«المنتدى الاستراتيجي»: انخفـــاض النفط وتنويع الاقتصاد أبرز التحديات أمام الاقتصادات العربية في 2016

«المنتدى الاستراتيجي»: انخفـــاض النفط وتنويع الاقتصاد أبرز التحديات أمام الاقتصادات العربية في 2016

4284787364

توقع تقرير صادر عن المنتدى الاستراتيجي العربي استمرار الحروب الحالية بالوكالة، واحتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة، مشيراً إلى نجاح قوات التحالف العربي في تحقيق الجزء الأكبر من أهدافه في اليمن، إلا أنه من غير المحتمل التوصل إلى تسوية دائمة لأن ذلك يتطلب تدخلاً دبلوماسياً خارجياً، والتزاماً حقيقياً من الأحزاب المحلية. وأكد التقرير أنه من غير المتوقع أن تتمكن القوى المتحالفة ضد «داعش» من القضاء عليه، إلا أنها ستنجح في احتواء تقدمه وإجباره على التراجع إلى مناطق أصغر. وأشار التقرير إلى أن العراق سيبقى موحداً بالاسم، والسبب في ذلك يعود إلى سيطرة تنظيم «داعش» على الجزء الغربي من البلاد، وتمتع الأكراد بالحكم الذاتي في شمال العراق.

واقتصادياً، توقع التقرير أن المشكلات الاقتصادية في العالم العربي ستواصل تزايدها في عام 2016، لافتاً إلى أن أبرز التحديات تتمثل في انخفاض أسعار النفط، وصعوبات تنويع مصادر الاقتصاد، إلا أن دول الخليج ستتمتع بظروف أفضل مقارنة بغيرها من دول المنطقة. وأشار إلى أن دولة الإمارات نجحت في رفع الدعم عن منتجات البترول من دون مصاعب، لافتاً إلى أن تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بسبب انخفاض أسعار النفط، سيكون له أثر محدود في الإمارات وقطر وغيرهما من دول الخليج.

التوجهات الجيوسياسية

استند تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي حول الأوضاع الاقتصادية لدول العالم في 2016، إلى قراءات صندوق النقد الدولي الذي توقع نمواً معتدلاً للاقتصاد العالمي في 2016، بواقع 3.6%، مع تحسن متواضع في أوروبا، ونمواً أبطأ في الأسواق الناشئة وفي الولايات المتحدة الأميركية. وأشار التقرير إلى أنه من المرجح أن يزيد البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بنسبة 50-100 نقطة أساس خلال عام 2016، قبل اتخاذ القرار حيال الخطوات المقبلة. وتعتمد زيادة إجراءات التشديد على قوة الاقتصاد الأميركي، وعلى معدلات التضخم. وستواصل الهند تألقها في هذا الجانب.

أوروبا تعيش فوضى سياسية

رصد تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي واقع ومستقبل الاتحاد الأوروبي مشيراً إلى أن أوروبا تملك المقومات اللازمة لتحقيق تسارع في النمو خلال عام 2016، إلا أنها تعيش فوضى سياسية، ويشتت تركيزها احتمال إطلاق المملكة المتحدة استفتاءً حول مغادرة الاتحاد الأوروبي، كما أنها لاتزال تعاني تداعيات مشكلات هيكلية أساسية في العملة الموحدة. وتسبب هذه العوامل مجتمعةً حالة من عدم الاستقرار وطرداً للاستثمارات. وتوقع التقرير أن أسعار النفط في حال ارتفاعها لن تعود إلى ما كانت عليه في السابق بسبب استمرار تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي. ورجح التقرير انتهاء الطفرة الاقتصادية الصينية ذات الرقمين، متوقعاً استمرار الصين في مسارها الحالي، على أن تصبح أكثر نشاطاً في المنطقة القطبية.

وتفصيلاً، أصدر المنتدى الاستراتيجي العربي، جزءاً من مبادرات محمد بن راشد العالمية، تقريراً بالتعاون مع «فورين أفيرز» لرصد الأحداث المتوقعة في 2016 على الصعيدين السياسي والاقتصادي، من خلال قراءة لواقع الأحداث ومرتكزاتها. ويأتي ذلك بهدف إعطاء لمحة عن المستقبل بما يُمَكن من التخطيط للعام المقبل مع الأخذ بالحسبان التوجهات الجيوسياسية والاقتصادية، التي قد تؤثر في استراتيجيات عام 2016. ويتناول التقرير الحالة السياسية للعالم العربي في 2016، حيث يتوقع استمرار الحروب الحالية بالوكالة، واحتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة. ويحلل التقرير أوضاع الحرب في اليمن، كاشفاً عن نجاح التحالف في تحقيق الجزء الأكبر من أهدافه، لكن من غير المحتمل التوصل إلى تسوية دائمة، لأن ذلك يتطلب تدخلاً دبلوماسياً خارجياً والتزاماً حقيقياً من الأحزاب المحلية.

ورصد التقرير تطور تنظيم «داعش» في السنوات الأخيرة من فصيل محلي إلى قوة بارزة على الصعيد العالمي، تسيطر على أجزاء كبيرة من سورية وغرب العراق، إلى جانب بعض دول المنطقة. وأوضح التقرير أنه على الرغم من استقطاب التنظيم لأعداد كبيرة من المجندين الأجانب، وسيطرته على مصادر متنوعة للدخل، إلا أن وحشيته وعدوانيته أسهمتا في تنامي معارضته من كل الأطراف التي تجمعها مصالح متقاربة، لافتاً إلى أنه من غير المتوقع أن تتمكن القوى المتحالفة ضد «داعش» من القضاء عليه، لكنها ستنجح في احتواء تقدمه، وإجباره على التراجع إلى مناطق أصغر. وأشار التقرير إلى أن عدم الاستقرار في ليبيا سيؤدي إلى مزيد من حالة التوتر الإقليمي، فالحدود لاتزال مفتوحة وسهلة العبور، والجهاديون لا يواجهون خصماً متمكناً قادراً على وقفهم، وقد يتسببون في نقل العنف وهجرة الليبيين إلى أوروبا، ما سيزيد من توتر الأوضاع في دول اللجوء.

وأشار التقرير إلى أن شبه جزيرة سيناء ستكون مصدر إزعاج للحكومة المصرية، من دون تهديد مباشر لها. أما في الشأن السوري فتوقع التقرير بقاء بشار الأسد رئيساً للبلاد، نظراً إلى التزام روسيا وإيران بدعمه، وضعف المعارضة السورية في تحقيق أهدافها. وفي تحليل للوضع العراقي أشار التقرير إلى أن العراق سيبقى موحداً بالاسم، والسبب في ذلك يعود إلى سيطرة تنظيم «داعش» على الجزء الغربي من البلاد، وتمتع الأكراد بالحكم الذاتي في شمال العراق.

وتحت عنوان «حالة العالم العربي اقتصادياً في 2016»، أوضح التقرير أن المشكلات الاقتصادية في العالم العربي سيواصل تزايدها في عام 2016 بدلاً من تحسن الأوضاع. ويتصدر هذه العوامل انخفاض أسعار النفط، والفشل المتواصل في تنويع مصادر الاقتصاد، واستمرار الحروب الأهلية وتأثيراتها الممتدة، وتدني مستوى الفرص التعليمية، إلا أن دول الخليج ستتمتع بظروف أفضل مقارنة بغيرها من دول المنطقة، وضمن إطار زمني أبعد قليلاً. وأكد التقرير أن هذه السيناريوهات تعتمد بذلك على حركة أسعار النفط، فإذا وصل سعر النفط إلى 45 دولاراً للبرميل مثلاً، فإن المنطقة ستعاني من عجز في رأس المال، أما إذا ارتفع سعر النفط ليتجاوز مستوى 70 دولاراً للبرميل لفترة طويلة، فإن الدول المصدرة ستتمكن من جمع واردات خزينة تصل إلى ستة تريليونات دولار على مدى 10 إلى 15 سنة مقبلة. ولفت التقرير إلى أنه في حال عادت أسعار النفط إلى مستوى 100 دولار للبرميل فإن هذا الرقم سيرتفع إلى تسعة تريليونات دولار، ما يمكّن الحكومات حينها من التغلب على الكثير من الصعوبات.

استقرار الميزانيات

وتوقع التقرير استقرار ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، في حال إعادة النظر في الدعم الحكومي أو فرض الضرائب، ويعتمد تأثير خفض أو وقف الدعم الحكومي وزيادة الضرائب على مدى التنفيذ الفعلي لهذه السياسات، وعلى مدى أهمية التغيرات الناجمة عنها وسرعة حدوثها. وأشار التقرير إلى أن دولة الإمارات نجحت في رفع الدعم عن منتجات البترول من دون مصاعب، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان مثل هذا التقدم سيمتد ليشمل دولاً أخرى. وأكد أنه في حال انتشر تطبيق مثل هذه السياسات في أنحاء المنطقة فإن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى موازنات أكثر استقراراً، وإن كان ذلك على حساب احتمال مواجهة بعض المصاعب.

وحول احتمال تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بسبب انخفاض أسعار النفط، أكد التقرير أن ذلك سيكون له أثر محدود في الدول التي تحرص على تنويع قاعدتها الاقتصادية، مثل الإمارات وقطر وغيرهما من دول الخليج. وذكر التقرير أن أبرز التحديات التي تواجهها بعض دول المنطقة يتمثل في قضية اللاجئين، التي ستشكل مزيداً من الضغوط الاقتصادية على دول مثل لبنان والأردن وكردستان، وإمكانية توسعها لتشمل تونس ومصر وتركيا وإيران. وفي تحليل لواقع الاقتصاد المصري، توقع التقرير أن تشهد مصر تباطؤاً في النمو، نظراً إلى التحديات المتزايدة في القطاع السياحي. كما توقع التقرير أن تتأثر دول المنطقة العربية بالتحديات الاقتصادية الداخلية التي يواجهها الاقتصاد الصيني، والتي ستنعكس سلباً على الاستثمارات النفطية للصين. وتوقع التقرير في المقابل أن تبدأ دول منطقة الشرق الأوسط استقبال رؤوس الأموال الخاصة من الصين، مع توقع استهداف هذه الأموال بشكل رئيس لمشروعات التطوير العقاري الفاخرة، التجارية منها والسكنية.

أما حالة العالم سياسياً في 2016، توقع التقرير أن تستمر منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا، وبحرا الصين الجنوبي والشرقي، كمناطق صراع رئيسة ومناطق جيوسياسية ساخنة. ويستعرض التقرير السيناريوهات المحتملة للأزمة الأوكرانية، مستبعداً أياً منها، ومرجحاً بقاء الوضع على حاله. وفي المقابل كشف التقرير عن استمرار توتر العلاقات الأميركية ـ الروسية من دون أي تصعيد ملموس، مع تراجع الأزمة الأوكرانية عن واجهة الأحداث، وعدم الوضوح في مستقبل العلاقات السياسية بين الطرفين. وفي الشأن الإيراني أوضح التقرير أنه على الرغم من التزام إيران بشروط الاتفاق النووي إلا أنها لن تسعى إلى انفتاح أكبر على العالم، على الأقل خلال عام 2016، نظراً إلى الانقسامات السياسية داخل إيران.

ولفت التقرير إلى أن حظوظ هيلاري كلينتون بدخول البيت الأبيض مرتفعة في العام الجديد، وفي حال وصولها إلى الرئاسة فمن المتوقع أن تستمر في نهج السياسة الخارجية الحالية نفسه، مع احتمالية أكبر للتدخلات العسكرية المباشرة.

أما في أوروبا، فأكد التقرير أن تزايد الهجمات من قبل الجماعات الإرهابية سيعمل على تعزيز مكافحة الإرهاب وزيادة العداء للمهاجرين.

تقرير أصدره المنتدى بالتعاون مع «فورين أفيرز» أكد أن دول الخليج تتمتع بظروف أفضل من دول المنطقة

نقلا عن الامارات اليوم