الهندسة العكسية الإيرانية تنتظر صواريخ جافلين وستينغر الأميركية

الهندسة العكسية الإيرانية تنتظر صواريخ جافلين وستينغر الأميركية

لندن- تحولت ساحة الحرب الروسية – الأوكرانية إلى مقبرة ضخمة للأصول العسكرية الغربية والروسية على حدّ السواء (يُقْصد بالأصول العسكرية الأسلحة أو وسائل إنتاج الأسلحة أو غيرها من الأجهزة والقدرات الدفاعية والهجومية)، وهو ما يُعد فرصة مهمة تتاح أمام الهندسة العكسية الإيرانية (يُقصد بالهندسة العكسية عملية تحليل المكونات والوظائف الخاصة بجهاز أو نظام تكنولوجي بهدف اكتشاف مبادئه)، ما سيسمح لطهران بتفكيك هذه الأصول والحصول على أسرارها وتحصيل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات مثل صواريخ جافلين وستينغر الأميركية.

وباتت إيران طرفا في الحرب بعد أن استهدفت طائراتها المسيرة المدن الأوكرانية خلال الأشهر الماضية بما مكّن روسيا من شن ضربات فعالة، ولكن غير مكلفة، وتعويض تراجع مخزونها من الأسلحة.

وفي مقابل حصولها على الدعم العسكري من إيران تقول تقارير استخباراتية إن روسيا ترسل تقنيات غربية متطورة جمعتها في ساحة المعركة إلى طهران للاستفادة منها. ويشمل ذلك الأصول التي أثبتت كفاءتها في القتال، مثل صواريخ جافلين المضادة للدبابات وأنظمة ستينغر المضادة للطائرات.

◙ يستمر تقييد صادرات الأسلحة الغربية إلى الصين. لكنْ مازال بعض المتعاقدين العسكريين ومنتجي التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج يشاركون في أعمال تجارية مع بكين

وتكتسي هذه الأسلحة أهمية إستراتيجية بالنسبة إلى النظام الإيراني لكونها تزوده بمعلومات حساسة عن أنظمة الأسلحة الغربية.

وسيمكّن نقل روسيا للأسلحة الغربية إلى إيران، فيما لو تأكد حدوث ذلك، من تعزيز قدرات طهران العسكرية وقاعدتها الصناعية التكنولوجية الدفاعية المشلولة.

كما سيعزز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. وسيطوّر وصول طهران إلى مثل هذه الأنظمة من القدرات والمعرفة التكنولوجية التي تحظى بها الميليشيات الإيرانية في الشرق الأوسط، مثل حزب الله اللبناني الذي يشرف الحرس الثوري الإيراني على تدريبه وتجهيزه.

ومنذ انقطاع العلاقات الإيرانية – الغربية بشكل مفاجئ في 1979 إثر سقوط نظام الشاه، سلكت طهران طرقا بديلة لجمع التكنولوجيا العسكرية الغربية بهدف تعزيز جهود الإنتاج المحلية.

ويعتمد جزء كبير من محفظة الأسلحة الإيرانية التي صُنعت بفضل تقنيات الهندسة العكسية على تصميمات الأنظمة الغربية. ومن أهم المنتجات العسكرية التي تصدرها طهران صاروخ طوفان، وهو نسخة طبق الأصل غير مرخصة من الصاروخ الأميركي الموجه المضاد للدبابات بي جي أم – 71 تاو.

وتعتمد مُسيّرات شاهد الإيرانية على التصميمات الغربية أيضا، مثل طائرة الاستطلاع الأميركية المسيّرة آر كيو – 170 سنتينال. ونجحت إيران في الاستيلاء على تكنولوجيا الطائرة الأميركية في ديسمبر 2011، إثر حادث تحطم مشبوه وقع بعد وقت قصير من دخولها المجال الجوي الإيراني.

ووقعت الكثير من الأنظمة العسكرية الغربية في أيدي إيران التي استولت على مئات الأسلحة الأميركية من مناطق الصراع. ونفّذت القوات الإيرانية أربع سرقات كبيرة بقيمة 200 ألف دولار في العراق وسوريا بين 2020 و2022. وبينما لم يُكشف عن جميع الأنظمة التي نجحت في الاستيلاء عليها، تضمنت السرقات أصولا عسكرية شديدة التدمير، مثل القنابل اليدوية شديدة الانفجار من عيار 40 ملم وتستخدمها القوات الخاصة الأميركية.

وتوفّر ساحة المعركة الأوكرانية لإيران اليوم فرصا مماثلة لتحقيق استفادة كبيرة لهندستها العكسية. وأطلقت روسيا بالفعل رحلات شحن تحمل معدات عسكرية مسروقة من أوكرانيا إلى طهران في صيف 2022.

ووفقا لروايات أميركية، أرسلت موسكو إلى طهران 141 مليون دولار نقدا وأصولا عسكرية غربية مختلفة (صواريخ نلاو البريطانية، وجافلين الأميركية، وكذلك صاروخ ستينغر المضاد للطائرات) مقابل 160 طائرة دون طيار.

واعتبرت سين أوزكاراساهين، المحللة المختصة بالشؤون الأمنية والدفاعية، أن الاستيلاء على هذه الصواريخ أو حتى هندستها العكسية قد يوفران لإيران فرصة تحدي الولايات المتحدة في لعبتها الخاصة، وأن هذا الخطر أصبح وشيكا أكثر بعد أن كثفت الميليشيات الحليفة لإيران هجماتها ضد القوات الأميركية في المناطق الساخنة، مثل سوريا والعراق.

والوصول إلى مثل هذه الأنظمة يوفر لهذه الميليشيات قدرات قتالية وهجومية محسنة، ويعرض القوات والمنصات الأميركية لخطر متزايد.

وبالإضافة إلى مطاردة الأنظمة الغربية المهمة في مناطق الصراع، مثل سوريا والعراق، استفادت إيران أيضا من المكونات الصينية المحاكية للأنظمة الغربية.

وتزوّد بكين طهران بتصميمات المنصات الحيوية، مما يساعد على تطوير القاعدة الصناعية التكنولوجية الدفاعية في إيران رغم العقوبات الغربية. وصنعت الصين محركات المسيّرات الإيرانية التي شوهدت في أوكرانيا، وهي نسخة مطابقة لمحرك ألماني.

ويوضح هذا الطبيعة المتشابكة للشراكة العسكرية الصينية – الإيرانية، إضافة إلى دور معاملات بكين العسكرية مع الغرب في تطوير القاعدة الصناعية التكنولوجية الدفاعية في إيران.

ويستمر اليوم تقييد صادرات الأسلحة الغربية إلى الصين. لكنْ مازال بعض المتعاقدين العسكريين ومنتجي التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج يشاركون في أعمال تجارية مع بكين، وخاصة في القطاعات الحيوية المهمة، مثل صناعة الطيران.

وتعتمد عملية الهندسة العكسية الناجحة بشكل كبير على توفر المكونات الفرعية واستدامتها. لكن لا يمكن تحديد ما إذا كانت القاعدة التكنولوجية الإيرانية كافية لإنتاج المكونات الفرعية لهذه التقنيات محليا.

ولا تستبعد أوزكاراساهين في تحليل لمؤسسة جايمس تاون أن تكون روسيا أو الصين من الناحية النظرية على استعداد لدعم إيران في هذه المرحلة. لذلك سيحتاج الغرب في المستقبل القريب إلى تعزيز مراقبة الأنشطة التجارية بين روسيا وإيران والصين.

العرب