثانوية لأوبك تشير إلى ارتفاع مطّرد لإنتاج النفط في إيران. وبلغ متوسط إنتاج طهران الشهري 2.679 مليون برميل يوميا في مايو 2023 وهو ما يعكس زيادة عن الـ2.544 مليون برميل يوميا التي أنتجتها إيران في مايو 2022، وارتفاعا عن متوسط 2.455 مليون برميل يوميا المُسجّلة في مايو 2021. وتبدو الزيادة أكبر عند مقارنتها بمايو 2020، عندما لم يتجاوز إنتاج البلاد 1.978 مليون برميل يوميا.
وتشير بيانات الشحن التي توفّرها شركات تتبع السفن إلى أن إيران كانت تصدّر نفطها الخام طوال الوقت رغم العقوبات.
وتمكنت إيران من التهرب من العقوبات الأميركية على مدى السنوات القليلة الماضية، وكانت حريصة على الحفاظ على حصتها في السوق وعائداتها النفطية التي تشتد حاجتها إليها. وأخفت إيران نفطها ضمن النفط العراقي لفترة قصيرة للتهرب من العقوبات، وانخرطت في عمليات النقل من سفينة إلى سفينة، وأوقفت أجهزة الإرسال والاستقبال وتحديد المواقع لإخفاء صادراتها من الطاقة عن مفتشي الناقلات.
وتقول الكاتبة في موقع أويل برايس جوليان جيغر “نظرا إلى أن إيران تواصل تصدير نفطها، فمن غير المرجح أن تكون هناك عودة مفاجئة للنفط الإيراني”.
وأضافت في مقال “بدلا من ذلك، يطرح إنتاج النفط الإيراني المتزايد باطراد مشكلة كبيرة للمجموعة النفطية التي تحرك سوق النفط في محاولة للحفاظ على أسعار البرميل مرتفعة بما يكفي لدعم ثقل ميزانيات أعضائها”.
وتابعت “قد يوحي الإنتاج السابق بأن لإيران القدرة على إنتاج مليون برميل آخر في اليوم. لكن النفط لن يعود مرة واحدة، ولو أنه قادم مهما كان بطيئا. وإذا تقرر رفع العقوبات، فسيؤدي ذلك إلى تسريع إنتاج إيران المستمر. وآنذاك سيُطرح تساؤلان: هل ستطلب المجموعة من إيران المشاركة في خفض الإنتاج؟ وهل ستطلب أوبك حقا كبح الإنتاج من الدولة التي كانت تنتج في وقت ما مليوني برميل يوميا أقل من قدرتها؟”.
وتكبدت المملكة العربية السعودية تبعات معظم تخفيضات الإنتاج، ووافقت طواعية على خفض مليون برميل آخر من حصص الإنتاج في محاولة لدعم الأسعار. وكانت الجهود المبذولة قصيرة الأجل، وأسعار النفط (سعر خام برنت أقل من 75 دولارا) أقل مما كانت عليه قبل إعلان المملكة عن خفض الإنتاج. وأعلنت السعودية، التي تجد نفسها الآن في مأزق مع تراجع الإنتاج والأسعار، تمديد هذا الخفض الإضافي حتى أغسطس القادم.
وتتعارض التحركات الإيرانية مع أجندة المملكة العربية السعودية، وتعرّض منظمة أوبك لخطر حقيقي يتمثل في أن الأعضاء الآخرين سيحتاجون إلى خفض الإنتاج أثناء ارتفاعه في إيران.
العرب