العراق يغلق ثغرات تهريب النقد الأجنبي

العراق يغلق ثغرات تهريب النقد الأجنبي

لا يزال تجار الأزمات في العراق ماضين في فرض أساليبهم المتعددة للإضرار باقتصاد بلادهم عبر “التفنن” في طرق مختلفة لتحقيق ذلك، إذ لجأ عدد كبير من مهربي العملات الأجنبية إلى استخدام طريقة جديدة بالاعتماد على البطاقات الائتمانية المصرفية لكسب فارق السعر بين الرسمي المحدد من البنك المركزي في بغداد والسوق الموازية.

وحدد البنك المركزي العراقي سعر الدولار الأميركي عند 1320 ديناراً، بينما تشهد السوق الموازية ارتفاعاً وقتياً في سعره، وهو ما أكده مسؤولون عراقيون وسط تعهدات بالسيطرة على هذا التحايل، وبالفعل أوقفت وزارة الداخلية العراقية 45 متهماً بتهريب العملة خلال يوليو (تموز) الجاري.

وفي وقت سابق، قال نائب محافظ البنك المركزي العراقي عمار حمد خلف إنه تم إحباط محاولات لتهريب عدد من البطاقات الصادرة من قبل مصارف وشركات الدفع الإلكتروني المرخصة من البنك المركزي والتي لم تتضمن أي اسم بهدف استخدامها خارج العراق، مبيناً أن “البنك المركزي اتخذ إجراءات بحق تلك المصارف بالتنسيق مع الجهات الأمنية والمنافذ الحدودية التي تمكنت من ضبط تلك البطاقات”.

أرقام كبيرة

مدير عمليات مكافحة الجريمة المنظمة التابعة لوزارة الداخلية العراقية العميد حسين التميمي كشف بدوره في تصريح صحافي عن أن “المديرية تمكنت من ضبط 2500 بطاقة ماستر كارد وألقت القبض على 45 متهماً بعمليات تهريب العملة في بغداد وكركوك والبصرة والنجف خلال الشهر الجاري”.

وأوضح أن “البطاقات التي صودرت تخضع لإجراءات قانونية بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي لمعرفة الجهات المستفيدة من تلك الأموال”.
وزاد، “مديرية مكافحة الجريمة المنظمة تمكنت من إفشال نقل جميع الأموال بالبطاقات، وجميع الأموال خاضعة لسلطة الحكومة”، مبيناً أن “المديرية استطاعت ضبط 1250 بطاقة مهربة عبر 23 متهماً في النجف فقط”.

وشهدت أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي ارتفاعاً لتصل إلى 155 ألف دينار لكل مئة دولار بعد فرض واشنطن عقوبات على 14 مصرفاً محلياً، فيما يؤكد البنك المركزي أن صعود أسعار الدولار مسألة وقتية.

وكان المتخصص في الشأن الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش قال في وقت سابق إن الحكومة العراقية الممثلة بالبنك المركزي عمدت إلى طريقة لـ”زيادة الكاش وهي عملية البيع عبر النافذة لأغراض الصرف وليس التحويل”.

وأضاف أن البنك المركزي انتبه إلى العمليات التجارية التي تستغلها شركات السياحة، إذ كانت تمنح الفرد الواحد 20 فيزا كارد يمكنه من خلالها إيداع آلاف الدينارات في مقابل سحب 3 آلاف دولار من البطاقة الواحدة. وعلى سبيل المثال شخص واحد يمتلك 20 بطاقة بنكية يستطيع سحب مبلغ 60 ألف دولار، أو ما يعادله بأي عملة أجنبية أخرى.

ولفت إلى أنه بعد أن استمر هذا الوضع لمدة شهرين، تنبه البنك المركزي العراقي لهذا التحايل فقرر وضع سقف أقصى للسحب على البطاقة الواحدة مقداره 300 دولار فقط وباختيار فئات متميزة من التجار وليس لأي فرد.

متطلبات المنصة

وفي هذا السياق قال المتخصص في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي إن تجار العملة أو الحوالات وبعض المصارف يستخدمون قضية البطاقات وتهريبها لتنفيذ حوالات سلسة بعيدة من القيود المفروضة على المنصة وإجراء الحوالات من دون قيود.

ولفت التميمي إلى أن المنصة المحددة من قبل السلطات المالية في العراق تحتاج إلى بعض الوثائق ولكن لا يوفرها كل التجار، إذ إن أنشطتهم لا تزال بدائية إلى الآن، محذراً من لجوء تجار آخرين إلى استغلال ثغرات لسحب مبالغ دولارية وتحويلها إلى الخارج.

ورأى أن هذه الأمور لا تمثل ضرراً مباشراً على الاقتصاد إنما يحاول التجار من خلالها إيجاد وسيلة سريعة وسهلة وسلسة من وجهة نظرهم، لكن الحكومة والبنك المركزي العراقي يعتبرانها مخالفة صريحة.

عقوبة المضاربة

من جهته قال المتخصص في الشأن القانوني علي التميمي إن عقوبة المضاربة التي تؤدي إلى التأثير في سعر صرف الدولار نص عليها قانون غسل الأموال العراقي بعقاب المخالف بالحبس سنة وغرامة مليون دينار (750 دولاراً أميركياً)، إلا إذا كان الموضوع متعلقاً بتهريب الأموال إلى دول أخرى، فهذا يعتبر غسل أموال تصل عقوبته إلى السجن 15 سنة.

ورأى أن السيطرة على الوضع الاقتصادي في العراق مهمة جداً، لافتاً الانتباه إلى أن الولايات المتحدة ملزمة من خلال الاتفاق الاستراتيجي المساعدة الاقتصادية لبغداد في الأزمات، موضحاً أن بلاده تحتاج إلى السيطرة على سعر العملة الأجنبية وأيضاً أسعار السوق ومنع التضخم من خلال تطبيق قوانين حماية المستهلك ومنع الاحتكار.

وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق أعلن القبض على متهمين قاموا بنشاطات مصرفية مشبوهة اعترفوا باتخاذ شركات ممارسة أعمال تجارية كغطاء لتهريب العملة إلى خارج البلاد، كما ضبط المجلس مبلغاً قدره 15 مليون دولار.

اندبندت عربي