إيطاليا تدعم الجهود “الجادة” للمغرب لحلّ قضية الصحراء المغربية

إيطاليا تدعم الجهود “الجادة” للمغرب لحلّ قضية الصحراء المغربية

عبّرت إيطاليا عن دعمها لجهود المغرب الجادة والموثوقة من أجل تسوية قضية الصحراء المغربية في إطار الأمم المتحدة، من خلال الإعلان عن خطة العمل مع الرباط لتنفيذ الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد.

روما – وقع المغرب وإيطاليا الأربعاء بروما، على خطة عمل من أجل تنفيذ الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد، وسط ترحيب إيطالي بالجهود الجادة وذات المصداقية التي تبذلها الرباط من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية. ويأتي ذلك بعد ادعاءات الجزائر بخصوص فتح مركز قنصلي إيطالي أمام سكان مخيمات تندوف في مايو الماضي، ووصفه بالاعتراف ببوليساريو.

وحسب خطة العمل التي وقعها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة ونظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني، جددت إيطاليا التأكيد أيضا على “دعمها لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل مواصلة العملية السياسية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي عادل، واقعي، براغماتي، مستدام، ومقبول من الأطراف لقضية الصحراء، يقوم على التوافق طبقا للقرارات 2654” في 27 أكتوبر 2022.

وفي إشارة إلى تلكؤ الجزائر في تحمل مسؤوليتها المباشرة في ملف الصحراء، شجعت إيطاليا “جميع الأطراف على مواصلة التزامها بروح من الواقعية والتوافق، في سياق تسويات تنسجم مع الأهداف والمبادئ المنصوص عليها ضمن ميثاق الأمم المتحدة”.

وتشكل هذه التصريحات والاتفاق على خطة عمل بين البلدين بمثابة إعلان تنصّل من توريط الجزائر لروما في مسألة المركز القنصلي في تندوف باستغلالها لورقة الغاز، وتعبيرا عن الموقف الرسمي للدولة الإيطالية الداعم للعملية السياسية وفق قرارات مجلس الأمن الدولي وعدم الاعتراف ببوليساريو.

وفي محاولة لإقحام روما في موقف ضد الوحدة الترابية للمملكة، نفخت وسائل إعلام جزائرية نهاية مايو الماضي في موضوع افتتاح مركز إيطالي للخدمات القنصلية بتندوف “سيكون موجها للجزائريين ورجال الأعمال الموريتانيين”، وفق تعبير السفير الإيطالي لدى الجزائر جيوفاني بوليزي.

وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أن “افتتاح مركز تقديم طلبات التأشيرة بتندوف تابع لشركة خاصة للوساطة لم يؤثر على العلاقات العميقة بين المغرب وإيطاليا، حيث أن موقف المسؤولين الإيطاليين من قضية الصحراء المغربية لم يشهد أي تغيير، مؤكدين على دعم بلادهم لجهود المغرب الجادة والموثوقة من أجل تسوية قضية الصحراء في إطار الأمم المتحدة”.

وقال لـ”العرب” إن “الإعلان عن خطة العمل بين المغرب وإيطاليا لتنفيذ الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد رسالة واضحة تشخص فشل محاولات الجزائر استغلال حاجة بعض الدول إلى الغاز للحصول على مواقف تستهدف فك الخناق والعزلة عن بوليساريو وتعرقل من جهة أخرى الإجماع الدولي الذي يتوسع يوما بعد يوم حول مساعي المغرب الجادة لحل النزاع المفتعل بأقاليمه الجنوبية”.

واعتبر الطيار أن “الجزائر حاولت استغلال حاجة إيطاليا الملحة إلى الغاز للحصول على موقف منها يعزز مشروعها الانفصالي الذي يستهدف الأقاليم الجنوبية المغربية، خصوصا بعد الزيارة التي قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الجزائر قبل أشهر، تعكس حرص إيطاليا على زيادة وارداتها من الغاز الجزائري وتأمينها في ظل تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية والعقوبات التي تم فرضها على الغاز الروسي”.

وفي السياق ذاته أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الشؤون الخارجية الإيطالي في أول تصريح للصحافة بعد توليه مسؤولية قيادة الدبلوماسية الإيطالية إثر لقائه مع بوريطة، أن “المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية، اللتين تربطهما علاقات جيدة، تتطلعان إلى تعزيز تعاونهما من أجل فضاء متوسطي أكثر استقرارا”.

ويبدو أن ترويج الجزائر لتغير موقف روما من قضية الصحراء وامتلاكها لمفاتيح العلاقات مع الإيطاليين يناقض الواقع، حيث أشار تاجاني إلى خطة العمل لتفعيل الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد الموقعة الأربعاء بروما، مبرزا أن “هذه الخطة كفيلة بتعزيز التعاون الثنائي على مستوى عدة قضايا ذات أولوية”.

ويجدد المغرب وإيطاليا من خلال هذه الخطة تأكيد رغبتهما المعبر عنها ضمن الإعلان المشترك الموقع بين البلدين في 1 نوفمبر 2019 بالرباط، في وضع العلاقات الثنائية في إطار شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد تتجه نحو الحوار الدائم والتعاون الملموس والمفيد لكلا الجانبين.

◙ الإعلان عن خطة العمل بين المغرب وإيطاليا لتنفيذ الشراكة الإستراتيجية رسالة واضحة تشخص فشل محاولات الجزائر استغلال حاجة بعض الدول إلى الغاز

وتهم خطة العمل بين البلدين، بشكل أساسي وليس حصريا، مجالات الحوار السياسي والدبلوماسي، والتعاون الأمني، والعدالة، فضلا عن التعاون الاقتصادي والطاقة والتنمية المستدامة، كما تشمل التعاون الثقافي والجامعي، ومجال البحث والتطوير، والحوار بين الثقافات والأديان، فضلا عن التعاون في مجال الهجرة والشؤون القنصلية.

ودفع النهج الدبلوماسي والسياسي الواضح للمغرب رئيس مجلس النواب الإيطالي لورنزو فونتانا إلى وصف المملكة بالمخاطب المتميز من أجل استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا في لقائه مع بوريطة على “تميز العلاقات القائمة بين المغرب وإيطاليا في عدة مستويات”، مشددا على “ضرورة تعميق التعاون بين البلدين ليشمل مختلف المجالات ذات الأولوية”.

وسيتم إحداث مجلس الشراكة على مستوى وزراء الخارجية وسيجتمع سنويا بالتناوب في الرباط وروما، من أجل ضمان متابعة وتحديد محاور التعاون ذات الأولوية وبلورة التوصيات، وتقييم مظاهر التقدم المحرزة خلال العام الماضي، فضلا عن تعزيز وتقوية التعاون للعام الموالي. ويمكن أن ينفتح على مشاركة وزراء آخرين، وسيتم تشكيل لجان المتابعة على مستوى كبار المسؤولين الذين سيجتمعون قصد ضمان متابعة وتنفيذ توصيات مجلس الشراكة.

العرب