مع وجود كل من روسيا وتركيا على طرفي نقيض في الآونة الأخيرة، فإن المواقف السائدة في آسيا الوسطى تجاه تركيا في الأشهر الأخيرة قد شهدت بعض التغير أيضا. وكان من المقرر أن يقوم الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بزيارة إلى تركمانستان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن الهجوم الإرهابي الذي وقع في العاصمة التركية قد دفعه إلى تأجيل رحلته. ومنذ ذلك الحين، قامت تركيا بإسقاط طائرة مقاتلة روسية بالقرب من الحدود التركية السورية، وقد أدى التوتر الناجم عن الحادث إلى سلسلة من المشاحنات التجارية بين موسكو وأنقرة. ومن الطبيعي أن تكون هذه الظروف قد هيمنت على الأجواء المتعلقة بزيارة «أردوغان» إلى تركمانستان خلال يومي 11 – 12 ديسمبر/ كانون الأول، والتي التقى ي خلالها بالرئيس التركماني «قربان قولي بيردي محمدوف».
تحليل
تشهد تركيا علاقات تتراوح ما بين السخونة والبرودة مع دول آسيا الوسطى. وعلى الرغم من أن تركيا تتشارك في الجذور العرقية واللغوية مع 4 من دول آسيا الوسطى، إلا أن هذه الدول كانت تشعر بالقلق إزاء محاولات أنقرة لتوسيع نفوذها في المنطقة. أغلقت هذه الدول المدارس والمنظمات الحكومية غير التركية التي تعمل في بلدانهم. تركمانستان، التي يمكن أن تصنف على أنها أكثر دول آسيا الوسطى حيادية وأكثرها ذعرا أيضا، قادت حملات إقليمية بشأن النفوذ التركي ابتداء من عام 2011.
لكن العلاقات مع تركيا لا تزال حاسمة بالنسبة إلى تركمانستان. تركيا هي أكبر شريك للاستيراد بالنسبة لتركمانستان. البضائع التركية، ومعظمها من المعدات الإلكترونية والآلات والمعادن المصنعة والأثاث، تشكل 26% من الواردات التركمانية. منذ بدأ الخلاف الأخير بين روسيا وتركيا، فقد تعطلت بعضا من هذه التجارة. وأشار مصدر لـ«ستراتفور» أن شاحنات البضائع التركية المتجهة إلى آسيا الوسطى قد تم منع عبورها من خلال روسيا. وخلال الأسبوع الماضي، تم نقل المزيد من السلع التركية التي نجحت في عبور الأراضي الروسية إلى الطريق الذي يمر عبر أذربيجان وعبر بحر قزوين إلى آسيا الوسطى.
موارد الطاقة التركمانية الهائلة هي الأمر الأكثر أهمية. في العلاقات التركية التركمانية. تحمل البلاد رابع أو خامس أكبر احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي (وفقا لاختلاف التقديرات). تنتج تركمانستان حاليا نحو 83 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا وتصدر 58 في المائة منها تقريبا للصين. تركمانستان لديها القدرة على إنتاج المزيد من الغاز الطبيعي، ولكن موقعها جعل تواصلها مع العملاء حول العالم أمرا صعبا.
واحد من العملاء المحتملين الأكثر حرصا هي تركيا، والتي تعمل ضمن كونسورتيوم لبناء خط أنابيب عبر الأناضول من أذربيجان إلى تركيا، حيث سيتم ربطه مع خط أنابيب عبر البحر الأدرياتيكي، والذي سيحمل الغاز الطبيعي. ومع ذلك فإنه يمكن لأذربيجان ملء جزء فقط من سعة خط أنابيب الأناضول يقدر بـ 16 مليار متر مكعب، وترك المجال لمورد آخر.
توددت تركيا وأوروبا وأذربيجان طويلا لتركمانستان من أجل ملأ هذه الحصة من خلال خط الأنابيب المقترح العابر لبحر قزوين. وتعد خطوط الأنابيب تلك هي حجر الزاوية في استراتيجية الطاقة الخاصة بالاتحاد الأوروبي والممر الجنوبي الخاص بتركيا، والتي تهدف، عبر نقل الغاز الطبيعي من منطقة بحر قزوين إلى أوربا، إلى تجاوز الاعتماد على الأراضي الروسية والغاز الطبيعي الروسي.
شعور بالقلق