تصاعدت مشاعر القلق في إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما بشأن أعمال العنف الطائفية الجديدة في العراق، التي ظهرت في أعقاب استيلاء الجيش العراقي على مساحات من الأراضي من تنظيم « الدولة الإسلامية «، إذ اتخذ المسؤولون في الحكومة ذات الغالبية الشيعية المتحالفة مع إيران خطوات واضحة لتوطيد السلطة، والقيام بعملية تطهير هادئة للسنة من صفوف القوات المسلحة.
وقد تم طرد مئات من كبار المسؤولين السنة في الجيش العراقي وتم استبدالهم بأعضاء فيلق بدر، الميليشيا الشيعية المدعومة من إيران وفقا لمسؤول أمريكي قال أيضا، ان وزارة الداخلية العراقية طردت عدة آلاف من قوات الأمن السنية خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما استمرت في سياسة اعتقال و» اختفاء « الآلاف من السنة.
وخلقت عملية تطهير السنة مشكلة للسياسة الخارجية لإدارة اوباما في سعيها لزيادة مكافحة تنظيم « الدولة الإسلامية « في أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس، وفي ذات الوقت، الذي تعتبر فيه إدارة اوباما هدفها الأول هزيمة التنظيم تلوح في الأفق محاولة واضحة لإطلاق حرب طائفية مثل تلك التي اندلعت بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.
وقال مسؤول أمريكي زار العراق مؤخرا ان الولايات المتحدة تواجه المشكلة نفسها مع الأشخاص أنفسهم الذين حاولوا إثارة الحرب الطائفية قبل 10 سنوات، مشيرا إلى ان أحد أكبر التحديات التي تواجه واشنطن هو النفوذ المتنامي لإيران المجاورة.
واكد خبراء أمريكيون ان إيران تحاول السيطرة على الجسر البري بين إيران ولبنان والذي يمر عبر العراق وسوريا عبر إحكام السيطرة على المناطق السنية مثل محافظة ديالي، ولتحقيق ذلك وفقا لأقوال الخبراء تسعى الحكومة العراقية الموالية لإيران بضم الأجزاء السنية، ومن شأن ذلك بالطبع توجيه صفعة قوية في وجه اوباما الذي يحاول تحقيق سلام دائم في العراق عبر إنشاء حكومة شاملة.
والتفت الأمريكيون بتركيز إلى التوتر القائم بين السنة والشيعة لأنه يعيق، أيضا، الجهود العسكرية القادمة لاستعادة مدينة الرمادي التي تعتبر معقلا من معاقل تنظيم « الدولة الإسلامية « في محافظة الأنبار، حيث قال السناتور ليندسي غراهام الذي عاد من العراق مؤخرا :» الرمادي قد تسقط قريبا ولكن قوات الأمن العراقية عادت إلى عادتها السابقة، وهذا غير صحي لنا «.
ويشعر المسؤولون الأمريكيون أيضا بالانزعاج من تأثير إيران واتباعها من الميليشيات الشيعية في المعركة ضد تنظيم الدولة، وقالوا إنها تشكل خطرا على القوات الأمريكية، في حين قال عدد من المسؤولين ان هنالك إمكانية لهجوم ضد القوات الأمريكية في العراق إذا تعارضت مصالح الولايات المتحدة مع أهداف إيران.
وقال مايكل نايتس، وهو محلل في الشوؤن العراقية ومستشار عسكري في معهد واشنطن، ان فيلق بدر عبارة عن منظمة معادية بطريقة لا لبس فيها ضد الولايات المتحدة، مشيرا إلى ان الفيلق هدد بقتل الجنود الأمريكيين الذين تم نشرهم في العراق لمحاربة التنظيم.
ووضعت الميليشيات المدعومة من إيران نقاط تفتيش حول قواعد عراقية في محافظة الأنبار حيث تتمركز القوات الأمريكية من أجل التحكم في عملية الوصول للقاعدة وتحديد من يسمح لهم بالدخول او الخروج.
واضاف ناتيتس ان هناك مشكلة استراتيجية هائلة في العراق، مشيرا إلى ان جميع الأطراف المشاركة في المشكلة العراقية يحاولون استخدام هذه الحرب للحصول على ما يريدونه، ولكن البركان سيثور لا محالة وهنالك على ما يبدو استعداد لهذه النتيجة.
وووفقا لمعهد دراسات الحرب في واشنطن فقد تم إخماد مشروع القانون العراقي بإنشاء الحرس الوطني الذي يسمح للقوى السنية بتوفير الأمن وذلك بسبب المعارضة الشيعية لهذا المشروع، ولكن هناك إجماع في إدارة اوباما على الحاجة لمزيد من السنة، وهو الأمر الذي اكده مؤخرا وزير الدفاع أشتون كارتر أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب في الأسبوع الماضي، عبر قوله إن الولايات المتحدة ما زالت تحث بغداد على تسجيل وتدريب وتسليح السنة وإنشاء قوات شرطة سنية تسيطر على الأراضي التي تتم استعادتها من الجماعة الإرهابية.
رائد صالحه
صحيفة القدس العربي