احتفاء إيراني باللقاء بين الأمير محمد بن سلمان وعبداللهيان: مؤشر عظيم

احتفاء إيراني باللقاء بين الأمير محمد بن سلمان وعبداللهيان: مؤشر عظيم

الرياض – أظهر الإيرانيون حفاوة بالغة باللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ليل الخميس- الجمعة، ويرون فيه مؤشرا عظيما على إقناع السعودية بفكرة التقارب بين البلدين.

لكن السعودية لا تهتم بالتصريحات والوعود التي أطلقها عبداللهيان، ولا باحتفاء إيران بخبر اللقاء، وإنما بالنتائج على الأرض، وتسعى لاختبار مدى تأثير التقارب مع إيران على الملفات الخلافية.

وما يظهر اهتمام الإيرانيين باستقبال ولي العهد السعودي لعبداللهيان أنهم بادروا بالإعلان عن اللقاء قبل كشف السعوديين عنه، رغم أن اللقاء تم في مدينة جدة.

ونقلت قناة برس تي.في الإيرانية الرسمية عن الوفد الإيراني قوله إن الاجتماع كان “جيدا جدا”. وقال مراسل القناة جيسو ميشا أحمدي من جدة “الاجتماع… مؤشر عظيم على دفء ونمو العلاقات بين إيران والسعودية”.

الرياض تبحث عن ضمانات لتأمين حدودها الجنوبية بعد قصف الحوثيين مدنًا ومنشآت سعودية بمسيرات وصواريخ إيرانية

وأكد وزير الخارجية الإيراني أنه أجرى “حوارًا صريحًا وشفافًا ومفيدًا” مع ولي العهد السعودي. وذكر عبداللهيان، باللغتين الفارسية والعربية على منصّة إكس، أن اللقاء الذي استمرّ 90 دقيقة تخلله “حوار صريح وشفاف ومفيد ومثمر على أساس سياسة الجوار”.

ويرى متابعون لمسار التقارب السعودي – الإيراني أن طهران كان هدفها الأول إقناع ولي العهد السعودي بأنها جادة في مسار التقارب، وهي تعرف أن الأمير محمد بن سلمان سبق أن أعلن مواقف حاسمة تجاهها ووجه إليها اتهامات قوية، وأن طمأنته ستعني أنها كسبت السعودية على المدى البعيد.

وتبحث السعودية من وراء التقارب مع إيران عن تحصيل ضمانات بشأن تأمين حدودها الجنوبية بعد ما جرى في السنوات الماضية من قصف حوثي استهدف مدنا ومنشآت سعودية بالمسيّرات وصواريخ كروز الإيرانية.

ويراقب اليمنيون آثار الاجتماع وكيف سينعكس على التعاطي الإيراني مع الملف اليمني نحو تسهيل مهمة التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ووفق أيّ تصورات وآليات وتقاسم للسلطة، إداريا ومناطقيا.

ويستبعد المتابعون أن تقدّم إيران أي تنازل على هذا المستوى، ويقرون بأن أقصى ما يمكن توقعه منها هو أن توحي للحوثيين بمجاراة مساعي التهدئة الإقليمية ظرفيا في انتظار التوصل إلى اتفاقات مع السعودية، ومن ثمة يظلون ورقة تحت الطلب.

ويرجح المحلل السياسي اليمني مصطفى الجبزي، في تصريح لـ”العرب”، استفادة الجهود الإقليمية والدولية من التقارب السعودي – الإيراني في إطالة عمر التهدئة.

ومن الصعب أن تقبل إيران بالتوصل إلى تفاهمات تكبلها وتعيق خططها الإقليمية في اليمن أو غيره، وهو ما يخفّض سقف التوقعات بشأن لقاء الأمير محمد بن سلمان وعبداللهيان، على أساس أن التعاطي الإيراني معه لا يتجاوز الاستثمار الإعلامي.

ومنذ البداية حرص الإيرانيون على التعاطي مع مسار التقارب مع السعودية بمنطق دعائي في رسائل إلى الغرب يفيد مضمونها بأن طهران ليست منبوذة إقليميا، وأن خصمها الأول في المنطقة يرغب في التقارب معها.

ووقفت إيران عند البعد الدعائي الاستعراضي في حديثها عن هذا التقارب، ولم ترسل ما يؤشّر على أنها ترغب في تقديم أي تنازل بشأن الملفات الخلافية السياسية أو الاقتصادية.

لكن السعوديين يريدون من طهران إشارات تدل على مساع إيرانية جدية وليست استعراضية. وقد مكنوا وزيرها من لقاء ولي العهد والتقاط صورة لهما معًا، ثم ماذا بعد ذلك؟

ومن الواضح أن رسالة السعوديين من وراء اللقاء بين الأمير محمد بن سلمان وعبداللهيان هي: نحن مهتمون بالتقارب، فهل أنتم مهتمون أم ستعيدون إنتاج خطابات سابقة كالتي حدثت في عهد رؤساء سابقين مثل هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وحسن روحاني، حيث تحدث هؤلاء عن الرغبة في التقارب مع السعودية من دون نتائج.

ونقل بيان لوزارة الخارجية الإيرانية عن عبداللهيان قوله إن “السبيل إلى نجاح المنطقة هو تعزيز الحوار والتعاون وزيادة التعاون الموجه نحو التنمية”.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” إنها المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤول إيراني رفيع المستوى بولي العهد السعودي.

وكانت وزارة الخارجية السعودية أفادت في حسابها على منصة إكس بأن الوزير الإيراني عرض مع ولي العهد السعودي العلاقات “والفرص المستقبلية للتعاون بين البلدين وسبل تطويرها”.

كما ناقشا “تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها”.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد قال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الجمعة، إنه “بإمكاننا العمل مع السعودية على حل المسائل العالقة في المنطقة بشكل فوري”.

لكن إعلانه عن أن “إيران والسعودية تتفقان على تشكيل لجان فنية وتخصصية متنوعة” يظهر أن الزيارة ركزت على تبادل الوعود والنوايا الحسنة دون تجاوز أيّ نقطة خلافية، وأن تشكيل اللجان عادة يحيل إلى التأجيل والتسويف، وأن الطرفين ليست لديهما الرغبة في حل القضايا مثار الخلاف بشكل حاسم.

وقال وزير الخارجية السعودي إن بلاده حريصة على متابعة جميع النقاط الرئيسية للاتفاق الذي توسطت فيه الصين، سواء كانت اقتصادية أو سياسية، وأضاف أن سفيري البلدين سيتوليان منصبيهما في السفارتين بعد إعادة فتحهما.

وأعادت إيران في يونيو الماضي فتح سفارتها رسميا في السعودية، وذكرت وسائل إعلام حكومية إيرانية في وقت سابق من هذا الشهر أن سفارة المملكة في طهران استأنفت نشاطها.

وتأتي زيارة حسين أمير عبداللهيان بعد نحو شهرين من قيام الأمير فيصل بن فرحان بزيارة رسمية إلى إيران كانت الأولى لوزير خارجية سعودي إلى طهران منذ سبعة عشر عامًا، حيث عقدا مباحثات تناولت قضايا الأمن والاقتصاد والسياحة والنقل.

العرب