روسيا تمضي في الهيمنة على إمدادات الحبوب عالميا

روسيا تمضي في الهيمنة على إمدادات الحبوب عالميا

موسكو – تتطلع روسيا إلى الحفاظ على استمرار حصتها الموسمية من صادرات الحبوب عند مستوى مرتفع، وهي إشارة يقول خبراء إنها من غير المرجح أن تقلص شحناتها خلال الفترة المقبلة بعد تحقيق حصاد وفير آخر من القمح.

ولم تحدد النائب الأول لوزير الزراعة أوكسانا لوت في تصريحات نقلتها وكالة أنترفاكس الروسية الأربعاء مقدار الحصة المخصصة للقمح، لكنها أكدت أن بلادها ستحافظ على حصة تصدير الحبوب التي تُقدر بنحو 24 مليون طن للنصف الثاني من الموسم.

ومع الفوضى في السياسة الداخلية الروسية بعد إحباط التمرد العسكري قبل أشهر، وتضرر مكانة موسكو الدولية نتيجة للحرب على أوكرانيا، ما زالت الحبوب مصدرا أساسيا للنفوذ، ووسعت موسكو دائرة سيطرتها على السوقين المحلية والخارجية.

وقال ديمتري ريلكو، مدير شركة آي.كي.أي.آر للاستشارات ومقرها في موسكو، إن “حجم الحصص وفير للغاية”، لافتا إلى أن هذا يعني أنه من غير المرجح أن تقلص روسيا الصادرات.

ورغم اعتماد روسيا في السابق على الحصص لدعم إمدادات الحبوب المحلية، فإن تكرارها لتطبيق الحد الأقصى الكبير الذي قدمته لعام 2022 يعني أنه لم يكن هناك تأثير يُذكر على الأسواق العالمية.

ويرى خبراء أن هذا يعكس محصولاً ضخماً آخر لدولة عززت مكانتها كمصدّر أول للقمح في العالم بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

وقال المحلل مارك شامبيون في مقال رأي نشرته وكالة بلومبرغ مؤخرا إن “الرئيس فلاديمير بوتين نجح بإنهاء اتفاق سمح لأوكرانيا بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب عن طريق البحر الأسود”. وأضاف “لقد أضعف اقتصاد عدوه ودق إسفيناً بين الحلفاء المقربين المناهضين له، كل ذلك من دون أن تفقد روسيا دعم دول جنوب الكرة الأرضية”.

وأدت الحرب في شرق أوروبا بما في ذلك حصار وقصف الموانئ إلى عرقلة صادرات أوكرانيا من المواد الغذائية. وعلى النقيض من ذلك، تجاوز التجار الروس التحديات المالية واللوجستية التي واجهها البعض في أعقاب الغزو وذلك من حيث تسليم شحنات قياسية. وتشمل حصة التصدير الروسية شحنات من مناطق في أوكرانيا تسيطر عليها القوات الروسية.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء إن “جهود الأمم المتحدة لإعادة إحياء مبادرة حبوب البحر الأسود لم تسفر عن نتائج حتى الآن”.

وانسحبت روسيا في يوليو الماضي من الاتفاق الذي كان يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب بأمان عبر موانئها على البحر الأسود رغم الحرب. ومنذ ذلك الحين شنت موسكو أكثر من هجوم على الموانئ ومنشآت التخزين الأوكرانية، وتقول كييف إنها دمرت مئات الآلاف من الأطنان من الحبوب.

وتقول موسكو إنها انسحبت من الاتفاق لأن الحبوب لم تكن تصل إلى الدول الأكثر فقرا ولأن صادراتها من الحبوب والأسمدة ظلت تواجه عوائق.

وتشكل قوة روسيا المتزايدة في السوق جزءا من مجهود أوسع، فقد انسحبت منها شركات التجارة العالمية، مثل شركة كارغيل بعد أن تعرضت إلى ضغوط لإخلاء الساحة للشركات المحلية.

وأدت تلك التغيرات إلى إعطاء القوى المحلية مزيدا من السيطرة، وهو ما قد يسهّل على الشركات المحلية شحن الحبوب المزروعة في الأراضي الأوكرانية المحتلة، وييسر على موسكو التأثير على الأسعار. ولا توجد عقوبات مباشرة على محاصيل روسيا الزراعية، لكن العقوبات على البنوك أفضت إلى مشكلات في التمويل واللوجستيات لشركات تصدير الحبوب.

وزادت جرأة روسيا في استعراض قوتها، وسعت إلى فرض حد أدنى لأسعار الصادرات. وكشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبرغ في يوليو الماضي أن موسكو سعت في يونيو 2023 لإقرار حد أدنى قيمته 240 دولاراً للطن. ويهدف الحد الأدنى لمساعدة المزارعين الذين عانوا في صيانة الجرارات والحصول على العمالة في ظل انتشار القوات على نطاق واسع بسبب الحرب.

العرب