ترامب يتقدم: هل يدفع بايدن ثمن جرائم الحرب الإسرائيلية؟

ترامب يتقدم: هل يدفع بايدن ثمن جرائم الحرب الإسرائيلية؟

رغم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يصارع أمام القضاء في 91 تهمة جنائية ضمن 4 لوائح اتهامات، فإن استطلاعات رأي عديدة أجريت مؤخراً في الولايات المتحدة تسجّل تفوّقه على الرئيس الحالي جو بايدن في حال فوزه ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية. ففي استبيان أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع جامعة سيينا، اتضح أن ترامب يتقدم على بايدن بفارق يتراوح بين 4 إلى 10 نقاط في أريزونا وجورجيا ومشيغان ونيفادا وبنسلفانيا، وجميعها ضمن الولايات المتأرجحة التي لن تشهد التنافس الأشد في الانتخابات المقبلة فقط، بل إن بعضها كفيل بترجيح مرشح على آخر.
الأعلى دلالة ولعله الأخطر في نتائج استطلاع الرأي الأخير هذا أن بايدن لا يتقدم على ترامب إلا بفارق نقطة واحدة لدى الناخبين الذين تقلّ أعمارهم عن 30 سنة، وهم «الجيل الألفي» مواليد مطلع الألفية الجديدة ويتفق خبراء الانتخابات في أمريكا على أنهم الكتلة الانتخابية الأبرز للحزب الديمقراطي، بينما كان بايدن قد حقق نسبة تقدم على ترامب قاربت 33٪ لدى الشريحة العمرية ذاتها في انتخابات 2020. أكثر من ذلك تشير معطيات أخرى إلى أن ترامب يحظى بتأييد 22٪ من الناخبين الملونين والأفرو ـ أمريكيين خصوصاً، مقارنة بنسبة لم تتعد 8٪ في الرئاسيات السابقة.
وإذا كانت القضايا المحورية التي تحرّك دوافع الناخب الأمريكي تدور حول الاقتصاد والديمقراطية والإجهاض والأمن القومي والهجرة، فإن السياسة الخارجية ليست أقل تأثيراً في تكييف الميول تجاه المرشحين الديمقراطي والجمهوري، وهذا الملف الأخير يتصدره حالياً الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عموماً والحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة خصوصاً. ومن هنا يرجح مراقبون كثر أن يدفع بايدن ثمناً انتخابياً باهظاً جراء سياسته المعلنة في الانحياز التام لدولة الاحتلال، وسكوته عن جرائم الحرب الإسرائيلية، وانجراره إلى استحضار ذاكرة الهولوكوست مقابل التشكيك في أعداد ضحايا القصف الإسرائيلي.
ويضرب هؤلاء مثالاً في ولاية مشيغان المتأرجحة التي ظلت على الدوام حاسمة في انتصار مرشحي الحزب الديمقراطي، لكنها اليوم تشكل لهم تحدياً جدياً بالنظر إلى وجود أكثر من 300 ألف مواطن من أصول عربية، إضافة إلى قرابة نصف مليون طالب جامعي قيد التخرّج سوف يشكلون جيشاً انتخابياً مناهضاً لترشيح بايدن. صحيح بالطبع أن ناخبي الولاية لن يجدوا البديل عند ترامب، وخاصة في مسائل السياسة الخارجية والانحياز الأعمى لدولة الاحتلال، ولكن خياراتهم الأخرى سوف تتراوح بين حجب أصواتهم أو الإقبال على بدائل مثل ثنائي روبرت كنيدي الابن والأكاديمي الأفرو ـ أمريكي كورنل وست اللذين تؤكد استطلاعات الرأي تزايد تفضيل الناخبين الشباب لخوضهما انتخابات 2024 بديلاً عن ثنائي بايدن/ ترامب.
وقد تكون استطلاعات الرأي هذه مبكرة والمتغيرات الداخلية الأمريكية كفيلة بتعديلها، لكن بعض معطياتها الراهنة تتوطد يوماً بعد آخر، خاصة لجهة ميول الناخبين الشباب والضغوطات المتزايدة للرأي العام والقوى الحقوقية والمجموعات التقدمية. وليست بوادر المتغيرات الخجولة في مواقف البيت الأبيض تجاه الوحشية الإسرائيلية سوى العلامات الأبكر على استشعار عواصف الانتخابات الرئاسية في مثل هذه الأيام من السنة المقبلة.