إياد العناز
انطلقت يوم الثلاثاء 22 أب 2023 الدورة (15) لأعمال قمة (بريكس) في العاصمة (جوهانسبرغ) أكبر مدن جمهورية جنوب أفريقيا بمشاركة خمسة دول ذات اقتصاد مؤثر وطبيعة سياسية نافذة في المجتمع الدولي، ويضم التحالف (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا) ومشاركة (30) دولة أخرى و(67) شخصية سياسية رفيعة المستوى من قارة أفريقيا والجنوب العالمي مع (20) ممثل عن منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا.
تهدف المجموعة العمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتنمية والأمن الجماعي وإصلاح النظام العالمي والبحث عن بدائل تحقق توازن بين القوى العالمية الحالية.
تتميز هذه الدورة بتقديم طلب الانضمام إليها من قبل (20) دولة منها دول عربية وأفريقية وأسيوية، وطرحت فكرة تعزيز المجموعة وتوسيع الانتماء إليها للانتقال بفعاليتها وزيادة تأثيرها في دعم الاقتصاديات الناشئة وتوسيع دائرة وجودها في سوق الطاقة العالمية ولتحقق لها أهدافاً ميدانية تساهم في نفوذ اقتصادي وتأثير سياسي في المجتمع الدولي، حيث سبق للمجموعة وان عملت على إنشاء بنك التنمية لتوفير الإمكانيات المتاحة للقيام بتحويل مشاريع التنمية للبنى التحتية في البلدان النامية ومعالجة التحديات المشتركة بينها وبين الدول الساعية للانتماء إليها ومنها ( السعودية والإمارات والجزائر ومصر) وسد الفجوة بين الغرب وبقية العالم.
يبقى قرار قبول أعضاء جدد في المنظمة قراراً سياسياً خاصاً بقيادات الدول التي أنشأتها، فهناك تباين في الرأي بين الهند والصين حول توسيع دائرة القبول، فالأولى تتحسس من التوسع الذي تراه يؤثر على طبيعة حالة الانسجام داخل المجموعة في حين أن الصين تراه عاملاً مهماً وحافزاً للعمل الجماعي الذي يزيد من فاعلية المجموعة وتأثيرها الدولي الإقليمي.
تتميز (بريكس) بأنها تمثل 42٪ من سكان العالم و30٪ من مساحة اليابسة و24 ٪ من الناتج الاقتصادي العالمي وهي أرقام ونسب إحصائيات تدعم موقف الدول المشاركة فيها وتساهم في عملية التفاعل الاقتصادي والاستثمار المالي ودعم توجهات المجموعة نحو البناء والإعمار وإقامة المشاريع الاستراتيجية الكبرى وتوسيع دائرة العلاقات السياسية والتأثيرات في التجاذبات والتحالفات الدولية القائمة والانتقال إلى ترجمة القوة الاقتصادية التي تمتلكها إلى تأثير سياسي فعال يعمل على مواجهة نفوذ ومصالح مجموعة الدول السبع.
لهذا سعت المجموعة إلى مناقشة المواضيع ذات الاهتمام العالمي والتي تنعكس على مستقبل وديمومة المجتمعات البشرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الشعوب والحكومات في الدول النامية ودول العالم الثالث، ولهذا فهي دعت إلى إصلاح منظمة الأمم المتحدة وتطوير تأثيرها الدولي عبر العديد منظماتها ومنها منظمة الغذاء العالمي (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو وتعزيز دور مجلس الأمن الدولي ومنح مساحة معينة لمفهوم الديمقراطية في عمل ومنهجية المجلس، كما وأشارت إلى أن عملية البناء والتطور الحضاري تحتاج الابتعاد عن المنافسات ذات الأساليب العسكرية واستخدام القوة ولهذا فإن الحد من التسلح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل يشكل عاملاً فعالاً يعمل على تعزيز الأمن الجماعي والاستقرار الدولي الذي يساهم في دعم فرص التنمية المجتمعية وإقامة المشاريع الكبرى وزيادة الاستثمارات النافعة بالتمسك بقواعد منظمة التجارة العالمية وأليات العمل النزيه الذي يحقق الغايات الإيجابية من أجل بناء مجتمع رصين بأهداف واضحة وأساليب موجهة لتحقيق انسيابية ميدانية تعزز قواعد الأمن الغذائي لدول العالم ومنها النامية وحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها شعوب هذه الدول واتخاذ الخطوات الكفيلة برعاية الإنسان والاهتمام بحياته.
تمكنت المجموعة من الخروج بنتائج إيجابية في نهاية اجتماعها بتاريخ 24 أب ٢٠٢٣ تمثلت تخصيص مبلغ (10) مليار دولار لدعم مبادرات التنمية العالمية وتوسيع التعاون مع الدول الأفريقية ودعم فرص التنمية فيها ودعوة دول ( السعوديه والامارات ومصر والارجنتين إثيوبيا وايران) للإنضمام للمجموعة واعتبارهم أعضاء في منظمة (بريكس) من تاريخ الأول من كانون الثاني 2024، وهذا يعني أن المجموعة أصبحت الأن تشمل 46 ٪ من سكان العالم وتساهم في 7،2٪ من الناتج المحلي العالمي.
يمكن لنا أن نحدد أهم المعايير والأهداف المتحققة من انضمام أعضاء جدد إلى المجموعة والتي تتمثل في إيجاد أسواق جديدة لدول الانتماء الحديث ومنها إيران التي شكل قبولها دعماً سياسياً لنظامها بعد القرار الخاص بها بتسوية الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية وتنفيذ فعال لخطة العمل الشاملة المشتركة والذي حصل بتأثير واضح من قبل روسيا لدور طهران في الدعم العسكري لموسكو في حربها مع أوكرانيا وكذلك الصين لمساندة مساهمتها في الاتفاق السعودي الإيراني، وهذا يعني منح وإعطاء مسار جديد ودور إقليمي للايرانيين ليعزز مكانتهم وعلاقتهم مع دول العالم.
وفي جانب انضمام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة فإنها ستحقق انتقالة كبيرة ومساهمة فعالة وتأثير للمجموعة في سوق الطاقة العالمي وسيكون لها دوراً محورياً أكثر رسوخاً في فعلها الميداني على المنظومة الاقتصادية الغذائية العالمية وهذا الأمر يشكل قلقاً للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية كون (بريكس) ستحتل المركز الأول عالميا من ناحية الاقتصاد والمال، وإضافة الارجنتين وإثيوبيا يعني رسم جديد لخارطة النظام الدولي والانعتاق من من هيمنة الدول الغربية وسيطرتها واستغلالها ومن ثم إعادة تنظيم المؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية وفق أسس وقواعد العدالة الاجتماعية وضمان حقوق الشعوب.
إن عملية التوسع في مجموعة (بريكس) سيؤدي الي زيادة فرص المستثمرين استقطاب العديد منهم والقدرة على مواجهة العقوبات الدولية التي تواجه اي عضو من أعضاء المجموعة مستقبلاً بتكاتف وتعاضد وتعاون جميع الدول المساهمة فيها وسيكون دورها فاعلاً ومؤثراً تجاه أي تكتلات سياسية واقتصادية دولية وإقليمية تحدث الأن او في المستقبل خاصة وان هناك العديدمن دول العالم الراغبين بالانضمام إليها والتي تشكل حالة إيجابية تساعد على تطوير المجموعة والانتقال بها من قوة إقتصادية الي قوة سياسية مؤثرة.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية