حروب العصابات في السويد تخفي أذرعا للنزاع بين الأكراد وأنقرة

حروب العصابات في السويد تخفي أذرعا للنزاع بين الأكراد وأنقرة

ستوكهولم- تثير جرائم العصابات في السويد الكثير من المخاوف لدى النرويج وفنلندا والدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية من أن تكون ساحة صراع تستخدم فيها الرشاشات والقنابل.

وقال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في خطاب متلفز “لا يمكنني التأكيد بما فيه الكفاية على مدى خطورة الوضع. لم تشهد السويد شيئا كهذا من قبل. لا توجد دولة أخرى في أوروبا ترى أيّ شيء من هذا القبيل حاليا”.

وتعهدت الحكومة السويدية بأنها سوف تفسح المجال أمام الجيش لتقديم مساعدة أكبر إلى الشرطة في مكافحة موجة الجريمة التي تعصف بالبلاد، وخلفت العشرات من القتلى، كان 12 منهم سقطوا في الشهر الماضي وحده.

ويحظر قانون السويد في الوقت الحالي مساعدة الجيش للشرطة في أيّ موقف يكون فيه استخدام القوة ضروريا فيما عدا حالات الهجمات الإرهابية أو الحروب.

◙ السويد تواجه أخطر وضع أمني داخلي منذ الحرب العالمية الثانية حيث تنخرط عصابات المخدرات المهاجرة في صراع دموي

ولم تقدم الحكومة السويدية سوى إشارات محدودة على أن معظم هذه الجرائم يتم ارتكابه من قبل مهاجرين، بينهم أكراد إما معارضون للنظام التركي، وإما موالون له، ويقومون بتصفية حساباتهم على الأراضي السويدية.

ولكن كريسترسون أقر بأن “السذاجة السياسية والجهل هما اللذان أتيا بنا إلى هنا”، قبل أن يضيف “إنها سياسة هجرة غير مسؤولة وجهود اندماج فاشلة أوصلتنا إلى هنا. فالإقصاء الاجتماعي والمجتمعات الموازية تغذي العصابات الإجرامية. هناك يمكنهم تجنيد الأطفال بلا رحمة وتدريبهم كقتلة في المستقبل”.

وفي حين تتهم أنقرة ستوكهولم بأنها تؤوي إرهابيين من أعضاء حزب العمال الكردستاني، فإن المخابرات التركية تجند عناصر لملاحقتهم، مما يبرر الاعتقاد بأن “عصابات الجريمة” لا تتخذ شكلا واحدا، كما أن غاياتها لا تقتصر بالضرورة على تجارة المخدرات. إذ يمكنها أن تجمع بين أغراض متعددة، أو تغطي واحدة منها بأخرى.

وتعرقل تركيا طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي قائلة إن ستوكهولم “في حاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد الإرهابيين الأكراد”.

لكن تقريرا لصحيفة “فايننشال تايمز” ذكر أن “البعض في السويد يقولون إن حكومتهم يجب أن تثير مع السلطات في أنقرة قضية المجرمين السويديين الذين لجأوا إلى تركيا”، وهذه إشارة طفيفة إلى أن بعض المجرمين يحظون بحماية السلطات التركية.

وكشف كريسترسون بأن الحكومة تلقت عروضا للمساعدة من نظرائها في النرويج وفنلندا والدنمارك لأنهم لا يريدون “أن تطأ جريمة العصابات السويدية” أرض بلادهم.

ويقول مراقبون إن السويد تحولت إلى مركز لجوء رئيسي للأكراد، وهو الأمر الذي يثير حفيظة أنقرة. فعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من المهاجرين لا يقومون بأنشطة غير مشروعة من وجهة نظر القوانين، إلا أنه حتى النشاطات الدعائية السلمية تعد مصدر قلق بالنسبة إلى أنقرة.

وبينما لا تجد ستوكهولم سبيلا لملاحقة الأكراد بسبب أنشطتهم السياسية السلمية، فإن أنقرة لا تستطيع من جانبها أن تطالب بوقف هجرة الأكراد إلى السويد، مما يدفعها بالتالي إلى التذرع بأنها تقدم المأوى لإرهابيين، وتطالب بتسليمهم، بينما ترفض من جانبها تسليم “رجال العصابات” الذين يلجؤون إليها.

ومثلما تقيد القوانين يد السلطات الحكومية في مراقبة النشاطات السياسية والثقافة وتمنع تجريمها، فإن هذه السلطات تجد صعوبة إضافية في أنها لا تستطيع استخدام الجيش في أداء مهمات هي من صلب مسؤولية أجهزة الشرطة.

وعقب اجتماع مع قادة الشرطة والقوات المسلحة قال كريسترسون “إن الجيش والشرطة سيُكلفان الآن رسميا باستكشاف سبل للتعاون، وإن كل شيء مطروح على الطاولة”. وأضاف “يجب أن نهزم العصابات… وسنفعل ما هو ضروري لاستعادة النظام في السويد”.

وقال أندرس ثورنبرغ قائد الشرطة السويدية إن الجيش يمكن أن يساعد في المراقبة والخدمات اللوجستية بما في ذلك الشاحنات وتحليل البيانات.

وأصبحت حوادث إطلاق النار تقع على أساس يومي تقريبا في السويد، بعضها ينفذه مراهقون، مع إنحاء اللائمة في معظم أعمال العنف على العصابات.

وتدور مجالات التعاون الأخرى حول تقنية المعلومات المختصة بعلم الأدلة الجنائية والخبرات في ما يتعلق بالمتفجرات والتحليل، وهو أمر ممكن بموجب القوانين الحالية، ولا يستدعي ظهور القوات المسلحة في مناطق الهجمات.

ومع ذلك يجد رئيس الوزراء المنتمي ليمين الوسط أنه قد لا يجد مفرا من النظر في تغيير القانون للسماح للقوات المسلحة بتقديم المزيد من المساعدة.

◙ في حين تتهم أنقرة ستوكهولم بأنها تؤوي “إرهابيين أكرادا”، فإن المخابرات التركية تجند عناصر لملاحقتهم

ودعّم الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، الذي تولى السلطة من 2014 حتى 2022، فكرة تجنيد الجيش لحماية المباني الحكومية ومساعدة الشرطة بالتحقيق في أعمال العنف.

ويقول قادة الشرطة إن السويد تواجه أخطر وضع أمني داخلي منذ الحرب العالمية الثانية حيث تنخرط عصابات المخدرات المهاجرة في صراع دموي.

وتعتقد الشرطة أن العصابات تستخدم الأطفال بشكل متزايد لارتكاب الجرائم، لأن أولئك الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما غالبا ما يفلتون من العقاب أو يتلقون أحكاما مخفّضة من المحاكم.

وكان العام الماضي سجل رقما قياسيا لعدد حوادث إطلاق النار المميتة في السويد. وباتت نشرات الأخبار السويدية تمتلئ بإحصاء يومي لعمليات إطلاق النار والهجمات بالقنابل. وبحسب ثورنبرغ، فإن إحدى المعارك التي جرت مؤخرا بدأت بقتل أقارب أفراد العصابة والمارة الأبرياء وكذلك المتورطين في نشاط العصابات.

العرب