توحيد مصرف ليبيا المركزي خطوة في طريق الاستقرار

توحيد مصرف ليبيا المركزي خطوة في طريق الاستقرار

طربلس – أعلن مصرف ليبيا المركزي، اليوم الأحد، عودته إلى مؤسسة سيادية واحدة، بعد انقسام بدأ عام 2014، مؤكدا معالجة آثار انقسامه، وسط ترحيب بعض الفرقاء السياسيين الذين أعربوا عن تطلعهم بأن يشمل ذلك بقية المؤسسات السيادية في البلاد.

وذكر المصرف في بيان، أن قرار الإعلان عن توحيد فرعيه، جاء بعد اجتماع موسع عقد الأحد في مقر المصرف في طرابلس، جمع المحافظ الصديق عمر الكبير، ونائب المحافظ مرعي مفتاح، ومستشارين في المصرف بطرابلس وبنغازي.

ومنذ 2014، بدأ انقسام داخل مصرف ليبيا المركزي، حيث تولى شخصان منصب المحافظ، أحدهما يمارس مهامه من طرابلس (غرب)، والثاني في البيضاء (شرق).

وقال المصرف في بيانه، إن الاجتماع يأتي “تنفيذا لاستحقاق توحيد مصرف ليبيا المركزي، وتتويجاً للجهود المبذولة من الأطراف الوطنية الداعمة للتوحيد، وايذاناً بتوحيد مصرف ليبيا المركزي”.

ويرى مراقبون أن توحيد المصرف المركزي الليبي يمثّل خطوة إيجابية قادرة على مزيد من دفع الاقتصاد الليبي والذهاب أكثر نحو مزيد من الاستقرار والحد من حالة الانقسام التي يشهدها المشهد السياسي في البلاد.

ورحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، بالإعلان، واصفاً ذلك بأنه “محطة مهمة في سبيل تعزيز أداء هذه المؤسسة السيادية الهامة”.

وحثّ الدبيبة عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” المحافظ ونائبه على مواصلة جهودهم لمعالجة الإشكالات المترتبة عن الانقسام السابق، قائلا “هذه محطة مهمة في سبيل تعزيز أداء هذه المؤسسة السيادية الهامة، مع استمرار التزامنا بالتكامل وتعزيز إجراءات الشفافية والإفصاح التي تبنتها حكومتنا”.

وفي بنغازي، بارك رئيس مجلس النواب عقيلة صالح توحيد مصرف ليبيا المركزي واصفا ذلك بأنه جاء “بعد جهود وطنية مخلصة”.

ودعا صالح “جميع المؤسسات والهيئات في البلاد إلى أن تحذو حذو هذه الخطوة الوطنية في إنهاء حالة انقسام مؤسسات الدولة الأمر الذي سيكون له الأثر البالغ على مصلحة الوطن والمواطن الليبي في أنحاء البلاد كافة”، حسب بيان صادر عن الناطق باسم المجلس عبدالله بليحق.

ومن جانبه، رحب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، بمخرجات اجتماع المصرف المركزي وإعلان التوحيد.

وثمنت الحكومة الموازية، في بيان عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، كافة الجهود المَبذولة الداعمة لتوحيد المصرف، الذي على ضوئه ستتم مُعالجة الآثار التي نَجمت عَنْ الانقسام.

ويرى مراقبون أن معالجة الأضرار التي تسبب بها انقسام المؤسسة المالية المركزية في ليبيا لن يكون هينا، وقد يحتاج إلى سنوات مع الالتزام بخطة واضحة ومدروسة بدقة لإعادة التوازن والاستقرار للنظام المالي الليبي.

فقد تعرضت المصارف التجارية، خصوصا في المنطقة الشرقية عقب هذا الانقسام، إلى ضغوط وخسائر مالية كبيرة، بسبب إعلان تبعيتها إلى المركزي الموازي وانقطاع تواصلها مع المركزي بطرابلس، الذي رفض عملية انفصال إدارات تلك المصارف، وأغلق المنظومة الرئيسة التي تربط المصرف في طرابلس بفرعه في بنغازي.

ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن أهم خطوة بعد توحيد المركزي هي معالجة الآثار السلبية الناجمة عن انقسامه الطويل مثل أزمة المقاصة وتداعياتها على سلامة الأوضاع المالية للمصارف، التي أدت إلى إرباك الدور الرقابي المناط بمصرف ليبيا المركزي، إلى جانب تحديات سابقة يعانيها الاقتصاد الليبي والقطاع المصرفي منذ عقود، أهمها ضعف جودة وكفاءة الإنفاق العام، والخلل الهيكلي في الاقتصاد الليبي واعتماده على مصدر وحيد للدخل هو النفط، وما تعرض له من إقفال متكرر للحقول وموانئ التصدير.

وعام 2014، دخلت ليبيا في انقسام سياسي أفرز برلمانين، الأول هو “المؤتمر الوطني” في طرابلس (المجلس الأعلى للدولة حاليا)، كلّف “حكومة الإنقاذ الوطني” برئاسة عمر الحاسي، وأدارت غرب البلاد.

أما البرلمان الثاني فهو “مجلس النواب في طبرق” الذي انتُخب آنذاك، وكلّف “الحكومة المؤقتة “برئاسة عبد الله الثني، التي سيطرت على شرق البلاد.

وهذا الانقسام انسحب على المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها المصرف المركزي الذي انقسم إلى اثنين، الأول يعمل من طرابلس برئاسة الصديق الكبير، والثاني من مدينة البيضاء قبل أن ينتقل إلى بنغازي برئاسة علي الحبري، الذي أقاله مجلس النواب في نوفمبر الماضي.

وقبل رحيله، قال الحبري إن الصديق الكبير علق مسار توحيد المصرف من طرف واحد “دون سبب أو مبرر”، مشددا على ضرورة تفعيل مجلس إدارة المصرف.

وفي 19 فبراير الماضي ناقشت مجموعة العمل الاقتصادية التابعة للجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا التقدم المحرز نحو إعادة توحيد وإصلاح مصرف ليبيا المركزي. ووقتها شدد المبعوث الأممي عبدالله باتيلي على ضرورة أن “يثق الشعب الليبي بقادته في إدارة ثروات البلاد على نحو سليم”.

ومنذ سنوات، ترعى بعثة الأمم المتحدة حوارا اقتصاديا يهدف إلى توحيد المؤسسات المنقسمة، وعلى رأسها المصرف المركزي الذي توقفت قبل نحو عام مساعي توحيده.

العرب