فلوريدا (الولايات المتحدة)- في الوقت الذي يتنافس فيه كل من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس لخوض سباق تنافس الجمهوريين لاختيار مرشح رئاسي للحزب في انتخابات عام 2024، يحاول كل منهما وصف نفسه بأنه أبرز المرشحين المناهضين للهجرة غير الشرعية. وقطع الجمهوريان وعودا متشابهة، ولكن من المرجح أن يواجها نفس العقبات في حال تم انتخاب أيّ منهما وحاول تنفيذ وعوده.
وأفادت صحيفة “تامبا باي تايمز” الأميركية، في تقرير لها، بأن ترامب وديسانتيس تعهدا بالانتهاء من بناء جدار حدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، واحتجاز كل شخص يعبر إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، ومنع منح الجنسية بشكل تلقائي للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأبوين يعيشان في البلاد بصورة غير قانونية.
ومن شأن الكثير من هذه الأهداف أن تحتاج إلى تمويل من جانب الكونجرس، أو إلى إصلاح شامل لنظام الهجرة، أو حتى إلى تعديل جديد في الدستور.
ومن بين وعود المرشحَيْن والحقائق التي تعترض طريقهما:
• القضاء على ممارسة “القبض والإفراج”: وهو أمر غير واقعي بسبب المساحة غير الكافية للاحتجاز.
ويقول ترامب وديسانتيس إنهما سينهيان ممارسة “القبض والإفراج”، وهو مصطلح عادة ما يستخدمه الجمهوريون لوصف سلطات الهجرة التي توقف المهاجرين على الحدود وتفرج عنهم حتى يتمكنوا من انتظار جلسات المحكمة خارج الحجز الفيدرالي. إلا أن إدارتي الديمقراطيين والجمهوريين اتبعتا هذه الممارسة لعقود، بسبب وجود مساحة احتجاز محدودة، كما حددت الأحكام الصادرة عن المحاكم المدة التي يمكن فيها احتجاز شخص ما.
ويقول خبراء الهجرة إنه من الناحية الواقعية لا يمكن إنهاء هذه الممارسة، ولاسيما من خلال الإجراءات التنفيذية فقط، حيث أن الأمر سيتطلب من الكونجرس سن قانون جديد، واستثمارات كبيرة في الموظفين، وتوفير طاقة استيعابية وبنية تحتية لاحتجاز كل مهاجر يعبر الحدود دون تصريح.
وأشارت صحيفة “تامبا باي تايمز” في تقريرها إلى أن الكونجرس كان قد خصص أموالا تكفي لنحو 34 ألف سرير احتجاز في السنة المالية 2023، إلا أن هناك أعمالا متراكمة لمليوني قضية معلقة في محكمة الهجرة (والتي من شأن حلها أن يستغرق أعواما)، بحسب بيانات صادرة عن إدارة تبادل المعلومات في جامعة سيراكيوز بنيويورك.
• إنهاء حق المواطنة المكتسبة بحكم الميلاد: فمن المرجح أن يتم الطعن على أمر تنفيذي في المحاكم.
وقال كل من ترامب وديسانتيس إنهما سينهيان حق المواطنة للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأبوين يعيشان في البلاد بصورة غير قانونية. وكان ترامب قد وعد بذلك في عام 2016، ولكنه أخفق في تحقيقه.
وينبع حق المواطنة من التعديل الرابع عشر للدستور، والذي ينص على أن “جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لسلطتها القضائية، هم مواطنون من الولايات المتحدة وينتمون للولاية التي يقيمون فيها”.
كما قضت المحكمة العليا في حكم لها صدر في عام 1898، بأن الأشخاص المولودين على أرض أميركية، مع بعض الاستثناءات الواضحة، مؤهلون للحصول على الجنسية بموجب التعديل الرابع عشر للدستور، كما أن هناك قانونا صادرا في عام 1952 يدعم هذا المفهوم أيضا.
• الانتهاء من بناء جدار حدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك: وهو أمر يحتاج إلى تمويل من جانب الكونجرس.
وتعهد كل من ديسانتيس وترامب بالانتهاء من بناء جدار حدودي يمتد على طول الحدود الأميركية المكسيكية، أي لما يقرب من 2000 ميل (نحو 3220 كيلومترا)، إلا أن هناك أجزاء كبيرة من الحدود الجنوبية للولايات المتحدة تقع ضمن أراض مملوكة ملكية خاصة، أو تخضع لأرض محمية اتحاديا. لذلك لا يمكن وضع حواجز هناك ما لم تقم الحكومة الفيدرالية بشراء تلك الأراضي، أو السيطرة عليها من خلال حق استيلاء عام.
◙ ترامب يتعهد باحتجاز المهاجرين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة، ومنع منح الجنسية بشكل تلقائي لأطفالهم
كما أن تحقيق هذا الوعد سيتطلب أيضا تعاونا من جانب الكونجرس، وهو ما سيحتاج إلى تمويل مناسب لهذا الغرض.
ويقول المرشحان إن الجدار من شأنه أن يقلل من حجم الهجرة غير الشرعية إلى البلاد، إلا أن الخبراء شككوا في مدى فعالية تلك الحواجز.
• ترحيل جميع من يتجاوزون مدة الإقامة المسموح بها: وهو أمر مكلف للغاية.
وخطة الهجرة الخاصة بديسانتيس تشير إلى أنه “سيقوم بترحيل من يتجاوزون مدة الإقامة المسموح بها”، ولكن الخطة لا توضح كيف سيحقق هذا الوعد، كما لم تقدم حملته تفاصيل بهذا الشأن.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تمنح في كل عام الآلاف من التأشيرات للطلبة الأجانب والسائحين والعمال. ويتجاوز بعض الأجانب مدة الإقامة المسموح بها لفترة وجيزة، فيما يتجاوزها آخرون لأعوام.
ولا يوجد عدد محدد للمهاجرين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة ممن تجاوزوا مدة الإقامة المسموح بها، ولكن هناك مجرد بعض التقديرات. ففي عام 2022 ظل في البلاد نحو 850 ألف أجنبي، أو 4 في المئة من إجمالي عدد الأشخاص الذين كان من المفترض أن يغادروا البلاد بسبب انتهاء فترة تأشيراتهم في السنة المالية 2022، بحسب ما ورد في تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي. ويمثل ترحيل أعداد كبيرة من الأشخاص نوعا من التحدي بالنسبة إلى الحكومة الفيدرالية.
العرب