سكوت البنادق في مخيم عين الحلوة لا يبدد عودة الاقتتال

سكوت البنادق في مخيم عين الحلوة لا يبدد عودة الاقتتال

القدس – يبدو أن الهدوء الذي ساد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان منذ مطلع الشهر الحالي بعد أيام من الاشتباكات الدموية بين حركة فتح ومجموعات مسلحة إسلامية متشددة لا يخفي المخاوف من تجدّدها نتيجة حالة الغموض في الأوضاع هناك.

ونقلت وكالة “القدس برس” للأنباء عن مصادر فلسطينية في لبنان -لم تمسها- إن كل شيء داخل “مخيم عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، ينذر بأن “المعركة لم تنته، وبأنّ الحياة لم تتسلل بعد إلى المكان”.

وأضافت المصادر أن “الاتصالات مستمرة بين مختلف القوى والفصائل الفلسطينية واللبنانية للحفاظ على وقف إطلاق النار في المخيم، وأن اللجان المختصة تتابع أعمالها الميدانية إلى حين التوصل إلى نتائج ملموسة حول ما جرى من عمليات اغتيال”.

ومن جانبه، قال عضو “الحراك الشبابي الفلسطيني الموحد المستقل” في مخيم “عين الحلوة” محمد حسون في تصريح لوكالة “القدس برس” إن “الوضع الاقتصادي في المخيم معدوم، وهناك العشرات وربما المئات من أصحاب المحال التجارية والمصالح الأخرى في المخيم لا زالت مغلقة منذ الأيام الأولى لبدء الاشتباكات الأخيرة وحتى يومنا هذا، ما يعني أن عشرات العائلات الفلسطينية باتت بلا مصدر دخل، وباتت تعيش واقعاً معيشياً صعباً للغاية”.

ومن جهتها، دعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” السبت كافة الجهات المسلحة في مخيم عين الحلوة للاجئي فلسطين إلى إخلاء منشآتها على الفور، بعد تلقيها تقارير بأن مدرسة أخرى قد تم الاستيلاء عليها من قبل تلك الفصائل.

وقالت مديرة شؤون “الأونروا” في لبنان دوروثي كلاوس، في بيان نشرته الوكالة الأممية “تلقت الأونروا تقارير تفيد بأن مجمعا مدرسيا آخر تم الاستيلاء عليه من قبل جهات مسلحة في مخيم عين الحلوة للاجئي فلسطين في جنوب لبنان”.

وأضافت “بذلك يصبح العدد الإجمالي للمدارس التي استولت عليها جهات مسلحة في المخيم 8 مدارس، ما يهدد بدء العام الدراسي في الوقت المناسب لـ 5900 طفل من المخيم”.

وتابعت كلاوس “تصلنا تقارير موثوقة عن أضرار جسيمة لحقت بالمباني المدرسية وعمليات نهب للمواد التعليمية للأطفال والمعدات من المدارس”.

وأكدت أن “وجودهم يعد انتهاكا صارخا لحياد وسلامة منشآت الأمم المتحدة ويشكل تهديدا كبيرا لتعليم الآلاف من أطفال لاجئي فلسطين الذين يعيشون في المخيم”.

ودعت كلاوس “الجهات المسلحة لإخلاء منشآت الوكالة في مخيم عين الحلوة على الفور، بما في ذلك المدارس ومكاتب الخدمات الأخرى”.

وحسب البيان، “لا تزال الوكالة ملتزمة بتقديم الخدمات في المخيم بما في ذلك الخدمات الصحية وازالة النفايات الصلبة وخدمات الإغاثة حيثما أمكن ذلك في أنحاء المخيم”.

واعترف قائد الأمن الوطني الفلسطيني التابع لحركة فتح في صيدا أبوإياد الشعلان بوجود عناصر مسلحة تابعة للأمن الوطني في إحدى المدارس التابعة لوكالة “أونروا” داخل مخيم عين الحلوة، مبررا ذلك بحماية مواقعهم من أي هجوم.

ويرفض الشعلان سحب المسلحين قبل تسليم قتلة أبوأشرف العرموشي إلى القضاء.

وكانت حركة فتح أصدرت بيانًا جاء فيه “الإدانات كثيرة وكافية ولجنة التحقيق أصبح لديها من المعطيات ما يكفي، ولن تمر هذه الجريمة دون محاسبة وكشف عن مرتكبيها، ولن نتهاون مع هؤلاء القتلة مهما كانت النتائج، وإن غدا لناظره لقريب”

وحذر عضو المكتب السياسي لـ”الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” في لبنان، فتحي كليب، مما يحصل ميدانياً في المخيم مشيرا إلى أن “ما تحقّق حتى الآن لا يؤشر إلى أن الأمور ذاهبة باتجاهات إيجابية”.

وأضاف كليب أن “الأمور السلبية التي لا تزال بارزة في المخيم هي مجموعة نقاط، من ضمنها عدم تسليم المتورطين في حوادث الاغتيالات، وعدم اتخاذ إجراءات ميدانية تبعث برسالة اطمئنان للعائلات ولأصحاب المحال التجارية ولوكالة “أونروا” بأن الأحداث قد انتهت، وأن الأمور ذاهبة باتجاه المعالجة، بل على العكس تماماً”.

وأشار إلى أن “حديث الشارع العفوي لعامة الناس من أبناء مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان، يشير إلى أن الأحاديث اليومية تشوبها حالات من القلق والخوف من إمكانية تجدد الأحداث، خاصةً في ظل الاستنفار الأمني الذي تشهده شوارع بعض المناطق في المخيم”.

واعتبر كليب أن “وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة لن يكون كافياً ما لم يتم تناوله في إطار حل شامل، وتوافر الإرادة والرغبة من قبل أكثر من طرف على تحييد المخيمات الفلسطينية عن الصراعات الإقليمية والمحلية، ورفع الغطاء عن كل من يتسبب في العبث بأمن واستقرار المخيمات”.

وأكد أن النقطة المركزية التي يجب التأكيد عليها دائما هي “تسليم من ارتكب الجرائم، باعتبارها مسألة محورية من شأنها أن تدفع إلى زيادة منسوب الثقة بين أكثر من طرف”.

ولفت إلى أن “هناك أطرافاً تعمل على توتير الأوضاع الفلسطينية، لتحقيق أهداف سياسية قد لا تكون فلسطينية، خاصةً في ظل الأزمة السياسية في لبنان، وتعدد أطرافها المحليون والإقليميون والدوليون”.

وعبّر كليب عن “قلق الجبهة الديمقراطية من قرارات وكالة “أونروا” التي أعلنت الجمعة تعليق جميع خدماتها داخل المخيم احتجاجا على استمرار وجود مسلحين في منشآتها بالمخيم بما في ذلك المدارس، مشددة على أنها “لا تتسامح إطلاقا مع أي انتهاك لحرمة وحياد منشآتها”.

وأكد على موقف “الجبهة الديمقراطية” بـ”رفض استخدام مقرات وكالة أونروا في أي أعمال مسلحة، داعياً إدارة أونروا إلى التعاطي بحكمة وعقلانية مع تداعيات الأحداث، ووضع نصب الأعين أن هناك من يتخذ من هذا الأمر ذريعة لرفع منسوب التحريض ضد وكالة أونروا وخدماتها”.

وطالب بـ”التواصل الدائم بين وكالة أونروا والمرجعيات الفلسطينية واللبنانية من أجل تحييد منشآت أونروا عن الأحداث الأمنية، وعدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تضر باللاجئين على نحو خاص وبمؤسسة أونروا بشكل عام”.

وفي 29 يوليو الماضي اندلعت اشتباكات في مخيم “عين الحلوة” استمرت عدة أيام بين مسلحين من فصائل إسلامية وقوات الأمن التابعة لحركة “فتح”، قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تشرف على تنفيذه لجنة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”.

وأسفرت الاشتباكات عن 14 قتيلا وأكثر من 60 جريحا في المخيم الذي تأسس عام 1948، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ يضم حوالي 50 ألف لاجئ مسجل بحسب الأمم المتحدة، بينما تفيد تقديرات غير رسمية بأن عدد سكانه يتجاوز 70 ألفا.

وأجبرت تلك الاشتباكات وكالة الأونروا على تعليق خدماتها في المخيم، يوم 30 يوليو الماضي، قبل أن تعيد استئنافها يوم 9 أغسطس الجاري، عقب توقف

العرب