إيران تقطع مياه الزاب عن العراق في أوج الحرارة

إيران تقطع مياه الزاب عن العراق في أوج الحرارة

بغداد – قطعت إيران مياه نهر الزاب الأسفل عن العراق في أوج موجة حرارة يعانيها هذا البلد وبلغت مستويات قياسية حيث تجاوزت الخمسين درجة مئوية في العديد من المحافظات.

وتعمد إيران بشكل متكرر إلى قطع المياه لأيام خلال أشهر الصيف دون مبرر أو سابق إنذار ما يؤدي إلى مفاقمة مشكلة المياه في العراق.

في المقابل تلتزم الحكومة العراقية الصمت حيال الأمر ما يعكس، وفق نشطاء عراقيين، حجم الضعف والإذعان للمنظومة السياسية المتحكمة حاليا في البلاد.

وتسيطر القوى الموالية لإيران على السلطة في العراق، وهو ما يفسر العجز الحكومي في اتخاذ أي إجراءات ضغط على طهران، أو حتى مجرد توجيه انتقاد.

الحكومة العراقية تلتزم الصمت حيال قطع إيران للمياه ما يعكس وفق نشطاء عراقيين حجم الضعف والإذعان

والزاب الأسفل نهر تقع منابعه في شمال غرب إيران ويمتد لمسافة 402 كلم داخل العراق، وهو ثالث روافد نهر دجلة.

ويتسبب انقطاع المياه من إيران في انخفاضات دورية في منسوب مياه نهري دجلة والفرات في العراق.

وتمر مياه الزاب الأسفل عبر مدينة السليمانية العراقية وتتجه إلى كركوك ومنها إلى الأجزاء الداخلية من العراق.

وقال سلام عمر مدير دائرة المياه بقضاء رانية بمحافظة السليمانية، الجمعة، إن مياه الزاب الأسفل تلبي احتياجات 100 ألف شخص في قضاء قلعة دزة لوحده.

وأضاف أن إيران قطعت مياه النهر منذ أربعة أيام، كما كانت المياه انقطعت في يوليو الماضي.

وعن المدة التي سيستمر فيها قطع المياه، قال عمر إن إيران تقطع المياه وتضخّها كيفما تشاء وتمتد هذه الفترة أحيانًا إلى يومين وأحيانًا تصل إلى 10 أيام، مشيرا أنه لا يتم إبلاغهم بمعلومات وافية بهذا الخصوص.

وقال “لدينا مشكلة كبيرة خاصة في ما يتعلق بمياه الشرب. وأولى المناطق المتضررة في العراق من قطع إيران للمياه هي منطقتا قلعة دزة ورانية وتليهما المناطق الأخرى”.

وكان الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد حمّل الشهر الماضي دولا مجاورة، دون أن يسميها، مسؤولية أزمة المياه التي تعانيها بلاده.

وقال رشيد في محاضرة ألقاها عن أزمة المياه إن “مجموعة نقاط أسهمت في نشوء أزمة المياه الحالية ومنها التغير المناخي وتصرفات دول الجوار”.

وحث وزارة الموارد المائية العراقية حينها على ضرورة تشكيل لجنة دائمة تتولى إجراء المفاوضات واللقاءات مع كل من تركيا وسوريا وإيران بشأن ملف المياه، حسب وكالة الأنباء العراقية “واع”.

ويواجه العراق منذ سنوات أزمة مياه متفاقمة تعود إلى عوامل متشابكة بينها تغير المناخ وسوء الإدارة، وتراجع الإمدادات من دول المنبع تركيا وإيران وسوريا.

وسلط تقرير صدر مؤخرا عن مركز “تمكين السلام” العراقي الضوء على السياق التاريخي لأزمة المياه في البلاد، وقال إن غياب الإرادة السياسية في العراق طيلة العقود الماضية منع حل المشكلة.

مدير دائرة المياه بقضاء رانية بمحافظة السليمانية يؤكد أن مياه الزاب الأسفل تلبي احتياجات 100 ألف شخص في قضاء قلعة دزة لوحده

وعرض المركز عدة مقترحات، مشيرا إلى أن العراق يمتلك “النفوذ” لإدارة الأزمة بفعالية في سياق تغييرات إقليمية.

وأشار التقرير الجديد للمركز إلى أن مأزق العراق يكمن في أنه بلد مصب، وجاف ويعتمد بشكل كبير على المياه السطحية التي تأتي من جيرانه، ومع ضعف استجابة الحكومات العراقية، تعمل دول الجوار على بناء السدود أو إعادة توجيه مسارات الأنهار المشتركة لتأمين احتياجاتها الخاصة، وبالتالي تقليل كمية المياه المتدفقة إلى العراق. وتتفاقم هذه المشكلة بسبب الاضطرابات في علاقات البلد بجيرانه.

ولفت التقرير إلى “سد أتاتورك”، أحد أكبر سدود تركيا على طول نهري دجلة والفرات، الذي اكتمل بناؤه في عام 1991، وهو ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول الذي يتضمن خططا لبناء سلسلة من السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية على النهرين.

وأظهرت صورتان لوكالة “ناسا” نهر الفرات قبل 20 أغسطس 1983 وبعد 24 أغسطس 2002، وفي الثانية تظهر بوضوح بحيرة كبير ناتجة عن مياه السد، وهي تغطي حوالي 817 كيلومترا مربعا.

ووفق التقرير فإن الحكومات العراقية بعد عام 2003 أهملت ملف المياه وأحجمت عن مواجهة دول الجوار، لافتا إلى أن الأحزاب التي ظهرت بعد 2003 إما تعتمد على دول الجوار للحصول على الدعم السياسي، أو تخشى قوتها.

وعدّ التقرير دبلوماسية المياه في العراق على مدى السنوات العشرين الماضية بـ”غير المتسقة”، مشيرا إلى أنه ينظر إلى وزارة الموارد المائية على أنها كيان “هامشي”.

العرب