العراق: انقسام في التحالفات الشيعية والسنّية التقليدية وتنافس كردي محموم للظفر بكركوك

العراق: انقسام في التحالفات الشيعية والسنّية التقليدية وتنافس كردي محموم للظفر بكركوك

اتفقت الأحزاب السياسية الشيعية على تشظّي تحالفها التقليدي «الإطار التنسيقي» وخوض تجربة انتخابات مجالس المحافظات والأقضية المُزمع إجراؤها في 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، قبل العودة للالتئام مجدداً بعد إعلان النتائج، وفيما يواصل الحزبان الكرديان الرئيسيان «الديمقراطي» و«الاتحاد» لكسب أكبر عدد من الأحزاب الكردية وجمّعها في تحالف موحد يهدف إلى السيطرة على الحكومة المحلّية في محافظة كركوك، يبدو الموقف السنّي أكثر غموضاً بشأن استراتيجيته للمرحلة المقبلة.

ومن المقرر أن يشارك في الانتخابات المحلية 50 تحالفاً- بينها 33 تحالفاً جديداً- حسب بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والتي أشارت إلى وجود 296 حزباً مسجّلاً رسمياً، فيما ما يزال 63 حزباً قيد التأسيس.
واتخذ «الإطار التنسيقي» الشيعي، أبرز الداعمين لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قراراً بخوض الانتخابات المحلية بـ«أكثر من قائمة».
رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» همام حمودي، أفاد في تصريح للوكالة الرسمية، أن «قانون الانتخابات لا يساعد على دخول الإطار التنسيقي مجتمعاً في قائمة واحدة في الانتخابات، لذلك سيدخل في أكثر من قائمة» مؤكداً أن «التحالفات بين كتل الإطار موجودة، وهناك قائمتان مهمتان إضافة إلى قوائم أخرى».
أول القوى السياسية المنضوية تحت لواء «الإطار» التي أعلنت «رسمياً» المشاركة بالانتخابات المحلية بصورة «مستقلة» عن «الإطار» هو تحالف «قوى الدولة الوطنية» الذي يتزعمه رئيس تيار «الحكمة» عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف «النصر» حيدر العبادي.
وأشار المكتب السياسي لتيار «الحكمة» في بيان صحافي عقب اجتماع طارئ بحث فيه آخر المستجدات في الساحة الوطنية، وفي مقدمتها موضوعة التحالفات السياسية، إلى «مخرجات الموقف التفاوضي للتيار بالمضي قدُماً في تحالفنا الراسخ واحترام خيارات القوى والحركات السياسية بما يرونه مناسباً لأوضاعهم ووجهات نظرهم، على الرغم من حرص تيار الحكمة الوطني وسعيه الدؤوب لشهور وأسابيع متواصلة على تعزيز المسار ولمِّ الشمل وتوحيد الصفوف بأقصى ما يمكن وفقاً لاستراتيجية أقرَّها المكتب السياسي في وقت سابق وعمل عليها».
وأكد البيان «الاستنفار العام والاستعداد الكامل لخوض التكليف الوطني الانتخابي بأقصى درجات الجهوزية والاستعداد، على جميع المستويات التيارية».
كردياً، قرر حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، خوض الانتخابات في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، بتحالف يجمعه بـ«الحزب الشيوعي» الكردستاني.
مؤسسة الانتخابات في «الاتحاد» ذكرت في بيان صحافي، إنه «بعد جهود وسعي حثيث من الاتحاد الوطني الكردستاني لكي يشارك شعب كردستان في الانتخابات المقبلة في المناطق المتنازع عليها بقائمة واحدة، لكن مع الأسف سيشارك الكرد بقوائم متعددة».
وأشار البيان إلى أن «الاتحاد الوطني الكردستاني كان وما يزال المبادر لجمع الاطراف الكردستانية في اطار قائمة واحدة ولم يضع أي شرط أو فيتو على أي طرف، بل ومن أجل الوحدة والقائمة المشتركة للكرد في المناطق المتنازع عليها أبدى أكبر قدر ممكن من المرونة وقدم تضحيات كبيرة، لكن في النهاية ذهبت جميع الجهود سدى وسيشارك الكرد في الانتخابات بقوائم متعددة».
وأشار الحزب إلى أن «أبناء المكونات الأخرى في تلك المناطق وخاصة كركوك قاموا بتنظيم أنفسهم وينظرون بعين الأهمية إلى الانتخابات وسيشاركون بشكل موحد فيها، لان النظام الحالي للانتخابات يصب في مصلحة التحالفات الكبيرة، وتعدد القوائم سيؤدي إلى ضياع عدد كبير من الأصوات».
ولفت بيان مؤسسة الانتخابات إلى أننا «نحن في الاتحاد الوطني الكردستاني سنشارك في انتخابات مجالس المحافظات عن طريق تحالفنا مع الحزب الشيوعي، ونطمئن جماهير شعب كردستان بشكل عام والجماهير الصامدة في المناطق المتنازع عليها بشكل خاص».
وتأكيداً على ذلك، صرح نائب سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني، الشيخ صادق، بأنهم سيشاركون في انتخابات مجلس المحافظة في كركوك مع الاتحاد الوطني الكردستاني.
وقال صادق في «تدوينة» له، إنه «من أجل عدم تشتت الصوت الكردي في كركوك قررنا المشاركة مع الاتحاد الوطني الكردستاني في انتخابات مجالس المحافظات، ولأن قضية كركوك وطنية لا نريد ان تقسم أصواتنا».
وفي مقابل ذلك، يقترب الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، تشكيل ائتلاف يضمّ ستّة أحزاب كردية للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات في محافظة كركوك الغنيّة بالنفط.
وفي تصريح سابق، أعلن نائب مسؤول المكتب التنظيمي للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك محمد خورشيد، انهم «لم يجروا محادثات مع الاتحاد الوطني الكردستاني للمشاركة في الانتخابات بقائمة واحدة». وأضاف: «نحاول تسجيل التحالف بستة أحزاب كردية في كركوك، إذا ما خاض الديمقراطي الانتخابات لوحده فلن يشكل ذلك مشكلة، وستكون تلك الأحزاب معه وسيفوز بأكبر عدد ممكن من الأصوات».
وحول ما إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أجرى محادثات مع الاتحاد الوطني الكردستاني للمشاركة في الانتخابات بقائمة واحدة، قال خورشيد: «بصفتنا اللجنة المنظمة لكركوك، لم نجر محادثات مع الاتحاد الوطني للمشاركة بقائمة واحدة حتى الآن، بينما أعربت ستة أحزاب رسمية، من بينها إسلامي وقومي ويساري، عن استعدادها لتشكيل تحالف مع الحزب الديمقراطي».
وخلافاً للمواقف شبه المعلنة للأحزاب السياسية الشيعية والكردية، ما يزال الغموض يخيّم على مفاوضات الأحزاب السياسية السنّية، التي تنقسم لتحالفين أساسيين، أحدهما «العزم» برئاسة مثنى السامرائي، وتحالف «السيادة» برئاسة خميس الخنجر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فضلاً عن تحالفات أخرى مناطقية- تتركز في الأنبار ونينوى.
ووسط ذلك، يجري الحديث عن فرضية تأجيل انتخابات مجالس المحافظات التي سبق أن رفضها الشارع العراقي إبّان احتجاجات أكتوبر 2019 وأسهم في تعليق عملها.
ويكشف عضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم في مجلس النواب جواد اليساري، عن «رغبة بعض الأحزاب» بتأجيل الانتخابات المحلية عن موعدها المحدد، فيما لفت إلى وجود 3 أسباب وراء هذه الرغبة السياسية.
وقال اليساري في بيان أصدره منتصف الأسبوع الماضي، إن «الأمور تتجه حالياً نحو اجراء انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم في موعدها المحدد في 18 كانون الأول/ديسمبر من هذا العام، إلا ان بعض الأحزاب ترغب في تأجيلها».
وحدد اليساري ثلاثة أسباب لهذا التأجيل المطلوب من الأحزاب وهي «عدم اكمال قوائمها واستعدادها لخوض الانتخابات، والثاني رفض الشارع عودة مجالس المحافظات، والثالث هو انتهاء ولاية مجلس المفوضين الحالي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالتزامن مع ظهور نتائج الانتخابات».

القدس العربي