أزمة خبز تزيد من حدة الضغوط المعيشية على الليبيين

أزمة خبز تزيد من حدة الضغوط المعيشية على الليبيين

طرابلس – تشهد ليبيا أزمة في توفر مادة الطحين ما أثر سلبا على إمدادات الخبز وزيادة أسعاره، بشكل بات يزيد من تحديات الأمن الغذائي والضغوط المعيشية على الليبيين.

ورفعت بعض المخابز في ليبيا أسعار رغيف الخبز إلى نصف دينار، بخلاف تسعيرة وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، فيما تفاقمت أزمة طحين في الأسواق.

ويعزو مسؤولون ليبيون النقص في مادة الطحين إلى تعطل سلاسل الإمداد العالمية جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ تستورد ليبيا نصف حاجياتها من الدقيق من أوكرانيا إلى جانب المضاربة والاحتكار، لكن مراقبين يعزونه أيضا إلى غياب إستراتيجية حكومية فعالة لتفادي مثل هذه الأزمة المستجدة منذ سنوات.

ومنذ انسحاب روسيا من اتفاقية البحر الأسود لتصدير الحبوب والتي اعتبرت خلالها أن موانئ البحر الأسود ستظل هدفا عسكريا لموسكو، تباطأت حركة أوكرانيا في تصدير القمح وهو ما استنزف المخزون الإستراتيجي للقمح في ليبيا.

وازدادت الأزمة في ليبيا خاصة مع حظر عدد من الدول تصدير السلع الأساسية لعدة أشهر، ما تسبب في أزمة في ليبيا. ولا يغطي الإنتاج المحلي من القمح سوى 5 في المئة من احتياج السّوق إذ تستهلك ليبيا سنويّا 1.5 مليون طن من القمح.

وكان رئيس نقابة الخبازين في ليبيا محمد بوخريص قد رجح قبل أسابيع لوسائل إعلام محلية، أن يكون هناك ارتفاع في أسعار رغيف الخبز، بسبب ارتفاع أسعار الدقيق بعد نفاد مخزون الحبوب الحالي في المطاحن بسبب إيقاف اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود.

وأكد رئيس نقابة الخبازين أن أسعار الخبز لن تزيد حاليا لأن مخزون الحبوب لم ينفد من المطاحن بعد، مطالبا الجهات المعنية بالاجتماع مع المطاحن ومعرفة مخزونها من الحبوب لضمان عدم زيادتها للأسعار قبل نفاده.

كما طالب بتفعيل ديوان الحبوب الذي من مهامه توفير المخزون الإستراتيجي من القمح، مشيرا إلى أن ليبيا تستورد 43‎ في المئة‎ من قمحها من أوكرانيا، داعيا الدولة إلى تعديد المصادر وتنويعها حتى لا يتأثر السوق الليبي.

ورفعت ليبيا الدعم عن الدّقيق منذ منتصف العام 2015، مما تسبّب في رفع أسعار رغيف الخبز في المخابز إلى ثلاثة أضعاف سعره المدعوم، وهو ما أرجعه عاملون في قطاع المخابز إلى وجود مضاربات على الدّقيق.

وحددت وزارة الاقتصاد تسعيرة جبرية لسعر القنطار (100 كيلوغرام) من الدقيق للمخابز بـ190 دينارا، بينما أفاد الخبازون بشراء الدقيق مقابل 280 دينارا للقنطار من شركات المطاحن الخاصة.

ومع تزايد الأزمة الأوكرانية – الروسية، ارتفعت أسعار الخبز والدقيق في عدد من المدن الليبية، خاصة مع توكيل وزارة الاقتصاد بحكومة عبدالحميد الدبيبة بمهمة استيراد وتخزين وتسويق الدقيق للمطاحن الخاصة التي رفعت الأسعار بشكل فوري.

وتعاني ليبيا من نقص كبير في مخزونها من الدقيق والقمح، وتعمل وزارة الاقتصاد الليبية على إيجاد آلية لتوزيع الدقيق وضمان انسيابه بالسوق المحلي وضبط المخالفين بالتنسيق مع جهاز الحرس البلدي باعتباره أحد ركائز الأمن الغذائي للمواطن، ورفع مستوى المخزون الإستراتيجي باستيراد شحنات دقيق مخابز وتوزيعه بكافة المناطق.

وأزمة نقص الطحين ليست مستجدة على الساحة الليبية، إذ شهدت السنوات الماضية نفس الأزمة. وفي يناير 2022 أعلن رئيس نقابة مخابز بنغازي محمود العريبي عن توقف المطاحن الواقعة في المنطقة الشرقية عن العمل بسبب فقدان مادة الطحين.

وحمّل العريبي آنذاك وزارة الاقتصاد مسؤولية عدم إنشاء ديوان الحبوب وتوفير مخزون إستراتيجي من القمح وترك المجال للتجار لتوريده بشكل خاص.

ويقول وزير الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها محمد الحويج إن “الحل الوحيد لأزمة الخبز يتمثل في تأسيس هيئة للحبوب مهمتها توفير مخزون إستراتيجي يكفي احتياجات البلاد، بحيث يقتصر الاستيراد على الدولة فقط بالنسبة لهذه السلعة”.

ويتوزع 4160 مخبزا على مختلف أنحاء ليبيا، إضافة إلى 57 مطحن دقيق توزع منتجاتها على الأفران بأسعار شبه مدعومة، فيما تستهلك ليبيا نحو 1.26 مليون طن من الحبوب سنويا، إذ تستورد 95 في المئة من القمح اللين، فيما تغطي باقي احتياجاتها من الإنتاج المحلي.

ورفعت ليبيا الدعم عن سلعة الدقيق منذ عام 2015 من دون توفير دعم نقدي للمواطنين. وذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” في تقرير لها أن إنتاج الحبوب في ليبيا خلال عام 2021 أقل من المتوسط، إذ لا تزال المدخلات باهظة الثمن ما يحد من الإنتاج الزراعي، بينما عدد المحتاجين إلى مساعدات ارتفع إلى نحو 1.3 مليون شخص، يمثلون 23 في المئة من السكان، بزيادة نحو 900 ألف شخص عن عام 2020.

العرب