مصر تذهب إلى انتخابات الرئاسة بملف اقتصادي مثقل لا أحد يتحدث عنه

مصر تذهب إلى انتخابات الرئاسة بملف اقتصادي مثقل لا أحد يتحدث عنه

القاهرة – حددت مصر الاثنين موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في ديسمبر القادم، لكن الأمر الأكثر جلبا للاهتمام هو تجاهل غالبية المرشحين المحتملين للملف الاقتصادي الذي يشغل المواطنين، فهو بحاجة إلى برامج واضحة للتعامل مع الأزمات المعيشية المحتدمة.

وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر الاثنين موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وأعلنت الجدول الزمني المحدد لعقدها داخل البلاد في 10 و11 و12 ديسمبر المقبل، ويسبقها اقتراع المصريين في الخارج مطلع الشهر ذاته لمدة ثلاثة أيام، وسوف تنتهي إجراءات الانتخابات وإعلان النتيجة النهائية قبل 17 يناير المقبل.

ورغم إعلان ستة مرشحين عزمهم الترشح للانتخابات، من بينهم ثلاثة من المحسوبين على المعارضة، لم يحظ الملف الاقتصادي بتركيزهم خلال الفترة الماضية، واقتصر الاهتمام على ضمانات نزاهة الانتخابات، ومدى قدرتهم على جمع التوكيلات المطلوبة للترشح أثناء المدة الزمنية القصيرة المحددة، وموقف الحركة المدنية من دعم أي منهم، وجميعها نقاط تطلبت وقتا وتشكل أهمية بالغة بالنسبة إلى المواطنين.

ولم يوضح أي من المرشحين المحتملين، بمن في ذلك الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، كيف يتم تجاوز الأزمة الاقتصادية عقب إرجاء مراجعة صندوق النقد الدولي وارتفاع معدلات الديون الخارجية، وانحدار قيمة الجنيه وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار.

وواضح أن الرئيس السيسي بات مقتنعا الآن بأن لا دعم مجانيا سيأتيه من أحد يساعده على حشد التأييد في مصر كما حصل في السابق حين حصل على دعم جلي من دول الخليج، وأن زيارته الأخيرة إلى أبوظبي ربما كانت آخر أمل لتحصيل مثل هذا الدعم.

واستبعد مراقبون أن تُقدم مصر على اتخاذ إجراءات اقتصادية قبل الانتخابات الرئاسية، مثل تخفيض قيمة الجنيه أو فرض إجراءات تقشفية، خشية اندلاع اضطرابات شعبية.

وفي حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار وقعتها مصر مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي، وافقت الحكومة على السماح بتعويم حر للعملة والإسراع ببيع أصول الدولة للحد من العجز في ميزانيتها وفي ميزان معاملاتها الجارية.

وتقود أحزاب موالية ونقابات مهنية وعمالية حملات كبيرة تؤيّد ترشح السيسي لفترة رئاسية ثالثة، ومن المنتظر أن يُعلن عن ترشحه رسميا في الأيام المقبلة بعد الإعلان عن الجدول الزمني للانتخابات.

ويبدو من الواضح أن الاقتصاد المصري المثقل بالمشكلات أكبر من طاقات مرشحي المعارضة، ما يمنح السيسي فرصة إكمال فترة رئاسية جديدة تستمر حتى عام 2030.

وأشارت مصادر مصرية لـ”العرب” إلى أن جهات رسمية تنوي الإعلان عن معالجات قد تسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على الأوضاع المعيشية، وأن استمرار السيسي سوف يساعد على تنفيذ خطط إصلاحية جديدة.

وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار وليد حمزة عن فتح باب تلقي طلبات الترشح خلال الفترة ما بين 5 و14 أكتوبر المقبل، على أن يتم إعلان القائمة النهائية لأسماء المرشحين وبدء الحملات الانتخابية في الفترة ما بين 9 نوفمبر المقبل ونهايته بالنسبة إلى انتخابات الخارج وتستمر حتى التاسع من ديسمبر في الداخل.

وقال رئيس كتلة الحوار، وهو تحالف سياسي انبثق عن الحوار الوطني وقريب من المعارضة، باسل عادل إن الجدول الزمني جاء في إطار المتوقع وما جرى تسريبه مؤخرا، وإن المرشحين المحتملين وضعوا في اعتبارهم أن عليهم الإعداد لخوض المعركة الانتخابية قبل 17 يناير المقبل، أي مع انتهاء مدة الإشراف القضائي على الانتخابات وفقًا للدستور المصري في اليوم السابق.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن المرشحين المحتملين سيواجهون صعوبة في جمع 25 ألف توكيل من 15 محافظة مختلفة في فترة زمنية وجيزة (عشرة أيام)، وأن الهيئة الوطنية للانتخابات كان عليها أن توضح ما إذا كان يمكن البدء بشكل مبكر في جمع التوكيلات أم الانتظار لحين بدء تلقي طلبات الترشح، وأن فترة الدعاية الانتخابية قصيرة مقارنة بكون الاستحقاق المقبل رئاسيا.

وأكد أن الانتخابات، بما تكتسيه من أهمية، تجعل مطالبة الأحزاب بإشراف المنظمات الدولية عليها أمرا منطقيًا وفي سياقه المشروع لأي استحقاق ديمقراطي، غير أن جهات أمنية تتوجس من أن يتم توجيه تلك المراقبة إلى خدمة جهات معادية، وبالتالي يبقى التجاوب الإيجابي من خلال السماح بقدوم المنظمات التي لا تطالها شبهة الانتماء السياسي كي لا تترك تأثيراً سلبيًا على الصورة العامة للانتخابات، لأنها قد تخضع في ذلك الحين للتشكيك في نزاهتها.

وتجد تيارات معارضة نفسها في مأزق إثر دعوة الهيئة الوطنية للناخبين لأنها لم تخاطب هؤلاء بشأن القضايا التي تشغلهم، وركزت معركتها الأساسية مع الحكومة المصرية والجوانب السياسية لتضمن تمثيلاً مشرفًا في ظل أجواء عامة تجعل من الصعب أن تحقق المعارضة مفاجآت، ما يجعل السباق الانتخابي يتحول من مبارزات فكرية وبرامجية للمرشحين إلى مشاحنات بين المعارضة والحكومة.

وطالبت أحزاب المعارضة بأن يتواجد لها مندوب إلى جانب كل صندوق انتخابي، وهو أمر قد يصعب تحقيقه مع وجود ما يقرب من 10 آلاف صندوق انتخابي، ما دفع البعض إلى مطالبة جهات حكومية بالمساعدة على توفير مندوبين يمكنهم أن يشاركوا في مراقبة الانتخابات.

وأكدت النائبة في البرلمان المصري وعضو الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض) مها عبدالناصر أن الهيئة المشرفة على الانتخابات أعلنت جدول انتخابات مضغوطًا، والتعويل على أن المرشحين المحتملين بدأوا ترتيب أوراقهم مبكرا، وسوف يتمكنون من تقديم أوراق ترشحهم في الفترة المحددة.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن المرشحين المحتملين دشنوا بالفعل حملاتهم الدعائية من خلال تعريف الناخبين برؤيتهم العامة لإدارة الدولة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأن الفترة المقبلة ستكون شاهدة على الدخول في تفاصيل البرامج وكيفية التعاطي مع الأزمات العديدة التي تجابهها الدولة المصرية.

ولفتت إلى أن حزبها من المقرر أن يعقد مؤتمرا صحفيًا موسعًا الأسبوع المقبل وينظم لقاءات جماهيرية عديدة لتدشين الحملة الانتخابية والبرنامج الانتخابي بشكل رسمي، وأن الهيئة الوطنية للانتخابات وفرت الحد الأدنى من الضمانات التي طالبت بها المعارضة في السابق، وهو ما يساعد على تكثيف المشاركة في هذه الانتخابات.

وقال المستشار وليد حمزة إن الهيئة الوطنية للانتخابات حددت يوم 18 ديسمبر المقبل موعدا لإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية ونشرها في الجريدة الرسمية، وإذا أُجريت جولة إعادة للعملية الانتخابية سيكون إعلان نتيجة الانتخابات النهائية ونشرها بالجريدة الرسمية في موعد أقصاه 16 يناير المقبل.

وأعلنت ست شخصيات نيتها الترشح لانتخابات الرئاسة، هي: عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد الليبرالي، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري (مؤيد للحكومة)، وأحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي (مؤيد للحكومة)، وأحمد الطنطاوي رئيس حزب تيار الكرامة السابق (معارض)، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض)، وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور (معارض).

العرب