واشنطن – يعتمد منتجو النفط في أميركا اليوم أقل عدد من منصات الحفر منذ أكثر من عام ونصف العام، لكن من المتوقع أن يصل إنتاج النفط الخام الأميركي إلى مستوى قياسي شهري ببلوغه 13 مليون برميل يوميا، وفقا لتقديرات شركة ريستاد إنرجي. وشهد نمو الإنتاج تباطؤا بسبب الانضباط الذي أظهره منتجو الصخر الزيتي في الولايات المتحدة في العامين الماضيين. لكن الزيادة البطيئة تسمح للإنتاج بالارتفاع.
وسيتطابق الرقم القياسي الشهري المتوقع مع الإنتاج القياسي المسجل في نوفمبر 2019، وهو الشهر الآخر الوحيد الذي بلغ فيه إنتاج الولايات المتحدة 13 مليون برميل يوميا. وسبق الرقم القياسي حينها الوباء كوفيد – 19 الذي شلّ الطلب، وأغرق أسعار النفط، وخفض الإنتاج في جميع المجالات.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام الأميركي بنسق أكبر إلى نهاية 2023، حيث يقدر إنتاج أكتوبر والربع الرابع من السنة الحالية بمتوسط 13 مليونا إلى 13.1 مليون برميل يوميا، وفقا لتحليل ريستاد إنرجي المستند إلى الملفات التنظيمية وصور الأقمار الاصطناعية والتدفقات عبر الأنابيب.
وتقول تسفيتانا باراسكوفا في تحليل على موقع أويل برايس الأميركي إن الإنتاج الأميركي ينمو ويعوض جزءا من تخفيضات أوبك + حتى بوتيرته الأبطأ. لكن تخفيضات العرض السعودية والروسية المتواصلة قد تؤدي إلى تشديد سوق النفط العالمية أكثر مما كان متوقعا في السابق.
وقال ألكسندر راموس بيون، وهو رئيس أبحاث الصخر الزيتي في شركة ريستاد إنرجي، لصحيفة وول ستريت جورنال، إن إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة “لا ينمو بالسرعة التي كان عليها من قبل. لكن هذا لا يعني تراجع النفط الصخري”.
وحسب راموس بيون وريستاد إنرجي، تشير جميع الدلائل إلى استمرار نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة، رغم أن النمو لا يزال أبطأ مما كان عليه قبل انتشار كوفيد-19. كما تنتج شركات النفط الصخري المزيد من النفط والغاز، وتجاوزت حتى بعض التوقعات المتشككة في وقت سابق من هذا العام رغم تراجع منصات الحفر النشطة.
وأكّدت أحدث بيانات بيكر هيوز انخفاض إجمالي عدد منصات الحفر في الأسبوع الماضي إلى 630، وهو أقل عدد من منصات الحفر النشطة منذ الرابع من فبراير 2022. وتقلّص عدد منصات النفط بمقدار 8 الأسبوع الماضي لتصل إلى 507، وبلغ هذا التراجع 114 حتى الآن خلال سنة 2023. لكن الشركات الكبرى (بما في ذلك شيفرون، وإكسون، وكونوكو فيليبس، وبيونير للموارد الطبيعية) أعلنت عن إنتاج قياسي للثلاثية الثانية في حوض بيرميان أو رفعت تقديراتها لسنة 2023 بأكمله، أو كليهما معا.
وقال توني تشوفانيك، نائب الرئيس الأول لشركة إنتربرايز برودكتس بارتنرز، إن المؤسسة تتلقى رسائل متفائلة من المنتجين حول نشاطهم. وأخبر المحللين “انظروا إلى ما يقوله المنتجون خلال الربع الثاني. لا يروي أحد قصة سيئة. إن الجميع متفائلون”. وأصبحت الكفاءة في العمليات والإنفاق الرأسمالي الآن هي الأهم في مجال الصخر الزيتي، وتحاول الشركات إثبات ذلك من خلال حفر آبار أطول.
ورفعت إدارة معلومات الطاقة هذا الشهر توقعاتها لإنتاج النفط الخام الأميركي لعامي 2023 و2024. وتتوقع أن يسجل الإنتاج السنوي أرقاما قياسية خلال السنتين. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج النفط الخام الأميركي 12.78 مليون برميل يوميا في 2023 و13.16 مليون برميل يوميا في 2024، بما يشكل ارتفاعا من 12.76 مليون برميل يوميا خلال السنة الحالية و13.09 مليون برميل يوميا خلال السنة المقبلة، في توقعات الطاقة قصيرة المدى لشهر أغسطس.
كما أن من المقرر أن تقود الولايات المتحدة نمو الإنتاج من خارج أوبك +، الذي من المتوقع أن يبلغ مليوني برميل يوميا في 2023. ومن المنتظر أن يصل أيضا إلى معدل 1.3 مليون برميل يوميا في 2024، بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وغويانا، حسب إدارة معلومات الطاقة. وحددت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها عن سوق النفط لشهر سبتمبر أن ارتفاع إنتاج النفط الخام من دول خارج تحالف أوبك+ خلال السنة الحالية تمكن من تعويض جزء من تخفيضات الكارتل حتى الآن.
وتابعت الوكالة “لكن خسارة إنتاج أوبك +، بقيادة المملكة العربية السعودية، ستؤدي إلى نقص كبير في الإمدادات خلال الربع الرابع من العام”. وتقول السعودية وأعضاء آخرون في أوبك +، الذي يضم دول أوبك ومنتجين من خارجها من بينهم روسيا، إنهم يسعون لمنع التقلبات وليس استهداف سعر معين للنفط.
◙ ارتفاع إنتاج النفط من دول خارج تحالف أوبك+ خلال السنة الحالية تمكن من تعويض جزء من تخفيضات الكارتل حتى الآن.
ويتهم الغرب روسيا باستغلال الطاقة كسلاح، واختلاق أزمة في أوروبا قد تضطر معها إلى تقنين الغاز والكهرباء هذا الشتاء. وفي المقابل، تتهم موسكو الغرب باتخاذ الدولار والأنظمة المالية – مثل سويفت – سلاحا ردا على إرسال روسيا قوات إلى أوكرانيا. ومن شأن أي تخفيضات أن تؤدي إلى توترات مع الدول المستهلكة الرئيسية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، التي تحاول محاربة التضخم عن طريق زيادة تكاليف الاقتراض.
وتبقى لهذه المخاوف بالنسبة للولايات المتحدة تداعيات اقتصادية. ويكمن السبب الاقتصادي في أن كل تغيير قدره 10 دولارات للبرميل في سعر النفط الخام يؤدي تاريخيا إلى تغير يتراوح بين 25 و30 سنتا في سعر غالون البنزين. ومقابل كل سنت واحد يرتفع متوسط سعر غالون البنزين فيه، تُسجّل خسارة أكثر من مليار دولار سنويا من الإنفاق الاستهلاكي، ويعاني الاقتصاد الأميركي بسبب ذلك.
ووصفت واشنطن إجراء أوبك+ بأنه إجراء غير مستحسن. كما انتقد الغرب مرارا أوبك لما يعتبره تلاعبها بالأسعار وانحيازها لروسيا رغم الحرب في أوكرانيا، فيما تدرس الولايات المتحدة إصدار تشريع يُعرف باسم “نوبك” والذي من شأنه أن يسمح بمصادرة أصول أوبك على الأراضي الأميركية إذا ثبت وجود تواطؤ في السوق.
وتبقى آلية قطع جزء كبير من عائداتها النفطية من خلال التدمير الفعال لشركة أرامكو السعودية موجودة في الولايات المتحدة في شكل مشروع قانون “منع كارتلات إنتاج وتصدير النفط” (نوبك). ويمكن لهذا التشريع أن يفتح الطريق أمام مقاضاة الحكومات ذات السيادة بسبب التسعير الجائر وأي فشل في الامتثال لقوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة.
وتعدّ أوبك اتحادا احتكاريا بحكم الأمر الواقع، والسعودية زعيمته الفعلية، وأرامكو هي شركة النفط الرئيسية في المملكة. ويعني سن قانون نوبك أن التداول في جميع منتجات أرامكو السعودية (بما في ذلك النفط) سيخضع لتشريعات مكافحة الاحتكار، مما يعني حظر المبيعات بالدولار. وسيعني ذلك أيضا تفكك أرامكو في نهاية المطاف إلى شركات أصغر حجما غير قادرة على التأثير على أسعار النفط.
العرب